تصرف بعض الجهات الخيرية أموالا أو تنشئ مشاريعا بالدين ، ثم تأخذ المبالغ فيما بعد ، كإفطار صائم ، أو المطبخ الرمضاني ، أو كسوة الشتاء ، وهم يقولون : تصدق بنية إفطار صائم ، وهم قد سبق أن أطعموه ، أو تصدق بنية كسوة الشتاء للمحتاج وهم قد كسوه ، فهل هذا جائز ؟ علما أنه قد يحصل عجز ، فلا تصل المبالغ أحيانا لما صرف سابقا .
تستدين الجمعية وتطعم الصائمين ثم تقول للمتبرعين تبرعوا لتفطير الصائمين
السؤال: 276686
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا أقامت الجمعية مشاريع كإفطار الصائم أو كسوة الشتاء واستدانت في ذلك، جاز لها أن تأخذ من المتبرعين ما تسد به هذا الدين، بشرط الإخبار بالواقع، بأن يقال للمتبرع: علينا دين في كذا، فإن شاء دفع وإن شاء لم يدفع .
ولا يجوز أن يقال له: تبرع لإفطار الصائم، لأن هذا توكيل في الإطعام، فيلزم الجمعية أن تقوم بذلك، والواقع أنها لن تفعل، ولا يحصل الامتثال بالإطعام السابق قبل التوكيل.
والجمعية غير مطالبة بالاستدانة ابتداء، وإنما تقيم المشاريع وفق ما لديها من مال، فإن استدانت فلا حرج، وتقضي الدين من أموال المتبرعين على ما ذكرنا.
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (202090) .
وثمة وجه جائز في مثل هذه الحال عند بعض أهل العلم، وهو ألا تستدين الجمعية، بل تخرج الصدقة عن أحد المتبرعين المعينين ، المعروفين للجمعية، ثم تخبره بذلك، فإن أجاز ذلك ، وتحمل كلفة الإطعام : كان الأجر له . وإن لم يجزه تحملته الجمعية ، أو من تصرف بذلك .
والقول بجواز الإطعام ، والصدقة عن الغير ، قبل إذنه : مبني على القول بجواز تصرف الفضولي ، في مال الغير ، وهبته ، وتبرعه ، إذا أجازه صاحب المال بعد علمه .
جاء في “الموسوعة الفقهية” (30/251) :
” اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هِبَةِ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِلَى فَرِيقَيْنِ :
الْفَرِيقِ الأَوَّلِ : يَرَى فِي هِبَةِ مَالِ الْغَيْرِ : أَنَّهَا تَنْعَقِدُ ، مَوْقُوفَةً عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ ، أَوْ مَنْ لَهُ الْحَقُّ فِي الإِجَازَةِ شَرْعًا ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَدِيمِ ، وَالْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ . وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ هِبَةَ الْفُضُولِيِّ لِمَالِ الْغَيْرِ : تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ صَادِرٌ مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لإِصْدَارِهِ ، مُضَافٌ إِلَى الْمَحَلِّ ، فَيَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ صَاحِبِ الْحَقِّ ، فَإِنْ أَجَازَهُ نَفَذَ ، وَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ .
يُضَافُ إِلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لا ضَرَرَ مِنَ انْعِقَادِ الْهِبَةِ مَوْقُوفَةً عَلَى الإِجَازَةِ ؛ لأَنَّ الضَّرَرَ يَتَحَقَّقُ فِي انْعِقَادِهَا مِنَ الْفُضُولِيِّ نَافِذَةً لا مَوْقُوفَةً .
أَمَّا الْفَرِيقِ الثَّانِي : فَقَدْ ذَهَبَ إِلَى بُطْلانِ هِبَةِ مَالِ الْغَيْرِ ، وَهَذَا قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْجَدِيدِ ، وَاحْتَجُّوا عَلَى بُطْلانِ هِبَةِ مَالِ الْغَيْرِ بِالْقِيَاسِ ، فَقَالُوا : هِبَةُ الْفُضُولِيِّ
لِمَالِ الْغَيْرِ كَبَيْعِهِ تَنْعَقِدُ بَاطِلَةً ، فَكَمَا لا يَصِحُّ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ لا تَصِحُّ هِبَتُهُ .. ” انتهى .
وجاء في “المعايير الشرعية” (627-628):
” * الفضولي : هو من يتصرف في شؤون الغير ، دون أن يكون وكيلا ، أو مأذونا له بحكم الشرع ، ولو لم يكن التصرف ضروريا ، أو عاجلا ، ولو ظهر الفضولي بمظهر المتصرف في مال نفسه .
* عقد الفضولي موقوف على إجازة صاحب الحق ؛ فإن أجازه نفذ ، وإن لم يجزه بطل … وإذا لم يجز صاحب الحق تصرف الفضولي له ، يكون التصرف للفضولي ، إذا لم يفصح عند تصرفه أنه فضولي ، بأن أضاف العقد إلى نفسه .
* تطبق أحكام تصرف الفضولي ، في جميع العقود المالية ، سواء كانت من المعاوضات ، مثل البيع والشراء ، والإيجار والاستئجار ، أم من التبرعات ، مثل الهبة .. ” انتهى .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة