0 / 0

والدتها تدعو عليها لتمسكها بحجابها فهل يستجاب لها ؟

السؤال: 268423

قرأت أن الدعاء بالشر من الأم مستجاب بلا ريب ، استنادًا إلى قصة جريج ؛ىالذي لم يجب أمه في أثناء الصلاة ، ودعت عليه ، وفيما بعد أصابه دعاؤها ، أعلم أن عصيان المرء ، وعدم احترامه لوالديه هو الذنب الأعظم الثاني بعد الشرك ، ولطالما احترمت أمي ، ووافقت على كل شيء تقرره من أجلي ، ولم أتشاجر، أو أتجادل معها، ودائمًا ما أطلب إذنها قبل القيام بشيء باستثناء مرة واحدة في حياتي ، لقد كان ذلك قبل 10 سنوات ،عندما دعت عليّ أمي دعاءً به شرُ كبير، إذ قالت: “لتحترقي إلى رماد في جهنم” ، وكانت غاضبة جدًا في ذلك الوقت ، وتمنت لي أمانٍ سيئةٍ جدًا ، ولكن “الحرق إلى رماد في جهنم” كان أسوأها ، والسبب في ذلك هو أنني تزوجت من رجلٍ متدين ليس من العائلة نفسها، وقد ذهبت إلى أمريكا ، وكنت أعمل مع الكفار ، وأحصل على راتب جيدٍ جدًا، ولكن الله هداني وـ الحمد لله ـ ، وبدأت بإرتداء الحجاب ، وأداء الصلاة باستمرار ، وتعلم المزيد عن الإسلام ،وقد تركت وظيفتي وأمريكا لتكوين أسرة من الحلال ، ولكن كانت أمي معارضة لهذا ، ولارتدائي للحجاب ، على الرغم من أنها تؤدي الصلوات الخمس ، وتصوم رمضان ، وفي الوقت نفسه تحتفل بعطلات الكفار ، وتشرب الخمر ، وتستمع إلى الموسيقى ، ومن وجهة نظرها فقد أصبحت “وهابية” متطرفة كما يلقبوننا، وقد أخبرتها بالزواج عن طريق الهاتف فصُدِمت ، وبدأت بالدعاء عليّ ، وأنا أفكر دائمًا فيما لو ضاعت جميع عباداتي بسبب دعاء أمي عليّ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

إذا كانت والدتك تضيق من ارتدائك الحجاب ومحافظتك على الصلاة وتمسكك بإسلامك ، وترغب منك البقاء على حالك الأولى بعيدة عن الحجاب والحشمة وعدم المبالاة بأمر الإسلام والإيمان ، فيجب عليك أن لا تطيعيها ؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وإن جاهدتك والدتك على ذلك ، فلا تطيعيها ، وصاحبيها في الدنيا بالمعروف .

وإن كانت قد دعت عليك بسبب ذلك ، فهذا دعاء بغير حق فلا يستجاب ؛ لما روى مسلم (2735) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ) ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الِاسْتِعْجَالُ ؟ ، قَالَ : يَقُولُ : ( قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي ، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ) .

سئل الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله : ” هل تستجاب دعوة الوالد على ولده إذا كان الوالد على خطأ والولد على صواب ؟
فأجاب: لا تستجاب دعوتهما [أي : والديه] ما دام أن الولد على حق ، والوالد على خطأ ، فإن الله لا يستجيب دعوته ، فإن العقوق من الولد لوالديه : إذا كان لم يقم بواجبهما ، أو قصر في حقوقهما ، أما مجرد أن الأب يأمر ولده ، أو ينهاه فيما لا مصلحة فيه : هذا لا يلزم الولد قبوله ، كما لو قال الأب لابنه : طلق زوجتك بدون سبب ، فلا يلزم الابن ذلك استجابة لطلب أبيه أو أمه ، فامتناعه عن هذا لا يسمى عقوقاً ، ولو دعوا عليه ، فإنه لا يأثم ولا حرج إن شاء الله والله أعلم ” انتهى من ” فتاوى الشيخ “عبدالله بن حميد” (ص30) .

ثانيا :

أما قصة جريج فقد رواها البخاري (3436) ومسلم (2550) – واللفظ له – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( كَانَ جُرَيْجٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَةٍ فَجَاءَتْ أُمُّهُ فَقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ أَنَا أُمُّكَ كَلِّمْنِي . فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّي فَقَالَ : اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي ، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ ، فَرَجَعَتْ ثُمَّ عَادَتْ فِي الثَّانِيَةِ فَقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ أَنَا أُمُّكَ فَكَلِّمْنِي . قَالَ : اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي ، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ . فَقَالَتْ : اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا جُرَيْجٌ وَهُوَ ابْنِي وَإِنِّي كَلَّمْتُهُ فَأَبَى أَنْ يُكَلِّمَنِي ، اللَّهُمَّ فَلَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَاتِ . قَالَ : وَلَوْ دَعَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتَنَ لَفُتِنَ … ) الحديث .

وقد استجيب دعاء أم جريج عليه ؛ لأنه أخلّ بحقها ؛ إذ كان الواجب عليه أن يقطع صلاته أو يخففها ويجيبها ، وأما أنت فبعكس ذلك ؛ لأن الواجب عليك أن لا تطيعيها ؛ ولذلك لا يستجاب لها فيك .

بوّب النووي رحمه الله لحديث جريج : ” باب تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها ”

وقال في شرحه :

” قَالَ الْعُلَمَاء : كَانَ الصَّوَاب فِي حَقّه إِجَابَتهَا لِأَنَّهُ كَانَ فِي صَلَاة نَفْل , وَالِاسْتِمْرَار فِيهَا تَطَوُّع لَا وَاجِب , وَإِجَابَة الْأُمّ وَبِرّهَا وَاجِب , وَعُقُوقهَا حَرَام , وَكَانَ يُمْكِنهُ أَنْ يُخَفِّف الصَّلَاة وَيُجِيبهَا ثُمَّ يَعُود لِصَلَاتِهِ … ” انتهى .

وينظر : “فتح الباري” ، للحافظ ابن حجر رحمه الله ، “الموسوعة الفقهية” (20/342) .

وينظر جواب السؤال (151653) .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android