تنزيل
0 / 0
48,87329/12/2017

دخل في صلاة الظهر وأثناء الصلاة ظن أنها العصر

السؤال: 274176

أود الاستفسار عن شخص صلى صلاة بنية الفرض ولنقل الظهر مثلا ، وفي وسط الصلاة سهى وظنها العصر ، غير متعمد قلب النية، وانتبه لذلك بعد الصلاة ، فهل عليه شيء ؟

ملخص الجواب

مخلص الجواب :  أن من نوى صلاة الظهر ، ثم أثناء الصلاة سها ، وظن أنه في صلاة العصر: فإن لم يعمل شيئا لصلاة العصر ينافي نيته الأولى، صحت صلاة الظهر . وإن عمل شيئا ، فقد اختلف أهل العلم في ذلك . وأظهر القولين في المسألة : أنه ينبني على ما فات ، وصلاته صحيحة ، إن شاء الله .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

النية شرط من شروط صحة الصلاة ، فلا تصح الصلاة إلا بالنية باتفاق العلماء .

والواجب في النية أن يبقى المصلي مستصحبا لحكمها ، بمعنى أنه لا يقطع نية الصلاة .

أما استصحاب ذكر النية ، بمعنى أنه يبقى متذكرا في الصلاة كلها أنه في صلاة الظهر مثلا ، فهذا مستحب وليس بواجب .

قال النووي رحمه الله في "روضة الطالبين" (1/224) :

"ولا يجب استصحاب النية بعد التكبير ، ولكن يشترط أن لا يأتي بمناقض لها" انتهى .

وقال البهوتي في "كشاف القناع" (2/447) :

" ( وَيَجِبُ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهَا ) أَيْ النِّيَّةِ ( إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ ) بِأَنْ لَا يَنْوِيَ قَطْعَهَا دُونَ اسْتِصْحَابِ ذِكْرِهَا ، فَلَوْ ذَهَلَ عَنْهَا ، أَوْ عَزَبَتْ [أي : غابت] عَنْهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَمْ تَبْطُلْ ، لِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْ هَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ ، وَقِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ .

وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ حِصَاصٌ فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ : اُذْكُرْ كَذَا ، اُذْكُرْ كَذَا ، حَتَّى يَظَلَّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى) وَإِنْ أَمْكَنَهُ اسْتِصْحَابُ ذِكْرِهَا فَهُوَ أَفْضَلُ ( فَإِنْ قَطَعَهَا ) أَيْ : النِّيَّةَ ( فِي أَثْنَائِهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ، لِأَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي جَمِيعِهَا، وَقَدْ قَطَعَهَا؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ سَلَّمَ يَنْوِي الْخُرُوجَ مِنْهَا " انتهى .

ثانيا :

إذا نوى المصلي صلاة الظهر ، وأثناء الصلاة ظن أنها صلاة أخرى ، فقيل :

إن غَيَّر شيئا في صلاته بناء على هذا الظن : لم تصح صلاته ، ويستأنف الصلاة من جديد .

جاء في "شرح منتهى الإرادات" (1/230)  ذكر هذه المسألة وعللها بقوله :

"لِأَنَّهُ قَدْ قَطَعَ نِيَّةَ الْأُولَى بِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ فِي أُخْرَى ، وَعَمَلِهِ لَهَا مَا يُنَافِي الْأُولَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ مَا يُنَافِيهَا.

وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ إمَامٍ صَلَّى بِقَوْمٍ الْعَصْرَ، فَظَنَّ أَنَّهَا الظُّهْرُ، فَطَوَّلَ الْقِرَاءَةَ ثُمَّ ذَكَرَ، فَقَالَ: يُعِيدُ وَيُعِيدُونَ" انتهى .

وقال ابن مفلح رحمه الله في الفروع (2/142) :

" إنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ رَبَاعِيَةٍ، ثُمَّ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَظُنُّهَا جُمُعَةً أَوْ فَجْرًا، أَوْ التَّرَاوِيحَ، ثُمَّ ذَكَرَ : بَطَلَ فَرْضُهُ، وَلَمْ يَبْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ، [يعني : الإمام أحمد] لِأَنَّ فِعْلَهُ لَمَّا نَافَى الْأَوْلَى ، قَطَعَ نِيَّتَهَا، كَمَا لَوْ كَانَ عالما .

ويتوجه احتمال وتخريج : يبني ، كظنه تمام مَا أَحْرَمَ بِهِ" انتهى . 

وينظر: "الإنصاف" (3/370).

والقول الثاني : أنها تصح ، مطلقا ، وهو "الاحتمال" و"الاتجاه" الذي أشار إليه ابن مفلح .

وهذا هو مذهب الشافعية في الأظهر .

قال النووي رحمه الله : " وهل يجب أن ينوي بسلامه الخروج [يعني : من الصلاة ] ؟

فيه وجهان مشهوران :

(أصحهما) عند الخراسانيين : لا يجب ؛ لأن نية الصلاة شملت السلام..

(والثاني) : يجب ، وهذا هو الأصح عند جمهور العراقيين …

والصحيح : الأول . قال الرافعي : وهو اختيار معظم المتأخرين …

قال أصحابنا : فإن قلنا يجب نية الخروج ، لم تجب عن الصلاة التي يخرج منها ؛ بلا خلاف …

قالوا : فلو عَيَّن غير التي هو فيها ، عمدا : بطلت صلاته .

وإن كان سهوا : سجد للسهو ، وسلم ثانيا .

وإن قلنا لا تجب النية : لم يضر الخطأ في التعيين ؛ لأنه كمن لم ينوِ .

هكذا قاله أصحابنا ، واتفقوا عليه .

قال صاحب "العدة" و"البيان" : لا يضره ، كما لو شرع في صلاة الظهر ، وظن في الركعة الثانية أنه في العصر ، ثم تذكر في الثالثة أنها الظهر ؛ لم يضره ، وصلاته صحيحة في المسألتين " انتهى، من "المجموع شرح المهذب" (3/477) .

وقال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله : "(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ بِالسَّلَامِ) الْأَوَّلِ (الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا كَنِيَّةِ التَّحَرُّمِ …

وَإِذَا نَوَى : (فَلَا يَضُرُّ تَعْيِينُ غَيْرِ صَلَاتِهِ) خَطَأً ؛ كَمَا لَوْ دَخَلَ فِي ظُهْرٍ ، وَظَنَّهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ عَصْرًا، ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي الثَّالِثَةِ ؛ لَا يَضُرُّ" . انتهى، من "أسنى المطالب" (1/167) .

وهذا أيضا ، هو مذهب الأحناف في المسألة :

قال الكاساني رحمه الله : " وَلَوْ شَرَعَ فِي الظُّهْرِ ، ثُمَّ تَوَهَّمَ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ، فَصَلَّى عَلَى ذَلِكَ الْوَهْمِ ، رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ فِي الظُّهْرِ – فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ النِّيَّةِ شَرْطُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ ، لَا شَرْطُ بَقَائِهَا ، كَأَصْلِ النِّيَّةِ، فَلَمْ يُوجَدْ تَغْيِيرُ فَرْضٍ ، وَلَا تَرْكُ وَاجِبٍ .

فَإِنْ تَفَكَّرَ فِي ذَلِكَ تَفَكُّرًا شَغَلَهُ عَنْ رُكْنٍ : فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ ، اسْتِحْسَانًا عَلَى مَا مَرَّ." انتهى، من "بدائع الصنائع" (1/165) .

وجاء "فتاوى قاضيخان" (1/59) : "ولو افتتح الظهر ، ثم نسي فظن أنه في العصر ، فصلى ركعة أو أكثر ، ثم تذكر أنه كان في الظهر لا سهو عليه؛ لأن تفكره لم يشغله عن أداء ركن. ولو شك في ركوعه ، أو سجوده ، وطال تفكره : كان عليه السهو"  . انتهى .

وينظر أيضا : "الأصل" ، لمحمد بن السحن (1/262) .

وبناء على هذا ، أن من نوى صلاة الظهر ، ثم أثناء الصلاة سها ، وظن أنه في صلاة العصر: فإن لم يعمل شيئا لصلاة العصر ينافي نيته الأولى، صحت صلاة الظهر . وإن عمل شيئا ، فقد اختلف أهل العلم في ذلك .

وأظهر القولين في المسألة : أنه ينبني على ما فات ، وصلاته صحيحة ، إن شاء الله .   

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android