مفتون بالقنوات ومواقع الإنترنت الإباحية
السؤال: 26985
أنا شاب مفتون مع الأسف بالدشوش ومواقع الانترنت لدرجة أصبحت مقصر جدا في أمور ديني ، أرجو منكم المساعدة والدعاء لي بالهداية .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
نسأل الله تعالى أن يهديك ، وأن يصرف عنك السوء
والفحشاء ، وأن يجعلك من عباده المخلَصين.
وخير ما نوصيك به هو تقوى الله تعالى ، والحذر
من نقمته وغضبه، وأليم عقابه ، فإن الله تعالى يمهل ولا يهمل ، وما يؤمنك أن يطلع
الله عليك وأنت على معصيته فيقول : وعزتي وجلالي لا غفرت لك.
وانظر إلى هذه الجوارح التي تسعى بها إلى
المعصية ، ألا ترى الله قادرا على أن يسلبك نعمتها ، وأن يذيقك ألم فقدها ؟
ثم انظر إلى ستر الله تعالى لك ، وحلمه عليك ،
وأنت تعلم غيرته على عباده ، فما يؤمّنك أن يغضب عليك ، فينشكف أمرك ، ويطلع الناس
على سرك ، وتبوء بفضيحة الدنيا قبل الآخرة .
وهل ستجني من النظر المحرم إلا الحسرة ، والشقاء
، وظلمة القلب ؟
وهب أنك شعرت بمتعة أو لذة ، يوما أو يومين ، أو
شهرا أو سنة .. فماذا بعد ؟
موت .. ثم قبر .. ثم حساب ، فعقاب … ذهبت
اللذات وبقيت الحسرات .
وإذا كنت تستحيي من أن يراك أخوك على هذه
المعصية ، فكيف تجعل الله تعالى أهون الناظرين إليك ؟!
أما علمت أن الله يراك ، وأن ملائكته تحصي عليك
، وأن جوارحك غدا ستنطق بما كان ؟
واعتبر بما أصبح عليه حالك بعد المعصية : هم في
القلب ، وضيق في الصدر ، ووحشة بينك وبين الله .
ذهب الخشوع .. ومات قيام الليل .. وهجرك الصوم
… فقل لي بربك ما قيمة هذه الحياة ؟
كل نظرة تنظرها إلى هذه النوافذ الشيطانية ،
تنكت في قلبك نكتة سوداء ، حتى يجتمع السواد فوق السواد ، ثم الران الذي يعلو القلب
، فيحرمك من لذة الطاعة ، ويفقدك حلاوة الإيمان .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” إن العبد إذا
أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه ، وإن عاد
زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكر الله ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا
يكسبون ) ” رواه الترمذي (3257) وابن ماجة (4234) وحسنه الألباني في صحيح
ابن ماجه 3422.
صقل : أي نُقي وطُهر .
فكن ممن نزع واستغفر وتاب ، وأكثر من التضرع لله
تعالى أن يُطهر قلبك وأن يُحصن فرجك ، وأن يُعيذك من نزغات الشيطان.
واجتنب كل وسيلة تدعوك أو تذكرك بالحرام ، إن
كنت صادقا راغبا في التوبة .
فبادر بإخراج هذا الدش من بيتك ، واقطع صلتك
بمواقع السوء في الانترنت ، واعلم أن خير وسيلة تعينك على ترك ما اعتدته من الحرام
، أن تقف عند الخاطرة والهم والتفكير ، فادفع كل خاطرة تدعوك للمشاهدة ، قبل أن
تصبح رغبة وهمّا وقصدا ثم فعلا.
قال الغزالي رحمه الله : ( الخطوة الأولى في
الباطل إن لم تدفع أورثت الرغبة ، والرغبة تورث الهم ، والهم يورث القصد ، والقصد
يورث الفعل ، والفعل يورث البوار والمقت ، فينبغي حسم مادة الشر من منبعه الأول وهو
الخاطر ، فإن جميع ما وراءه يتبعه ) إحياء علوم الدين 6/17
وهذا مأخوذ من قوله تعالى : ( يا أيها الذين
آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر)
النور/21
وإن أمكنك الاستغناء التام عن الانترنت فافعل ،
إلى أن تشعر بثبات قلبك ، وقوة إيمانك .
واحرص على الرفقة الصالحة ، واحرص على أداء
الصلوات في أوقاتها ، وأكثر من نوافل العبادة ، وتجنب الخلوة والتفكير في الحرام ما
أمكن .
والخلاصة في العلاج فتح منافذ الخير ، وسد منافذ
الشر .
نسأل الله أن يوفقنا وإياك للتوبة الخالصة
النصوح.
والله أعلم.
المصدر:
الشيخ محمد صالح المنجد
هل انتفعتم بهذه الإجابة؟