توفى الأب وترك ابن وابنه
و نقلت الوصاية للجد۔
و مرض الجد فتنازل عن الوصاية لابنته، أي عمة الأولاد۔
أرملة المتوفي و أبناؤه يريدون أن تكون الأم هي الوصية۔
فالآن لمن تثبت الولاية على مال؟
هل يجوز للأم و الأولاد رفض نقل الوصاية لمن أوصى به الجد؟
و هل كان يجب أخذ موافقتها قبل نقل الوصاية لغيرها؟ و في حالة رفضها لا يتم نقل الوصاية لغيرها؟
و هل يجب عليها تسليم جميع ما يعين الولي على المال من القيام بواجبه في مال الأولاد؟
و هل يجوز لها التصرف في هذا المال بدون علم الولي أو موافقته؟
و جزاكم الله خيراً
أيهما يقدم في ولاية مال اليتيم ، العمة التي أوصي لها بالولاية أم الأم ؟
السؤال: 271355
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
الولاية على أموال الأيتام ، تعني : الإشراف على شئون القاصر المالية ، من حفظ المال ، وتنميته والإنفاق عليه منه .
فهي تختص بالصغار ونحوهم ممن ليس أهلاً للتصرف بالمال ، كالمجنون ، والمعتوه .
فإن بلغ الصغار سن التكليف ، وكانوا رشيدين حسني التصرف في المال : فلا ولاية عليهم في أموالهم ذكورا كانوا أو إناثا ، بل تُدفع إليهم أموالهم ؛ لقوله تعالى : (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا) النساء/ 6 .
ولا يجوز لمن يتولى شؤون أموالهم ، أن يأخذ منها شيئاً ولا يعمل فيها إلا بالأنفع لهم .
ثانيا :
الأم لها حق الولاية على أيتامها ، عند عدم الأب والجد، على القول الراجح من أقوال أهل العلم .
فقد أُثِر عن عائشة رضي الله عنها، أنها كانت تلي أموال أبناء أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر .
فعن الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أنه قال : ” كَانَتْ عَائِشَةُ تُبْضِعُ بِأَمْوَالِنَا فِي الْبَحْرِ [أي : تدفعها لمن يتاجر بها] ، وَإِنَّهَا لَتُزَكِّيهَا ” أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (6983) .
وفي رواية أخرى قَالَ: ” كُنَّا يَتَامَى فِي حِجْرِ عَائِشَةَ، فَكَانَتْ تُزَكِّي أَمْوَالَنَا، ثُمَّ دَفَعَتْهُ مُقَارَضَةً، فَبُورِكَ لَنَا فِيهِ ” .
وهذا القول : رواية عن أحمد ، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ، واختارها الشيخ ابن عثيمين أيضا .
قال البهوتي رحمه الله :
“سأل الأثرمُ الإمامَ [يعني الإمام أحمد بن حنبل] عن رجل مات وله ورثة صغار ، كيف يُصنع [يعني بمالهم] ؟
فقال : “إن لم يكن لهم وصي، ولهم أم مشفقة= تدفع إليها” انتهى من “كشاف القناع” (3/447).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : “وتكون الولاية لغير الأب والجد والحاكم ، وهو مذهب أبي حنيفة ، ومنصوص أحمد في الأم .
وأما تخصيص الولاية بالأب والجد والحاكم فضعيف جدا ، والحاكم العاجز كالعدم” انتهى، من “الاختيارات” (137) ط الفقي . وينظر: “الإنصاف” ، للمرداوي (5/324) .
وقال الشيخ ابن عثيمين : ” الولاية تكون لأولى الناس به ، ولو كانت الأم ، إذا كانت رشيدة ؛ لأن المقصود حماية هذا الطفل الصغير ، أو حماية المجنون أو السفيه ، فإذا وجد من يقوم بهذه الحماية من أقاربه : فهو أولى من غيره . وهذا هو الحق إن شاء الله تعالى .
وعليه ؛ فالجد أو الأب يكون ولياً لأولاد ابنه ، والأخ الشقيق ولياً لأخيه الصغير .
والأم ، إذا عدم العصبة : تكون ولية لابنها .
نعم ؛ إذا قدر أن أقاربه ليس فيهم الشفقة والحب والعطف ، فحينئذٍ نلجأ إلى الحاكم ليولي من هو أولى ” . انتهى من “الشرح الممتع” (9/86) .
وإذا تقرر ثبوت الولاية للأم ، على القول الراجح : فإنها تكون مقدمة على القاضي ، وعلى الوصي – وهي العمة ، التي أوصى لها الجد هنا – .
قال المرداوي الحنبلي رحمه الله في “الإنصاف” (5/324) .
“قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ حَيْثُ قُلْنَا: لِلْأُمِّ وَالْعَصَبَةِ وِلَايَةٌ: أَنَّهُمْ كَالْجَدِّ فِي التَّقْدِيمِ عَلَى الْحَاكِمِ وَعَلَى الْوَصِيِّ، عَلَى الصَّحِيحِ” انتهى .
ولا شك أنه : إذا دار الأمر بين امرأتين ، إحداهما تلي مال الأيتام ، وتكون وصية عليهما ؛ إحداهما أم ، والأخرى ليست أما ، عمة أو غيرها ؛ فلا شك أن الأم مقدمة على من سواها من النساء ، وهي أعرف بمصالح أبنائها ، وأشد شفقة عليهم ، وأعظم قياما بأمرهم ممن سواها ، لعيشها معهم ، وملابستها لأمرهم ، وخصوصياتهم .
وينظر جواب السؤال (133560) .
غير أننا ننصح أن يتم التفاهم في ذلك بين الأم والعمة ، وحل النزاع بينهما بشكل ودي ، وتوسيط بعض الأقارب ، وأهل الخير ، لتصفية ما قد يكون بينهما من المشاحنات ؛ حرصا على الأرحام ، ألا تقطع ، ومصلحة الأيتام ألا تضيع .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة