0 / 0
10,42411/11/2017

الجمع بين القرض والإجارة

السؤال: 267637

رجل يقرض أشخاصا مالا ، وفي أغلب الأحيان يقرضهم في صورة شراء طعام لهم ، وهو يملك سيارة فيذهب لكي يشتري لهم بذلك المال الذي أقرضهم طعاما ، فيحسب عليهم زيادة على ما أقرضهم إيجار سيارته مع علمهم بذلك ، فما الحكم في المسألة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا يجوز الجمع بين القرض والإجارة ، لأنه إما حيلة على ارتكاب الربا ، وإما ذريعة للوقوع في الربا ، والشرع يحرم طرق الاحتيال على ارتكاب الحرام ، ويحرم الذرائع الموصلة إليه .

ووجه الحيلة أو الذريعة هنا : أن أجرة السيارة قد تكون خمسين ، فتجعلها أنت ستين ، ويرضى بذلك المقترض من أجل القرض ، فتكون هذه العشرة زيادة من أجل القرض ، وهذا هو الربا .

وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل سلف وبيع ) . رواه أبو داود (3504) والترمذى (1234) وحسنه الألباني في ” إرواء الغليل ” (1307) .

قال ابن القيم في “إعلام الموقعين” (5/18) : ” ومعلوم أنه لو أفرد أحدَهما عن الآخر صح ، وإنما ذاك لأن اقتران أحدهما بالآخر ذريعة إلى أن يُقْرِضه ألفًا ويبيعه سلعة تساوي ثمانمئة بألف أخرى ؛ فيكون قد أعطاه ألفًا وسلعة بثمانمئة ليأخذ منه ألفين، وهذا هو معنى الربا ” انتهى .

والجمع بين القرض والإجارة داخل تحت هذا النهي ؛ لأن الإجارة في معنى البيع .

قال الحطاب في “مواهب الجليل” (6/146) : ” كل عقد معاوضة لا يجوز أن يقارنه السلف ” .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” فإذا جمع بين سلف وإجارة : فهو جمع بين سلف وبيع ، أو مثله ، وكل تبرع يجمعه إلى البيع والإجارة – مثل الهبة والعارية والعرية والمحاباة في المساقاة والمزارعة وغير ذلك – هي مثل القرض .

فجماع معنى الحديث : أن لا يجمع بين معاوضة وتبرع ؛ لأن ذلك التبرع إنما كان لأجل المعاوضة ، لا تبرعا مطلقا ، فيصير جزءا من العوض ، فإذا اتفقا على أنه ليس بعوض ، جمعا بين أمرين متنافيين .

فإن من أقرض رجلا ألف درهم ، وباعه سلعة تساوي خمسمائة بألف = لم يرض بالإقراض إلا بالثمن الزائد للسلعة ، والمشتري لم يرض ببذل ذلك الثمن الزائد إلا لأجل الألف التي اقترضها ، فلا هذا باع بيعا بألف ، ولا هذا أقرض قرضا محضا ، بل الحقيقة: أنه أعطاه الألف والسلعة بألفين ” انتهى ، من ” مجموع الفتاوى ” (29/62).

وقال أيضا : ” وقد اتفق العلماء على أن المقرض ، متى اشترط زيادة على قرضه : كان ذلك حراما ، وكذلك إذا تواطآ على ذلك في أصح قولي العلماء ..

وحرم النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين السلف والبيع؛ لأنه إذا أقرضه وباعه: حاباه في البيع لأجل القرض ، وكذلك إذا آجره ” انتهى ، من ” مجموع الفتاوى ” (29/334).

قال ابن القيم رحمه الله في “إعلام الموقعين” (5/184): ” فإن الشارع لمْ يشرع القَرْضَ إلا لمن قصد أن يسترجع مثل قرضه، ولم يشرعه لمن قصد أن يأخذ أكثر منه ، لا بحيلةٍ ولا بغيرها ” انتهى .

وجاء في ” المعايير الشرعية ” ص 523 : ” لا يجوز اشتراط عقد البيع والإجارة ونحوهما في عقد القرض ” .

وجاء فيها أيضا ص 660  في ضوابط جواز الجمع بين العقود : ألا يكون ذلك محل نهي في نص شرعي ، كالنهي عن البيع والسلف .. وألا يكون ذريعة إلى الربا ، مثل الجمع بين القرض والمعاوضة .. ” انتهى .
وقال الدكتور عبد الله بن محمد العمراني :

” يتبين أن مجرد اشتراط عقد البيع ونحوه من عقود المعاوضات في عقد القرض : محرم ؛ لورود النص به بسبب كونه ذريعة إلى القرض الربوي ، مع أن المنفعة احتمالية ، ومتوقعة ، وذلك أنه ربما يزاد في الثمن، وقد لا يزاد ، ولكن الغالب أن يزاد ، وهذا مما يكثر القصد إليه عند من يتعاقد بهذه الصفة .

أما لو اتفق المقرض مع المقترض على أن يؤجره داره مثلا بأقل من أجرتها ، أو على أن يستأجر المقترض دار المقرض بأكثر من أجرتها : فهو أبلغ في التحريم ” .

بحث “أحكام القرض وتطبيقاته” ضمن “دراسات المعايير الشرعية” (2/1140).

والله أعلم .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android