توفي والدي منذ سنتين ، وله دين مع عمي ، وخلال حياته اتفق مع عمي أن ياخذ دينه من ثمن كراء محل لأبي ، بدأت هذه العملية من قبل وفاة أبي ، وهي مستمرة إلى الآن ، علما بأن عمي يرضيه هذا الحل ، ويقول السماح بيني وبين أخي ، فهل نفس أبي معلقة بدينه حتى يقضى عنه ؟
اتفقا على أداء الدين على فترات، ثم توفي المستدين، فهل نفسه متعلقة بدينه؟
السؤال: 266538
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
رغم أن الشرع أباح للمسلم أن يستدين لحاجاته مع العزم على رد الدين ؛ إلا أنه شدد في شأنه حتى تحفظ أموال الناس ولا تحدث مظالم بينهم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ ) .
رواه الترمذي (1079) وقال: ” هذا حديث حسن “، وصححه الألباني في “صحيح سنن الترمذي” (1 / 547).
قال ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى:
” الميت إنما يحبس عن الجنة بدينه : إذا كان له وفاء ولم يوص به، ولم يشهد عليه .
والوصية بالدين فرض عند الجميع ، إذا لم يكن عليه بينة؛ فإذا لم يوص به كان عاصيا، وبعصيانه ذلك يحبس عن الجنة، والله أعلم ” انتهى من “التمهيد” (23 / 238).
فيؤخذ من هذا أن الميت إنما يحبس عن الجنة : إذا فرَّط ، وتسبب في ضياع الدين على صاحبه.
وجمهور أهل العلم على أن الديون المؤجلة تصبح حالّة ينبغي تعجيلها بموت المستدين.
قال ابن رشد رحمه الله تعالى:
” وجمهور العلماء على أن الديون تحل بالموت ، وقال ابن شهاب: مضت السنة بأن دينه قد حل حين مات.
وحجتهم: أن الله تبارك وتعالى لم يبح التوارث إلا بعد قضاء الدين … ” .
انتهى من “بداية المجتهد” (4 / 77).
فإن كان الدائن مسامحًا له ، كما وصفت وجعله في حلّ ، ولا يريد الاستعجال ، ورضي أن يأخذ دينه بالطريقة التي اتفقا عليها، والتزم الورثة بذلك : ففي هذه الحال، لا بأس بذلك، وتبرأ ذمة الميت من هذا الدين .
سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:
” هل قرض البنك العقاري والزراعي يعتبر دينا على الشخص إذا استقرضه وتوفي قبل أن يسدده. ثم ماذا يجب على الورثة تجاه ذلك لأنهم يريدون في الواقع راحة الميت إذا لم يستطيعوا أن يسددوا البنك بسرعة فما الحكم؟
فأجاب: القرض الذي للبنك العقاري ولغيره مثل غيره من الديون : يجب أن يسدد في وقته في حق الحي والميت، فإذا مات الإنسان وعليه دين للبنك وجب تسديده من التركة في أوقاته ، إذا التزم به الورثة ، فإن لم يلتزموا ، سدد في الحال من التركة حتى يستريح الميت من تبعة الدين.
وقد جاء في الحديث عنه عليه الصلاة السلام أنه قال: ( نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه ). لكن إذا كان الدين مؤجلا والتزم الورثة أو بعضهم بأنه يؤدى في وقته فإنه يتأجل ولا يحل ولا يضر الميت لأنه مؤجل. فإن لم يلتزم به أحد في وقته وجب أن يسدد من التركة حتى يسلم الميت من تبعة ذلك ” انتهى من “مجموع فتاوى ابن باز” (20 / 226 – 227).
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (194033) .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة