هنالك مقبرة لها من القدم ما يقارب بضعة وثمانون أو وتسعون سنة تقريباً منذ استغني عنها ، وحصل لها قبل أكثر من أربعين سنة تحويل من مقبرة إلى ملعب رياضي بعد أن أبعدوا علامة القبور عند التحويل بحيث لم يعد هنالك علامة قبر يعرف ، علماً أن الجيل ( الشباب ) اليوم ماضين بنفس النهج الذي الرياضي الذي شق طريقه أولئك الآباء الذين حولوا المقبرة إلى ملعب ، وبالرغم من إعترافهم بسوء الأمر إلَّا أن عدم وجود مكان بديل جعلهم يتجاهلون ذلك بالإستمرار في ذلك ، كما أننا حاولنا مراراً بإتفاق الشباب على إظهار حرمة اللعب فيه لكن ماهي إلا سنة أو سنتان ونعود بالرياضة إليها ، بسبب عدم وجود البديل.
السؤال :
فهل يجوز نقل القبور إلى مقبرة أخرى ، وهل لقدم المقبرة المذكورة يجيز استخدامها كملعب ؟
حكم اللعب على أرض مقبرة قديمة حولت إلى ملعب رياضي
السؤال: 271166
ملخص الجواب
ملخص الجواب : إذا بقي شيء من عظام الموتى فلا يحل اللعب في هذه المقبرة ولا وطؤها ، وإذا كانت قد بليت تماما وصارت ترابا ، فلا حرج من اللعب فيها ، إلا إذا كانت موقوفة على أن تكون مقبرة .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا بليت المقبرة وصارت ترابا ولم يبق فيها أثر للموتى من عظم أو غيره، جاز الانتفاع بها في الزرع والبناء وغير ذلك ، كجعلها ملعبا، إلا أن تكون موقوفة على جهة معينة، فيتقيد فيها بشرط الواقف. فلو عيّنها للدفن، لم يجز استعمالها في غيره.
ويعرف اندراسها ، وذهاب آثار الموتى فيها : بالرجوع إلى أهل الخبرة.
قال النووي رحمه الله: ” (وأما) نبش القبر : فلا يجوز لغير سبب شرعي باتفاق الأصحاب . ويجوز بالأسباب الشرعية كنحو ما سبق.
ومختصره : أنه يجوز نبش القبر إذا بلي الميت وصار ترابا، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه، ويجوز زرع تلك الأرض وبناؤها ، وسائر وجوه الانتفاع والتصرف فيها ، باتفاق الأصحاب . وإن كانت عارية رجع فيها المعير .
وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره.
قال أصحابنا رحمهم الله: ويختلف ذلك باختلاف البلاد والأرض، ويعتمد فيه قول أهل الخبرة بها” انتهى من المجموع (5/ 303).
وقال المرداوي رحمه الله: ” متى عُلم أن الميت صار ترابا. قال في الفروع: ومرادهم: ظُن أنه صار ترابا ، ولهذا ذكر غير واحد : يعمل بقول أهل الخبرة = فالصحيح من المذهب : أنه يجوز دفن غيره فيه.
نقل أبو المعالي : جاز الدفن والزراعة وغير ذلك. ومراده: إذا لم يخالف شرط واقفه لتعيينه الجهة …
وأما إذا لم يصر ترابا : فالصحيح من المذهب أنه لا يجوز الدفن فيه، نص عليه .
ونقل أبو طالب: تبقى عظامه مكانه ويدفن. اختاره الخلال” انتهى من الإنصاف (2/ 387).
وقال في الإقناع (1/ 234): ” ولا ينبش قبر ميت باق ، لميت آخر .
ومتى عُلم – ومرادهم : ظُنَّ – أنه بلي ، وصار رميما : جاز نبشه ودفن غيره فيه .
وإن شُكَّ في ذلك : رُجِع إلى قول أهل الخبرة .
فإن حفر فوجد فيها عظاما : دفنها ، وحفر في مكان آخر .
وإذا صار رميما : جازت الزراعة ، وحرثه ، وغير ذلك .
وإلا ؛ فلا .
والمراد : إذا لم يخالف شرط واقف لتعيينه الجهة” انتهى.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله بعد نقل كلام الإقناع: “” … لتعيينه الجهة”.
فإن عيّن الأرض للدفن : فلا يجوز حرثها ولا غرسها” انتهى من فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (3/ 217).
ثانيا:
إذا لم يبل الأموات، بل بقي شيء من آثارهم ، كعظامهم : فلا يجوز نبش هذه القبور ولا نقلها . وهم أولى بهذه البقعة من الأحياء، ما لم تدع ضرورة للنبش، ولا ضرورة هنا.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: ” فما دامت الأرض فيها قبور : فالواجب تركها ، فهي تبع المقبرة ما دامت المقبرة بجوار الأرض المذكورة ، فالواجب أن لا يتعرض لها ، ولا ينبش القبور .
وإذا حفر ووجد القبور يتركها ، ولا يجوز للناس أن ينبشوا القبور ، ويضعوا بيوتهم في محل القبور ، فهذا تعد على محل الموتى وظلم للموتى ؛ لا يجوز .
قد يجوز بعض الأشياء إذا دعت الضرورة إليها، مثل إذا دعت الحاجة إلى شارع ينفع المسلمين، واعترضه شيء من القبور ، ولا حيلة في صرف الشارع ، فقد يجوز أخذ بعض المقبرة ، ونقل الرفات إلى محل آخر ، إذا كانت الضرورة دعت إلى توسعة هذا الشارع للمسلمين ، ولا حيلة في صرفه عن المقبرة .
أما أن يأخذ الناس من المقبرة لتوسعة بيوتهم: فهذا لا يجوز” انتهى من “فتاوى نور على الدرب”.
ثالثا :
إذا ثبت وجود بقايا للأموات : لم يجز اللعب في محل هذه القبور.
روى مسلم (970) عَنْ جَابِرٍ قَالَ : (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ ).
وروى مسلم (791) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ) .
وروى الترمذي (1052) عَنْ جَابِرٍ قَالَ: (نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُجَصَّصَ القُبُورُ، وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهَا، وَأَنْ تُوطَأَ) وصححه الترمذي والألباني.
قال الشيرازي في المهذب (1/ 259): ” ولا يجوز الجلوس على القبر؛ لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه حتى تخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر) .
ولا يدوسه من غير حاجة؛ لأن الدوس كالجلوس، فإذا لم يجز الجلوس لم يجز الدوس.
وإن لم يكن له طريق إلى قبر من يزوره ، إلا بالدوس : جاز له ، لأنه موضع عذر” انتهى.
فإذا حرم الجلوس والوطء ؛ فاللعب عليه محرم من باب أولى، فهو وطء وزيادة.
والخلاصة :
إذا بقي شيء من عظام الموتى فلا يحل اللعب في هذه المقبرة ولا وطؤها ، وإذا كانت قد بليت تماما وصارت ترابا ، فلا حرج من اللعب فيها ، إلا إذا كانت موقوفة على أن تكون مقبرة .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب