أولا أحب أشكر القائمين على هذا الموقع ، وسؤالي أنني ولدت في بيئة عادية ، لم يوجهني أهلي في صغري ، لم أكن أعرف الحلال من الحرام في الغالب ، حتى وقعت بما يسمى إدمان الإباحيات ـ نسأل الله العافية ـ ، ثم استمررت بدون عادة سرية حتى عمر 15 سنة تقريبا بدأتها بشكل خفيف ، ثم حتى الآن بعمر 16.5 سنة تقريبا ، لكني الآن وـ لله الحمد ـ تائب منذ أربع أيام ، ولن أعود إلا بأمر الله ، المهم
أنا ابتليت بمرض عجيب غريب ، لكن بنفس الوقت رزقت شيئا عجيبا .
أولا المرض: هذا المرض لو عندي ملئ الأرض ذهب كي أتخلص منه لفعلت ، وهو شهوة الأطفال نسأل الله حسن الخواتيم ، الحمدلله ، نعم الحمدلله أني أشتهي النساء جدا ، ولا أشتهي الرجال ، فلذلك هو فقط بيدوفيليا ليس شذوذا .
ثانيا: إنني متوحم وحام المرأة ومشتهي شهوة لا يعلمها إلا الله في طلب العلم الشرعي ، نعم ، والله أمنيتي لو دخلتم صدري لوجدتموها الإنعزال عن البشر وطلب العلم حتى أهلك من الجهد ووالله إنني لمستعد قضاء جل وقتي وأغلب عمري ، وشبابي وشيخوختي في أن أطلب العلم ولو 10 ساعات يوميا بدون توقف .
المشكلة في الموضوع أنني تبت مرارا وتكرارا من العادة والشهوة بالاطفال ، وكل مرة أرجع ، فاليوم تقريبا نقضت العهد مع الله ، وكان عهدا قويا جدا ـ نسأل الله المغفرة ـ ، لكس سرعان ماتبت ، وبعد ما نويت التوبة وصليت واستغفرت وتبت ، أتتني وساوس لا أدري هل هي حقيقية أم من الشيطان
فتقريبا من هنا سأبدا الأسئلة :
س1- هل ممكن أن الله يغضب على العبد غضبا لا رضى بعده حتى لو تاب وندم ، وأنا هو ، فوالله ليبكيني أن يغضب الله علي فمن يرحمني ؟
س2- هل مريض بيدوفيليا التائب العابد الزاهد يدخل الجنة ؟
س3- ما حكم طلب العلم 24 ساعة واعتزال خفيف للناس ؟
التوبة من الولع الجنسي بالأطفال
السؤال: 272896
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
غضب الله الذي لا رضى بعده أبدا لا يكون إلا على المخلدين في النار من الكفار ، ورضى الله الذي لا سخط بعده أبدا لا يكون إلا لأهل الجنة من الموحدين .
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
” إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْلِ الجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟
فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَلاَ أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا “
رواه البخاري 7518 ومسلم 2829
وفي حديث الشفاعة الطويل:
( فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ .. )
متفق عليه .
وهذا كله في الآخرة .
وأما في الدنيا : فالله تعالى يغضب على الكفرة المعاندين ، والعصاة المصرين ، فإن تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات رضي عنهم وغفر لهم ، بل وبدل سيئاتهم حسنات بمنه وكرمه وفضله سبحانه
قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الفرقان/68-70
ولبيان قبول توبة العصاة ، ورضى الله عنهم بعد التوبة : ينظر جواب السؤال رقم (46683).
ثانيا :
فيما يتعلق بالبيدوفيليا أو الولع الجنسي بالأطفال pedophilia فإنها ليست مجرد اضطراب نفسي خارج عن إرادة الإنسان ، بل هي معصية إدمانية ، وكبيرة من الكبائر العظيمة ، المتعلقة بإرادة الإنسان وشهوته ، فمدمن الخمر محاسب على إدمانه ، لأنه هو الذي ابتدأه ، ثم لم يسع للتوبة منه ، وعلاجه ، ومدمن المخدرات محاسب كذلك ، لأنه هو الذي تسبب ابتداء في هذا الإدمان ، وهو الذي تسبب انتهاء في استمراره .
وهذا نفس ما يقال في الولع الجنسي بالأطفال ، أو ما يعرف بالبيدوفيليا ، فالمرء لا يولد بهذا المرض القلبي والاضطراب النفسي ، ولا يوجد ما يدفعه ، جينيا ، أو هرمونيا ، رغما عنه ؛ بل هو سلوك إدماني مرضي ، يتبع فيه المرء شهوته وهواه في فعل ما حرمه الله .
وقد جاء شرع الله تعالى بالحلول الجذرية لعلاج هذا الداء العضال ، بل وعلاج ما هو أشد منه ، كفعل قوم لوط المعروف في أيامنا بالشذوذ الجنسي .
وأصل هذه الحلول هو تقوى الله ، والعمل بطاعته سبحانه ، مع الإكثار من التوبة والاستغفار من هذا الفعل الجالب للعار والشنار .
ولو كان هذا الفعل – اللواط – مجرد مرض نفسي يقع بغير إرادة الإنسان لما حاسب الله فاعله ، ولما جعل له عقوبة شديدة في الدنيا ، وفي دار القرار.
وإذا تبين لك فيما سبق – أرشدك الله – أن الله يعفو ، ويغفر للتائب من الكفر ، عياذا بالله ، ويدخله الجنة ، إن مات تائبا مقبلا على الله ؛ فما ظنك بمن تاب وأناب ، مما هو دون الكفر؟!
والأصل في ذلك قوله تعالى : ( قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53
قال ابن القيم رحمه الله في ( الجواب الكافي 165 ) : ” فلا يخرج من هذا العموم ذنب واحد، ولكن هذا في حق التائبين خاصة ” . انتهى .
فإن قيل : فما الفارق بين هذه الآية وقوله تعالى : (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: 48] ؟
فالجواب عن ذلك : أن ” آية النساء – (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: 48] – هي لغير التائبين في القسمين.
والدليل عليه : أنه فرق بين الشرك وغيره في المغفرة .
ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام : أن الشرك يغفر بالتوبة، وإلا لم يصح إسلام كافر أبدا.
وأيضا : فإنه خصص مغفرة ما دون الشرك بمن يشاء . ومغفرةُ الذنوب للتائبين : عامة ؛ لا تخصيص فيها . فخصص وقيد، وهذا يدل على أنه حكم غير التائب.
وأما آية الزمر (إن الله يغفر الذنوب جميعا) [الزمر: 53] : فهي في حق التائب، لأنه أطلق وعمم، فلم يخصها بأحد، ولم يقيدها بذنب . ومن المعلوم بالضرورة : أن الكفر لا يغفره، وكثير من الذنوب لا يغفرها .
فعلم أن هذا الإطلاق والتعميم في حق التائب، فكل من تاب ، من أي ذنب كان : غفر له ” .
فالحاصل : أن من مات تائبا غفر الله له ، سواء كان تائبا من الشرك ، أو مما دون الشرك من المعاصي .
وأن من مات على غير توبة ، فإما أن يموت كافرا : فهذا لا يغفر الله له .
وإما أن يموت عاصيا ، بما دون الكفر : فهذا في مشيئة الله ، إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له ، ومآله في آخر الأمر إلى الجنة ، متى مات مسلما موحدا .
ثالثا :
وفيما يتعلق بالتفرغ التام لطلب العلم ، فيقال فيه :
إن العلم وسيلة لغاية ، وليست غاية في ذاته ، فهو وسيلة للعبادة والعمل بطاعة الله ، ووسيلة للدعوة إلى الله على بصيرة .
وعليه فالتفرغ المعطل لهذه الغايات العظيمة ليس بمشروع .
كذلك : فإن التفرغ المعطل للمرء عن القيام بنفسه أو بأهله ، ممن يجب عليه النفقة عليهم : ليس بمشروع .
وأما التفرغ لطلب العلم ، مع مراعاة القيام بما أوجبه الله من أمور المعاش والمعاد : فلا بأس به، وهو من أجل الأعمال ، وأفضل القربات .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (245773).
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة