0 / 0
119,73303/10/2002

الصلاة على السجادة

السؤال: 27000

ما حكم الصلاة على السجادة ؟ وما هو حكم وضعها في المسجد ليصلِّى عليها الإمام ؟ هل هي بدعة ؟.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الصلاة على السجادة جائز من حيث الأصل . روى البخاري (379) ومسلم (513) عَنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ .

والخمرة هي فراش صغير على قدر الوجه يعمل من سعف النخل يسجد عليه المصلي يتقي به حر الأرض وبردها .

واختار الخطابي أن الخمرة قد تكون أكبر من ذلك واستدل بما رواه أبو داود (5247) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ فَجَاءَتْ بِهَا فَأَلْقَتْهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا فَأَحْرَقَتْ مِنْهَا مِثْلَ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ . . . الحديث . صححه الألباني في صحيح أبي داود (4369) .

قال في عون المعبود :

وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِطْلاق الْخُمْرَة عَلَى الْكَبِير أي الفراش الكبير . كَذَا فِي النِّهَايَة اهـ .

وانظر : فتح الباري (333) .

قال الشوكاني :

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لا بَأْسَ بِالصَّلاةِ عَلَى السَّجَّادَةِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْخِرَقِ أَوْ الْخُوصِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ , سَوَاءٌ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً كَالْحَصِيرِ وَالْبِسَاطِ لِمَا ثَبَتَ مِنْ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْحَصِيرِ وَالْبِسَاطِ وَالْفَرْوَةِ اهـ .

لكن قد يعرض من الأسباب ما يقتضي النهي عن الصلاة على السجادة ونحوها من أنواع الفرش .

فمن ذلك :

1- إذا كانت السجادة تحتوي على صور ذوات أرواح فيحرم اقتناؤها ويجب طمس صورها. راجع سؤال رقم ( 12422 ) .

2- إذا كانت السجادة بها زخارف ونقوش تلهي المصلي وتشغله عن صلاته فالصلاة عليها مكروهة .

قالت اللجنة الدائمة :

. . . وأما تصوير ما ليس فيه روح من جبال وأنهار وبحار وزرع وأشجار وبيوت ونحو ذلك دون أن يظهر فيها أو حولها صور أحياء : فجائز ، والصلاة عليها مكروهة لشغلها بال المصلي ، وذهابها بشيء من خشوعه في صلاته ، ولكنها صحيحة .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 6 / 180 ) .

وقالت أيضاً :

المساجد بيوت الله تعالى ، بنيت لإقام الصلاة ، ولتسبيح الله تعالى ، وخشية الله .

والرسوم والزخارف في فرش المساجد وجدرانها مما يشغل القلب عن ذكر الله ويُذهب بكثير من خشوع المصلين ، ولذا كرهه كثير من السلف ، فينبغي للمسلمين أن يجنبوا ذلك مساجدهم، محافظة على كمال عبادتهم بإبعاد المشاغل عن الأماكن التي يتقربون فيها لله رب العالمين ، رجاء عظم الأجر ومزيد الثواب ، أما الصلاة عليها : فصحيحة .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 6 / 181 ، 182 ) .

3- إذا كان يصلي على السجادة ترفعاً من الصلاة على الأرض

روى البخاري (2036) عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ فَخَرَجْنَا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ . قَالَ : فَخَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ ، فَقَالَ : إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَإِنِّي نُسِّيتُهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي وِتْرٍ فَإِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ ، وَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَرْجِعْ . فَرَجَعَ النَّاسُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً ، قَالَ : فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ وَأُقِيمَتْ الصَّلاةُ فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطِّينِ وَالْمَاءِ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي أَرْنَبَتِهِ وَجَبْهَتِهِ . وفي رواية لمسلم (1167) : ( وَجَبِينُهُ مُمْتَلِئًا طِينًا وَمَاءً ) .

ففي هذا الحديث تواضع النبي صلى الله عليه وسلم حيث سجد على الماء والطين ، ولم يتكلف أن يؤتى له بشيء يسجد عليه .

4- إذا كان يصلي على السجادة ترفعاً من الصلاة على الفراش الذي فرش لعامة الناس في المسجد ، أو يفعل ذلك احتياطاً منه لاحتمال أن تكون الأرض قد أصابتها نجاسة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

أما الغلاة من الموسوسين : فإنهم لا يصلُّون على الأرض ، ولا على ما يفرش للعامة على الأرض ، لكن على سجادة ونحوها … اهـ مجموع الفتاوى ( 22 / 177 ) .

5- إذا كان الرجل يتحرى الصلاة على السجادة لظنه أن لابد من سجادة خاصة للصلاة وأن عليه أن يصلي على أي شيء سواء كان ذلك في البيت أم في المسجد ، حتى إن كثيراً من الناس لا يصلي إلا على السجادة ولو كان البيت مفروشاً .

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى :

الصلاة على السجادة بحيث يتحرى المصلى ذلك : فلم تكن هذه سنَّة السلف من المهاجرين والأنصار ومَن بعدهم مِن التابعين لهم بإحسان على عهد رسول الله ، بل كانوا يصلون في مسجده على الأرض لا يتخذ أحدهم سجادة يختص بالصلاة عليها ، وقد روي أن عبد الرحمن بن مهدى لما قدم المدينة بسط سجادة ، فأمر مالك بحبسه فقيل له : إنه عبد الرحمن بن مهدى، فقال : أما علمتَ أن بسط السجادة في مسجدنا بدعة ؟! اهـ مجموع الفتاوى (22 / 163) .

6- وكذلك ما هو موجود في كثير من المساجد من تخصيص الإمام بسجادة توضع له يصلي عليها ، مع أن المسجد مفروش ، فلماذا يتميز عن المصلين ؟؟

وهذا لا ينبغي لعدم الحاجة إليها ، ولأن ذلك قد يوقع في قلبه شيئاً من الترفع والتعالي على الناس .

والحاصل أن فرش السجادة على السجادة بدعة ما لم يكن هناك سبب لذلك كشدة البرد أو صلابة الأرض أو نجاسة السجادة الأولى أو قذارتها وما أشبه ذلك .

والله تعالى أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الشيخ محمد صالح المنجد

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android