0 / 0

التوبة من الولع الجنسي بالأطفال

السؤال: 272896

أولا أحب أشكر القائمين على هذا الموقع ، وسؤالي أنني ولدت في بيئة عادية ، لم يوجهني أهلي في صغري ، لم أكن أعرف الحلال من الحرام في الغالب ، حتى وقعت بما يسمى إدمان الإباحيات ـ نسأل الله العافية ـ ، ثم استمررت بدون عادة سرية حتى عمر 15 سنة تقريبا بدأتها بشكل خفيف ، ثم حتى الآن بعمر 16.5 سنة تقريبا ، لكني الآن وـ لله الحمد ـ تائب منذ أربع أيام ، ولن أعود إلا بأمر الله ، المهم
أنا ابتليت بمرض عجيب غريب ، لكن بنفس الوقت رزقت شيئا عجيبا .
أولا المرض: هذا المرض لو عندي ملئ الأرض ذهب كي أتخلص منه لفعلت ، وهو شهوة الأطفال نسأل الله حسن الخواتيم ، الحمدلله ، نعم الحمدلله أني أشتهي النساء جدا ، ولا أشتهي الرجال ، فلذلك هو فقط بيدوفيليا ليس شذوذا .
ثانيا: إنني متوحم وحام المرأة ومشتهي شهوة لا يعلمها إلا الله في طلب العلم الشرعي ، نعم ، والله أمنيتي لو دخلتم صدري لوجدتموها الإنعزال عن البشر وطلب العلم حتى أهلك من الجهد ووالله إنني لمستعد قضاء جل وقتي وأغلب عمري ، وشبابي وشيخوختي في أن أطلب العلم ولو 10 ساعات يوميا بدون توقف .
المشكلة في الموضوع أنني تبت مرارا وتكرارا من العادة والشهوة بالاطفال ، وكل مرة أرجع ، فاليوم تقريبا نقضت العهد مع الله ، وكان عهدا قويا جدا ـ نسأل الله المغفرة ـ ، لكس سرعان ماتبت ، وبعد ما نويت التوبة وصليت واستغفرت وتبت ، أتتني وساوس لا أدري هل هي حقيقية أم من الشيطان
فتقريبا من هنا سأبدا الأسئلة :
س1- هل ممكن أن الله يغضب على العبد غضبا لا رضى بعده حتى لو تاب وندم ، وأنا هو ، فوالله ليبكيني أن يغضب الله علي فمن يرحمني ؟
س2- هل مريض بيدوفيليا التائب العابد الزاهد يدخل الجنة ؟
س3- ما حكم طلب العلم 24 ساعة واعتزال خفيف للناس ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

غضب الله الذي لا رضى بعده أبدا لا يكون إلا على المخلدين في النار من الكفار ، ورضى الله الذي لا سخط بعده أبدا لا يكون إلا لأهل الجنة من الموحدين .

فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

” إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْلِ الجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟

فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَلاَ أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا “

رواه البخاري 7518 ومسلم 2829

وفي حديث الشفاعة الطويل:

( فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ .. )

متفق عليه .  

وهذا كله في الآخرة .

وأما في الدنيا : فالله تعالى يغضب على الكفرة المعاندين ، والعصاة المصرين ، فإن تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات رضي عنهم وغفر لهم ، بل وبدل سيئاتهم حسنات بمنه وكرمه وفضله سبحانه

قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الفرقان/68-70

ولبيان قبول توبة العصاة ، ورضى الله عنهم بعد التوبة : ينظر جواب السؤال رقم (46683).

ثانيا :

فيما يتعلق بالبيدوفيليا أو الولع الجنسي بالأطفال pedophilia فإنها ليست مجرد اضطراب نفسي خارج عن إرادة الإنسان ، بل هي معصية إدمانية ، وكبيرة من الكبائر العظيمة ، المتعلقة بإرادة الإنسان وشهوته ، فمدمن الخمر محاسب على إدمانه ، لأنه هو الذي ابتدأه ، ثم لم يسع للتوبة منه ، وعلاجه ، ومدمن المخدرات محاسب كذلك ، لأنه هو الذي تسبب ابتداء في هذا الإدمان ، وهو الذي تسبب انتهاء في استمراره .

وهذا نفس ما يقال في الولع الجنسي بالأطفال ، أو ما يعرف بالبيدوفيليا ، فالمرء لا يولد بهذا المرض القلبي والاضطراب النفسي ، ولا يوجد ما يدفعه ، جينيا ، أو هرمونيا ، رغما عنه ؛ بل هو سلوك إدماني مرضي ، يتبع فيه المرء شهوته وهواه في فعل ما حرمه الله .

وقد جاء شرع الله تعالى بالحلول الجذرية لعلاج هذا الداء العضال ، بل وعلاج ما هو أشد منه ، كفعل قوم لوط المعروف في أيامنا بالشذوذ الجنسي .

وأصل هذه الحلول هو تقوى الله ، والعمل بطاعته سبحانه ، مع الإكثار من التوبة والاستغفار من هذا الفعل الجالب للعار والشنار .

ولو كان هذا الفعل – اللواط – مجرد مرض نفسي يقع بغير إرادة الإنسان لما حاسب الله فاعله ، ولما جعل له عقوبة شديدة في الدنيا ، وفي دار القرار.

وإذا تبين لك فيما سبق – أرشدك الله – أن الله يعفو ، ويغفر للتائب من الكفر ، عياذا بالله ، ويدخله الجنة ، إن مات تائبا مقبلا على الله ؛ فما ظنك بمن تاب وأناب ، مما هو دون الكفر؟!

والأصل في ذلك قوله تعالى : ( قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53

قال ابن القيم رحمه الله في ( الجواب الكافي 165 ) : ” فلا يخرج من هذا العموم ذنب واحد، ولكن هذا في حق التائبين خاصة ” . انتهى .  

فإن قيل : فما الفارق بين هذه الآية وقوله تعالى : (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: 48] ؟

فالجواب عن ذلك : أن ” آية النساء – (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: 48] – هي لغير التائبين في القسمين.

والدليل عليه : أنه فرق بين الشرك وغيره في المغفرة .

ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام : أن الشرك يغفر بالتوبة، وإلا لم يصح إسلام كافر أبدا.

وأيضا : فإنه خصص مغفرة ما دون الشرك بمن يشاء . ومغفرةُ الذنوب للتائبين : عامة ؛ لا تخصيص فيها . فخصص وقيد، وهذا يدل على أنه حكم غير التائب.

وأما آية الزمر (إن الله يغفر الذنوب جميعا) [الزمر: 53] : فهي في حق التائب، لأنه أطلق وعمم، فلم يخصها بأحد، ولم يقيدها بذنب . ومن المعلوم بالضرورة : أن الكفر لا يغفره، وكثير من الذنوب لا يغفرها .

فعلم أن هذا الإطلاق والتعميم في حق التائب، فكل من تاب ، من أي ذنب كان : غفر له ” .

فالحاصل : أن من مات تائبا غفر الله له ، سواء كان تائبا من الشرك ، أو مما دون الشرك من المعاصي .

وأن من مات على غير توبة ، فإما أن يموت كافرا : فهذا لا يغفر الله له .

وإما أن يموت عاصيا ، بما دون الكفر : فهذا في مشيئة الله ، إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له ، ومآله في آخر الأمر إلى الجنة ، متى مات مسلما موحدا .

ثالثا :

وفيما يتعلق بالتفرغ التام لطلب العلم ، فيقال فيه :

إن العلم وسيلة لغاية ، وليست غاية في ذاته ، فهو وسيلة للعبادة والعمل بطاعة الله ، ووسيلة للدعوة إلى الله على بصيرة .

وعليه فالتفرغ المعطل لهذه الغايات العظيمة ليس بمشروع .

كذلك : فإن التفرغ المعطل للمرء عن القيام بنفسه أو بأهله ، ممن يجب عليه النفقة عليهم : ليس بمشروع .

وأما التفرغ لطلب العلم ، مع مراعاة القيام بما أوجبه الله من أمور المعاش والمعاد : فلا بأس به، وهو من أجل الأعمال ، وأفضل القربات .

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم  (245773).

والله أعلم

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android