سمعت حديثا من أحد القارئين ، وأريد معرفة مدى صحته ، الشخص يقول: ( من قرأ آية الكرسي عشر مرات دبر كل صلاة العصر قبل أن يقوم من مقامه أعطاه الله عشرة أشياء. ..الخ ).
هل صح حديث في قراءة آية الكرسي عشر مرات دبر صلاة العصر؟
السؤال: 268285
ملخص الجواب
ملخص الجواب : لم يرد في السنة بإسناد صحيح ولا ضعيف استحباب قراءة آية الكرسي عشر مرات دبر صلاة العصر . وإنما الوارد هو استحباب قراءتها مرة واحدة دبر كل صلاة .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
آية الكرسي هي أعظم آية في كتاب الله عز وجل ، وذلك لما رواه مسلم في “صحيحه” (810) عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟) قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ( يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ ) قَالَ: قُلْتُ: اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ.البقرة/255. قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي ، وَقَالَ: (وَاللهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ).
ثانيا :
الحديث الذي أورده السائل في استحباب قراءة آية الكرسي دبر صلاة العصر : لحديث لا أصل له ، ولم نقف له على سند ، بعد البحث ، ولم يذكره أحد من أهل العلم قط ، فيما نعلم .
ثالثا :
وردت عدة أحاديث في فضل قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة ، إلا أن هذه الأحاديث جميعها في إسنادها مقال ، ومنها الموضوع المكذوب .
ومن أحسنها إسنادا ، ما أخرجه النسائي في “عمل اليوم والليلة” (100) ، والطبراني في “الدعاء” (675) ، والروياني في “مسنده” (1268) ، من طريق مُحَمَّد بن حمير ، قَالَ : حَدثنَا مُحَمَّد بن زِيَاد ، عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم :( من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ فِي دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة لم يمنعهُ من دُخُول الْجنَّة إِلَّا أَن يَمُوت ) .
والحديث مختلف في صحته ، فمن أهل العلم من يقويه ، ومن أهل العلم من يضعفه ، وبالغ ابن الجوزي فذكره في “الموضوعات” (1/244) ، ولم يصب في ذلك .
والحديث مداره على محمد بن حمير .
قال الذهبي في “سير أعلام النبلاء” (9/235) :” وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ ، وَدُحَيْمٌ ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ ، وَبَقِيَّةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ ، وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ .
قُلْتُ ( أي الذهبي ): مَا هُوَ بِذَاكَ الحُجَّةِ ، حَدِيْثُهُ يُعَدُّ فِي الحِسَانِ “. انتهى
وللحديث طرق أخرى تقويه ، كما قال الشيخ الألباني في “السلسلة الصحيحة” (972) .
وقال ابن القيم في “زاد المعاد” (1/294) :” وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ أبي أمامة ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، وَفِيهَا كُلِّهَا ضَعْفٌ .
وَلَكِنْ إِذَا انْضَمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ مَعَ تَبَايُنِ طُرُقِهَا وَاخْتِلَافِ مَخَارِجِهَا ، دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لَهُ أَصْلٌ وَلَيْسَ بِمَوْضُوعٍ .
وَبَلَغَنِي عَنْ شَيْخِنَا أبي العباس ابن تيمية قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا تَرَكْتُهَا عَقِيبَ كُلِّ صَلَاةٍ “. انتهى
والحاصل :
أنه لم يرد في السنة بإسناد صحيح ولا ضعيف استحباب قراءة آية الكرسي عشر مرات دبر صلاة العصر .
وإنما الوارد هو استحباب قراءتها مرة واحدة دبر كل صلاة .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب