أريد ان أسأل عن صلاة الصبح والفجر، أنا دائما أصلي الوتر بعد العشاء وأنام وفي وقت الفجر استيقظ وأصلي ركعتي الفجر بالفاتحة وسورة الاخلاص في الركعة الأولى وفي الثانية بسورة الكافرون وركعتي الصبح بعدها كل ركعة بالفاتحة وسورة قصيرة وبعد شروق الشمس أصلي ركعتي الضحى والظهر في وقته وهكذا.. لكن مؤخرا سمعت شيخا من الجزائر يقول إن ركعتي الفجر تصلى فقط بالفاتحة مع العلم أنا من المغرب.. أتمنى منكم الإجابة الشافية وجزاكم الله كل خير
هل تشرع القراءة في ركعتي الفجر زيادة على فاتحة الكتاب؟
السؤال: 277077
ملخص الجواب
ملخص الجواب : دلت السنة على القراءة في ركعتي الفجر ، وأما الاقتصار على فاتحة الكتاب فقد قال به بعض أهل العلم ، لكنه قول مرجوح .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم سنتان فيما يُقرأ في ركعتي الفجر.
الأولى: أن يقرأ في الركعة الأولى سورة الكافرون ، وفي الثانية سورة الإخلاص.
لما رواه مسلم (726) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قَرَأَ فِي رَكعَتَي الفَجرِ : قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ ، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) .
الثانية: أن يقرأ في الركعة الأولى قوله تعالى: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة:136)
وفي الركعة الثانية قوله تعالى في سورة آل عمران: (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).
لما رواه مسلم (727) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا: (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا …)، الْآيَةَ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ/36 ، وَفِي الْآخِرَةِ مِنْهُمَا: (آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) وهي الآية التي في سورة آل عمران/52.
والأفضل في مثل ذلك : أن يقرأ المسلم أحياناً بهذا ، وأحياناً بهذا؛ تطبيقاً للسنة ، فيما وردت به من وجوه .
ثانيا :
ركعتا الفجر من النوافل التي يُسنُّ فيها التخفيف .
ففي حديث ابن عباس في الصحيحين في قصة مبيته عند خالته ميمونة ، قال : ” فقام صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين خفيفتين ، ثم خرج فصلى الصبح”.
وفيهما أيضاً عن ابن عمر، أن حفصة أم المؤمنين أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ( كَانَ إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْأَذَانِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، وَبَدَا الصُّبْحُ، رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ) “.
وروى البخاري (1165) ومسلم (724) عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ ، حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ : هَلْ قَرَأَ بِأُمِّ الْكِتَابِ ؟! ).
وفهم بعض أهل العلم -كالمالكية – من حديث عائشة رضي الله عنها: الاكتفاء بقراءة سورة الفاتحة في ركعتي الفجر .
قال القرطبي رحمه الله : ” واستحب مالك الاقتصار على أم القرآن على ظاهر حديث عائشة رضي الله عنها ” انتهى من “المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم” (2/362) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ” وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ الْبَابِ : عَلَى أَنَّهُ لَا يَزِيدُ فِيهِمَا عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ” انتهى من ” فتح الباري” (3/47).
وحديث عائشة ليس فيه تصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقرأ فيهما بشيء بعد الفاتحة ، وإنما هو مبالغة منها في الدلالة على شدة التخفيف، ولا يلزم من ذلك ترك القراءة، وخاصة بعد ثبوت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ فيهما.
قال النووي رحمه الله : ” هَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي التَّخْفِيفِ ، وَالْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِطَالَةِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَغَيْرِهَا مِنْ نَوَافِلِهِ ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَنْ قَالَ لَا تُقْرَأُ فِيهِمَا أَصْلًا “. انتهى من “شرح صحيح مسلم” (6/4).
وقال: ” وَقَالَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ : لَا يَقْرَأُ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ ، وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ لَا يَقْرَأُ شَيْئًا ، وَكِلَاهُمَا خِلَافُ هَذِهِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا مُعَارِضَ لَهَا ” انتهى من ” شرح النووي على مسلم” (6/6) .
قال الشوكاني : ” وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّ عَائِشَةَ شَكَّتْ هَلْ كَانَ يَقْرَأُ بِالْفَاتِحَةِ أَمْ لَا؟ لِشَدَّةِ تَخْفِيفِهِ لَهُمَا ، وَهَذَا لَا يَصْلُحُ التَّمَسُّكُ بِهِ لِرَدِّ الْأَحَادِيثِ الصَّرِيحَةِ الصَّحِيحَةِ الْوَارِدَةِ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ …
وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ مُطْلَقِ التَّخْفِيفِ ، وَالِاقْتِصَارِ عَلَى الْفَاتِحَةِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ” انتهى من ” نيل الأوطار” (3/ 27) .
وقد جاء عن الإمام قول آخر ، موافق لما صح من ذلك ، ولعله رجع إليه .
قال الباجي في “المنتقى شرح الموطأ” (1/227):
” وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ : يَقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ .
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِيهَا بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، وَذُكِرَ الْحَدِيثُ لِمَالِكٍ ؛ فَأَعْجَبَهُ”.
والحاصل :
أن السنة تدل على القراءة في ركعتي الفجر ، وأما الاقتصار على فاتحة الكتاب فقد قال به بعض أهل العلم ، لكنه قول مرجوح .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب