تنزيل
0 / 0
2086617/11/2017

يسأل : ما الحكمة من تحريم تأخير صلاة الفجر إلى بعد شروق الشمس ؟

السؤال: 265885

ما الحكمة في كراهية أو حرمة تأخير صلاة الفجر بعد شروق الشمس ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

فرض الله سبحانه وتعالى خمس صلوات في اليوم والليلة ، وجعل لكل صلاة منها وقت بداية وانتهاء ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ) النساء/103

وجعل وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الصادق إلى شروق الشمس ، فيجوز للمسلم أن يصليها أول الوقت أو وسطه أو آخره ، ويحرم عليه أن يؤديها بعد ذلك أو قبله .

قال صلى الله عليه وسلم (وَوَقْتُ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ) رواه مسلم (612) .

ولا يأمر سبحانه وتعالى بأمر إلا وله فيه الحكمة البالغة ، علمها من علمها ، وجهلها من جهلها ، فمن هذه الحكم ، وهو أولها :

– تمييز المطيع المؤمن المصدق بوعد الله ، من العاصي المكذب المستريب ، ليستحق الجنة الطائعون ، ويستحق النار العاصون .

– ومن الحكم : أن الله جعل الصلوات الخمس مؤقتة بأوقات متفرقة في اليوم والليلة ؛ ليكون العبد على صلة بربه طيلة اليوم .

قال ابن القيم :

“لما كان العبد ، خارج الصلاة ، مهملاً جوارحه قد أسامها في مراتع الشهوات والحظوظ ؛ أُمِر بالعبودية والإقبال بجميع جوارحه وحواسه وقواه لربه عز وجل ، واقفاً بين يديه ، مقبلاً بكله عليه، معرضاً عمن سواه ، متنصلاً من إعراضه عنه ، وجنايته على حقه .

ولما كان هذا طبعه ودأبه ؛ أُمر أن يجدد هذا الرجوع إليه والإقبال عليه ، وقتاً بعد وقت ، لئلا يطول عليه الأمد فينسى ربه ، وينقطع عنه بالكلية ، وكانت الصلاة من أعظم نعم الله عليه وأفضل هداياه التي ساقها إليه” انتهى من “شفاء العليل” (ص230) .

وليس هناك خصوصية للسؤال عن الفجر دون غيره ، فجميع الصلوات لها وقت محدد يجب أداؤها فيه ، كما أمر الله به عباده ، وشرعه لهم .

قال الشيخ ابن عثيمين :

“فإن الله تعالى فرض على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة مؤقتة بأوقات اقتضتها حكمة الله تعالى ، ليكون العبد على صلة بربه تعالى في هذه الصلوات مدة هذه الأوقات كلها ، فهي للقلب بمنزلة الماء للشجرة تُسقى به وقتاً فوقت ، لا دفعة واحدة ثم ينقطع عنها” انتهى من “مقدمة رسالة أحكام مواقيت الصلاة للشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله .

ولو رُخّص للعبد في تأخير الفجر ؛ لضاعت عليه هذه الحكمة ، خاصة وأن صلاة الفجر تأتي بعد فاصل طويل بينها وبين العشاء .

– ولعل من الحكم في عدم الترخيص في تأخيرها ، إعانة المسلم على اغتنام الوقت المبارك للذكر قبل طلوع الشمس ، وإدراك البركة في التبكير لطلب الرزق ، وتعويد النفس على النشاط ، والتغلب على الكسل ، حيث إن النفس لا تنشط للقيام حتى تتشبع بالنوم والراحة ، أو ترتفع الشمس وتضطر الناس لذلك بحرارتها ، فأُمر المسلم بالاستيقاظ للفجر ليكون أدعى لنشاطه وأبين في استجابته وطاعته لربه .

– ولعل من الحكم أيضا أن يؤدي المسلم الصلاة شكرا لربه سبحانه على آية النهار، حال استمتاعه بهذه النعمة في وقتها ، وهو وقت انسلاخ الليل وغشيان النهار عليه ، قبل أن يستتم ذلك بطلوع الشمس .

فقد ذكر بعض أهل العلم أن صلاة الفجر جعلت في هذا الوقت شكرا لله تعالى على نعمة النهار.

قال الشيخ ابن عثيمين :

“فإن قيل : ما الحكمة في جعلها في هذه الأوقات ؟

فالجواب : أما الفجر : فإن ظهور الفجر بعد الظلام الدَّامس من آيات الله عز وجل التي يستحق عليها التعظيم والشكر ، فإن هذا النور الساطع بعد الظلام الدامس لا أحد يستطيع أن يأتي به إلا الله ، لقوله تعالى : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) [القصص:71] ” انتهى من “الشرح الممتع” (2/143).

– ومن الحكم في توقيتها: أنها تدرب المرء على حب النظام، في جميع شؤونه، واحترام الوقت ولو كان في ذلك قطع راحته وملذاته .

وقد يكون لذلك من الحكم والمصالح ما لا نعلمه ، ولكن الله يعلمه ، ولهذا شرع الصلوات الخمس في مواقيتها المعلومة .

وسواء صحت هذه الحكم كلها ، أو لم يصح منها شيء : فالحكمة العظمى من ذلك كله : هي طاعة الله وطاعة رسوله ، وتحقيق العبودية لرب العالمين .

قال الله تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) البقرة/285.

وقال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ) الأحزاب/36

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android