0 / 0
216,65821/01/2018

هل صح أن هذا الذكر ( اللهم اغفر لي ذنبي ووسع لي في داري وبارك لي في رزقي ) من أذكار الوضوء؟

السؤال: 272749

هناك حديث صحيح لابن القيم ، وابن الملقن ، والنووي ، وغيرهم عند الوضوء : ” أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ فسمعته يقول ويدعو : ( اللهم اغفر لي ذنبي ، ووسع لي في داري ، وبارك لي في رزقي ) فقلت يا نبي الله سمعتك تدعو بكذا وكذا ، قال : (وهل تركت من شيء ؟) .
أنا أقول هذا الدعاء في الوضوء، فهل من السنة قول هذا الدعاء عند الوضوء ؟
فأنا أقول البسملة في أوله مع النية في القلب ، وأتشهد في آخره ، وأقول اللهم اجعلني من المتطهرين التوابين، وأرجو شرح الحديث لفهم المعنى الصحيح ، وفي أي وقتٍ يقال.

ملخص الجواب

ملخص الجواب :  أن الحديث مختلف في صحته ، والراجح ضعفه ، وعلى فرض صحته ، فقد اختلف أهل العلم في موضع الإتيان به ، على التفصيل المذكور في الجواب الكامل للسؤال .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الحديث الذي ذكره السائل حديث مختلف في صحته ، والراجح ضعفه ، وبيان ذلك كما يلي :

أولا : تخريج الحديث ، والحكم عليه .

أخرجه أحمد في “مسنده” (19574) ، والنسائي في “عمل اليوم والليلة” (80) ، وأبو يعلى في “مسنده” (7273) ، وابن أبي شيبة في “مصنفه” (29391) ، ومسدد في “مسنده” كما في “إتحاف الخيرة المهرة” (581) ، والطبراني في “الدعاء” (656) ، من طريق المعتمر بن سليمان ، قال سمعت عباد بن عباد بن علقمة ، عن أبي مجلز لاحق بن حميد ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري قَالَ: ( أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ ، فَتَوَضَّأَ ، وَصَلَّى ، وَقَالَ: ( اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي ، وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي ) .

 وعند أحمد بلفظ :( اللهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي ، وَوَسِّعْ عَلَيَّ فِي ذَاتِي ، وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي ) .

والحديث رجاله ثقات .

وقد اختلف أهل العلم في سماع أبي مجلز لاحق بن حميد من أبي موسى الأشعري رضي الله عنه .

فذهب النووي ، والذهبي ، وابن العماد ، إلى أنه لقي أبا موسى الأشعري .

قال النووي في “تهذيب الأسماء” (ص592) :” سمع لاحق هذا جماعات من الصحابة ، منهم ابن عمر ، وابن عباس ، وأنس بن مالك ، وأبو موسى الأشعرى “. انتهى

وقال الذهبي كما في “العبر في خبر من غبر” (1/99) :” لقِي كبارَ الصحابة كأَبي موسى
، وابن عباس “. انتهى

وقال ابن العماد في “شذرات الذهب” (1/128) :” لحق كبار الصحابة كأبي موسى وابن عباس “. انتهى

وذهب الحافظ ابن حجر ، ورجحه الشيخ الألباني في “تمام المنة” (ص95) ، إلى أنه لم يسمع من أبي موسى رضي الله عنه .

قال ابن حجر في “نتائج الأفكار” (1/263) :” وأما حكم الشيخ ( يقصد الإمام النووي ) على الإسناد بالصحة : ففيه نظر ؛ لأن أبا مجلز لم يلق سمرة بن جندب ولا عمران بن حصين ، فيما قاله علي بن المديني ، وقد تأخرا بعد أبي موسى ، ففي سماعه من أبي موسى نظر .

وقد عُهد منه الإرسال ممن لم يلقه ، ورجال الإسناد المذكور رجال الصحيح ، إلا عباد بن عباد ، وهو ثقة ، والله أعلم “. انتهى

وبناء على هذا الاختلافي سماع أبي مجلز ، من أبي موسى ، اختلف أهل العلم في صحة هذا الحديث :

فصححه النووي في “الأذكار” (ص29) ، وابن القيم في “زاد المعاد” (2/354) ، وابن الملقن في “البدر المنير” (2/279) .

وضعفه ابن حجر في “نتائج الأفكار” (1/263) ، والشيخ الألباني في “تمام المنة” (ص95) .

والراجح – والله أعلم – ضعف الحديث ، وذلك لأنه لو فرضنا أن أبا مجلز سمع من أبي موسى ، فإنه مدلس ، وقد عنعن ، فلا يقبل حديثه إلا إذا صرح بالتحديث .

قال ابن حجر في “طبقات المدلسين” (31) :” أشار بن أبي خيثمة عن ابن معين إلى أنه كان يدلس ، وجزم بذلك الدارقطني “. انتهى

ثانيا :

متى يقال هذا الذكر – على فرض صحته – ؟

اختلف أهل العلم في موضع الإتيان بالذكر :

فمنهم من يرى أنه من الأذكار المتعلقة بالوضوء ، إما في أوله عند التسمية ، وإما بعد الفراغ منه.

ومن هؤلاء النسائي حيث بوب عليه في “عمل اليوم والليلة” فقال :” ما يقول إذا توضأ ” ، وابن الجزري حيث جعله في “عدة الحصن الحصين” (ص70) بعد التسمية في أول الوضوء .

ومن هؤلاء الهيثمي حيث بوب عليه في “إتحاف الخيرة المهرة” (1/341) فقال :” باب ما يقال بعد الوضوء ” ، وجعله ابن حجر الهيتمي في “تحفة المحتاج” (239) ، والرملي في “نهاية المحتاج” (1/196) ، والمناوي في “فتح القدير” (2/139) مما يقال بعد الوضوء .

وأشار عبد الحق الإشبيلي إلى أنه يحتمل الأمرين : عند الوضوء ، أو بعد الفراغ منه . فقد بوب عليه في “الأحكام الكبرى” (3/513) فقال :” بَاب مَا يَقُول عِنْد الْوضُوء وَإِذا فرغ مِنْهُ “. انتهى ، والزرقاني حيث قال في “شرح مختصر خليل” (1/131) :” الأولى قوله فيه وبعده “. انتهى

ومن أهل العلم من يرى أنه مما يقال بعد الصلاة .

ومن هؤلاء الطبراني حيث بوب عليه فقال :” باب جَامِعُ أَبْوَابِ الْقَوْلِ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ “.

وسبب الخلاف ، اختلاف الرواة في ضبط لفظ الحديث :

فرواه ابن أبي شيبة في “مصنفه” (29391) ، ومسدد كما في “إتحاف الخيرة المهرة” (581) ، ومحمد بن أبي بكر المقدمي وعارم أبو النعمان كما عند الطبراني في “الدعاء” (656) ، بلفظ :” عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ:” أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ ، فَتَوَضَّأَ ، وَصَلَّى ، وَقَالَ ..” .

وخالفهم محمد بن عبد الأعلى ، كما عند النسائي في “عمل اليوم والليلة” (80) ، فرواه بلفظ :” قَالَ أَبُو مُوسَى: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَضَّأَ ، فَسَمِعْتُهُ يَدْعُو .. “.

قال ابن حجر في “نتائج الأفكار” (1/263) :” وروينا هذه الزيادة في الطبراني الكبير من رواية مسدد وعارم والمقدمي كلهم عن معتمر ، ووقع في روايتهم فتوضأ ثم صلى .. ” .

ثم قال :” وهذا يدفع ترجمة ابن السني حيث قال:( باب ما يقول بين ظهراني وضوئه ) لتصريحه بأنه قاله بعد الصلاة ، ويدفع احتمال كونه بين الوضوء والصلاة “. انتهى

ومن أهل العلم من جمع بين الأمرين ، فقرر أنه من أذكار الوضوء ، والصلاة أيضا .

وذلك لورود نفس الذكر من طريق أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ:( يَا رَسُولَ اللهِ سَمِعْتُ دُعَاءَكَ اللَّيْلَةَ ، فَكَانَ الَّذِي وَصَلَ إِلَيَّ مِنْهُ أَنَّكَ تَقُولُ:” اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي ” قَالَ: فَهَلْ تَرَاهُنَّ تَرَكْنَ شَيْئًا ) .

أخرجه الترمذي في “سننه” (3500) ، وضعفه الشيخ الألباني في “ضعيف سنن الترمذي” (3748) .

ومن هؤلاء ابن القيم حيث وضعه في “زاد المعاد” (2/353) تحت فصل ” فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَذْكَارِ الْوُضُوءِ ” .

ووضعه كذلك في هديه في الصلاة (1/254) فقال :” وَكَانَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ أَيْضًا: ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي ). انتهى ، وكذلك الإمام الشوكاني حيث قال في “تحفة الذاكرين” (ص182) بعد ذكره الروايتين :” فالحديث من أذكار الصلاة ، ومن أذكار الوضوء باعتبار مجموع الروايات “. انتهى

والراجح أنه مما يقال بعد الصلاة ، أو في الصلاة ، وليس من أذكار الوضوء ، وذلك لما يلي :

أولا : أن أكثر رواة الحديث ذكروا الصلاة ، بعد الوضوء ، كما تقدم .

ثانيا : أنه قد ورد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال يقول هذا الذكر بعد الصلاة ، كما في “مصنف ابن أبي شيبة” (3050) من طريق يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، قَالَ : كَانَ أَبُو مُوسَى إذَا فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ ، قَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ، وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي ) . والأثر صحح سنده الشيخ الألباني في “تمام المنة” (ص96) .

ثالثا :

وأما معنى الحديث ، فهو كما يلي :

قال الصنعاني في “التنوير شرح الجامع الصغير” (3/102) :” ( اللَّهم اغفر لي ذنبي ) أصل الغفر : التغطية والستر ، أي غط ذنبي واستره ، بأن لا تعاقبني عليه ، فلا يظهر أثره ، حتى كأنه غطاء وستر .

فهما كناية عن عدم أثره ومحوه بالكلية.

( ووسع لي في داري ) الدار تعم دار الدنيا والآخرة والبرزخ .

فتوسيع دار الدنيا : الرضى بها ، والقناعة ، واتساعها للضيق .

ويحتمل أن يراد توسيعها حقيقة ، بأن يوسعها تعالى كذلك .

ودار البرزخ يجعلها واسعة برحمته ، وإدخال الروح والريحان ونحوه .

ودار الآخرة كذلك ، وغيره من الزلفى .

( وبارك لي في رزقي ) البركة : الزيادة والنماء ، وهو مطلوب للعبد في أرزاقه وغيرها ، أو بالرضا به والقناعة “. انتهى

والحاصل :

أن الحديث مختلف في صحته ، والراجح ضعفه كما تقدم .
وعلى فرض صحته ، فقد اختلف أهل العلم في موضع الإتيان به ، على ما مر تفصيله .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android