هل الحجامة سنة نبوية، أم أنها علاج فقط في عصر النبوة ؟
هل الحجامة سنة أم من المباحات؟
السؤال: 269871
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
اختلف الفقهاء في حكم الحجامة على قولين:
القول الأول: الحجامة مندوبة ومستحبة
جاء في “الفتاوى الهندية” (5/355):
“تستحب الحجامة لكل واحد ؛ كذا في الظهيرية” انتهى.
ويقول ابن مفلح رحمه الله:
“وأما الحجامة : ففيها أخبار كثيرة مشهورة، في فعلها، وفضلها، ووقتها، وفيها ؛ فعلا منه صلى الله عليه وسلم وقولا سبع عشرة أو إحدى وعشرين” انتهى من “الآداب الشرعية” (3/87)
واستدلوا بظواهر الأحاديث النبوية الواردة في ذكر الحجامة ، ونسبة الشفاء إليها، وقد سبق إيراد بعضها في الجواب رقم: (21406) .
القول الثاني: أنها من المباحات العلاجية فحسب، وليست من المستحبات الشرعية ذات الأجر والثواب الخاصين .
يقول الكاساني الحنفي رحمه الله:
“الحجامة أمر مباح” انتهى من “بدائع الصنائع” (4/190)
ويقول الخطابي رحمه الله:
“الحجامة مباحة، وفيها نفع وصلاح الأبدان” انتهى من “معالم السنن” (3/103)، ونحوه في “شرح ابن بطال” (9/404)، “النهاية في غريب الحديث” (2/5) وغيرها.
ويمكن أن يستدل لهذا القول بما يلي:
- الحجامة من أمور الطب التي عرفها العرب في القديم قبل الإسلام، بل وعرفتها الأمم الأخرى في العصور القديمة ، كما هو معلوم في كتب التاريخ، حتى من عهد الفراعنة، فليس فيها خصوصية إسلامية محضة ، وما كان كذلك فالأصل فيه أنه مباح ، ولا يفعله إلا من احتاج للتداوي به .
- الأصل في أمور العادات ، ومجاري الحياة هو الإباحة ؛ إلا أن تتعلق بفضائل الأخلاق ومحاسن الشيم، أما ما دامت في إطارها العادي المحض، فتبقى مستقرة في دائرة المباح .
- لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ترتيب ثواب خاص عليها، ولا ترتيب عقوبة أو ملامة على تركها.
- لا يبدو فيها وجه خاص للتعبد، ولا للتقرب إلى الله تعالى، إنما هي كسائر العادات اليومية التي يعتادها الناس في شؤون معاشهم وأبدانهم.
والذي يظهر : أن القول الثاني أرجح القولين ، وأن الحجامة عادة من العادات الطبية ، وإنما يطلبها ، ويعملها من يحتاجها ، تطببا ، وعلاجا ، وليس على وجه التعبد بفعلها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
“الحجامة ليست سنة، الحجامة دواء إن احتاج الإنسان إليه احتجم، وإن لم يحتج إليه : فلا يحتجم” انتهى من ” مجموع فتاوى ورسائل العثيمين” (23/ 96) .
ولا مانع من القول بأنها سنة لمن كان مريضا واحتاج إليها ، فإنه يكون قد جمع بين أمرين وهما:
التداوي ، واختيار الحجامة خصوصًا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا إليها ، وأخبرنا أن فيها شفاءً .
يقول الإمام النفراوي المالكي رحمه الله:
“الحجامة حسنة، أي مستحبة عند الحاجة إليها” انتهى من “الفواكه الدواني” (2/338)
وكذا قال العدوي في حاشيته (2/ 493) : “قوله: الحجامة حسنة-أي عند الحاجة إليها-.انتهى.
ولا يعلم من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجم في وقت عدم احتياجه إليها ، وإنما كان يحتجم صلى الله عليه وسلم إذا أصابه مرض ، كصداع أو نحوه ، مما يدل على أن الحجامة إنما يفعلها من احتاج إليها .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة