بعض الخاطبات تشترط أن تدفع لها عربون مقابل البحث لي عن زوجة ، والعربون غير مسترد سواءً وجدت زوجة لك أو لم تجد ، فما حكم الشرع في ذلك ؟
حكم اشتراط الخاطبة عربونا مقدما غير مسترد
السؤال: 268030
ملخص الجواب
لا يحق للخطابة أن تشترط عربونًا مقدمًا غير مسترد ؛ لأنها لا تستحق الجعل إلا بتحقيق المطلوب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
العمل الذي تقوم به الخطَّابة فيه كثير من الجهالة من حيث صفتُه ونوع المهام التي تباشرها ، مما يجعله تعاقدا على " منفعة مجهولة" لا يمكن ضبطها وتحديدها بشكل واضح للطرفين .
ولذا لا يصح تكييف عملها على أنه "عقد إجارة" ، والذي يكون العمل فيه محددا ويجوز فيه اشتراط جزء من الأجرة مقدماً ، ويستحق فيه الأجير كامل الأجرة فور فراغه من القيام بالعمل المطلوب منه سواء تحققت النتيجة المرجوة أم لا .
والتكييف الصحيح لمثل هذه الأعمال أنها من باب "عقد الجعالة " ، وهو عقد يقوم فيه الطرف الأول بالتزام "جُعل محدد" -أي مبلغ مالي معين- لمن حقق له مطلوبة كرد سيارته المفقودة ، أو تحصيل عروس بالصفات المطلوبة ، ونحو ذلك .
وعقد الجعالة يغتفر فيه الجهالة في العمل ، فلا يشترط معرفة تفاصيل العمل الذي سيقوم به الطرف الثاني ، ولا الزمن الذي يستغرقه . بشرط أن يكون العمل المطلوب محددا ، فلا يصح أن يكون الاتفاق على مجرد البحث عن زوجة ، وإنما يكون الاتفاق على البحث عن زوجة وإيجادها حسب المواصفات المطلوبة .
جاء في المعايير الشرعية (ص 426، 427) المعيار رقم (15) الخاص بالجعالة :
"تصح الجعالة مع جهالة العمل ، شريطة تحديد النتيجة المطلوب تحقيقها بالعمل…
لا مانع من اشتراط تقديم الجعل أو جزء منه عند العقد أو بعده ولو قبل إنجاز العمل ، ولكنه يعتبر دفعة تحت الحساب ، ولا يستحقها العامل إلا بتحقق النتيجة ، وللجاعل استردادها في حال عدم الاستحقاق" انتهى .
"ففي عقد الجعالة" لا يستحق العامل أجرةً إلا إذا أنجز المهمة المطلوبة منه على وجه الكمال والتمام .
قال الجويني : " إن المجعول له لا يستحق من الجُعل شيئاً ما لم يُتم العمل ، هذا متفق عليه… فإن موضوع هذه المعاملة على تحصيل تمام المقصود من العمل ، فإذا لم يحصل ، لم يثبت للعامل استحقاقٌ.
… ويتصل به : ما لو عسُر عليه إتمام العمل؛ فإنه لا يستحق الجُعْلَ، وإن لم يقصِّر ؛ وفاقاً… والجملة : أن تمام العمل لا بد منه، ولا يحصل استحقاقُ جزء من الجُعل دونه". انتهى من "نهاية المطلب في دراية المذهب" (8/ 496).
فإذا حصَّلت لك مطلوبك : استحقت المال المتفق عليه بينكما ، وإذا لم تجد لم تستحق شيئاً.
وبناء على ما سبق :
لا يحق للخطابة أن تشترط عربونًا مقدمًا غير مسترد ؛ لأنها لا تستحق الجعل إلا بتحقيق المطلوب.
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب