تنزيل
0 / 0
117,14818/04/2018

كيف أصبر على موت والدتي وكيف أبرها بعد موتها ؟ وهل يصل ثواب القرآن والذكر لها ؟

السؤال: 278957

توفيت أمي في 29 من رمضان المنصرم في حادثة سير، حيث كانت في طريقها لقضاء عيد الفطر مع والدتها غير أنه سبق أجلها ، مند ذلك الحين لا أستطيع نسيانها ، ولا أنام اليل بسبب التفكير بها، وربما لو كنت معها لما حدت ما حدث ، وخلال رمضان زارت كل من تسنى لها أن تزور من إخوتها وأقاربها ، وأرادت أن تختمها بزيارة والدتها غير أن الموت هجم عليها، وأردت أن أسأل عن الآتي :
هل في الأثر مايدل على أن الإنسان يسري الموت في جسده أربعين يوما قبل دنو أجله ؟
هل المتوفى في رمضان يدخل من باب الريان كما جاء في الأثر ؟
ما هي الأعمال التي يمكن أن أبر بها أمي رحمها اللّٰه في قبرها ؟
هل ثواب القرآن والذكر يصلها ؟
هل هناك حديث يقول : بأن الميت يطلعه اللّٰه عز وجل على أخبار ذويه السارة ؟
أمي كانت كل شيء ، وكنت أعيش لأجلها ولإسعادها ، وبعد موتها أصبحت الدنيا عندي بلا معنى ، فهل من شيء يخرجني مما أنا فيه ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولًا :

لا نعلم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو آثار السلف الصالح ما يدل على سريان الموت في الجسد قبل الموت بأربعين يومًا ، ولا نعلم لذلك دليلا ، أو أصلا شرعيا .

والمنصوص في محكم التنزيل أن الموت الممثل في حضور ملك الموت لا يقع إلا عند حضور الأجل . قال تعالى :

(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) الأعراف/34 .

وأما دخول المتوفى في رمضان من باب الريان : فالذي جاءت به السنة : أن الوعد المذكور في الحديث ، بالدخول من باب الريان : إنما هو للصائمين حقيقة ، وليس لمن نوى الصيام وعجز عنه .

والراجح أيضا : أن هذه الفضيلة ليست لكل صائم ، وإنما هي لمن غلب عليه الاشتغال بالصيام، حتى أكثر من صوم النافلة ، وليس مجرد صيام الفريضة .

وللتفصيل والتدليل على ذلك انظر الجواب رقم (231820)

وأما مجرد الموت في رمضان : فلا نعلم له فضيلة خاصة ، أو ثوابا أعد لمثل ذلك ؛ وما زال الناس يموتون في رمضان ، صالحهم ، وطالحهم ، وإنما يثاب المرء على ما قدم من عمل صالح ، وما تقرب به إلى ربه من الطاعات التي تقع منه باختياره ؛ وأما موت الإنسان وحياته : فذلك ليس بيده ، حتى يعلق به دخول الجنة ، أو دخول من باب الريان ، أو نحو ذلك .

ولمعرفة أفضل الأعمال التي من الممكن أن تبر بها أمك رحمها الله بعد موتها

انظر جواب السؤال رقم (131662) ورقم (232245).

ثانيًا :

أما وصول ثواب قراءة القرآن وثواب الذكر للأموات : فهذا وقع فيه نزاع بين العلماء ، والراجح أن قراءة القرآن وثواب الذكر لا يصل منه شيء للميت ولا ينتفع به ، لعدم فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولا أحد من أصحابه .

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (20996) ، (46698) .

وانظر جواب السؤال رقم (763) لمعرفة ما ينفع الميت من أعمال الحي .

ثالثًا :

أما اطلاع الأموات على شيء من أخبار أهليهم ، فقد ورد في الآثار ما يدل لذلك.

فقد أخرج النسائي (1 / 260) وابن حبان (733) والحاكم (1 / 352 و 353)

من طريق قتادة عن قسامة بن زهير عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  

( إذا حضر المؤمن أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء، فيقولون: اخرجي راضية مرضيا عنك،  إلى روح الله وريحان ، ورب غير غضبان .

فتخرج كأطيب ريح المسك، حتى إنه ليناوله بعضهم بعضا، حتى يأتون به باب السماء، فيقولون: ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض!

فيأتون به أرواح المؤمنين، فلهم أشد فرحا به من أحدكم بغائبه يقدم عليه .

فيسألونه: ماذا فعل فلان؟ ماذا فعل فلان؟

فيقولون : دعوه ، فإنه كان في غم الدنيا، فإذا قال: أما أتاكم؟ قالوا: ذهب به إلى أمه

الهاوية.

وإن الكافر إذا احتضر أتته ملائكة العذاب بمسح، فيقولون: اخرجي ساخطة ، مسخوطا عليك إلى عذاب الله عز وجل، فتخرج كأنتن ريح جيفة حتى يأتون به

باب الأرض، فيقولون: ما أنتن هذه الريح! حتى يأتون به أرواح الكفار ) .

قال الحاكم: ” صحيح الإسناد “، ووافقه الذهبي والألباني كما في السلسلة الصحيحة رقم 1309

ويؤيده ما رواه ابن المبارك في الزهد (149 / 443) عن أبي أيوب الأنصاري قال :

( إذا قبضت نفس العبد ، تلقاه أهل الرحمة من عباد الله ، كما يلقون البشير في الدنيا، فيقبلون عليه ليسألوه، فيقول بعضهم لبعض: أنظروا أخاكم حتى يستريح، فإنه كان في كرب، فيقبلون عليه، فيسألونه: ما فعل فلان؟ ما فعلت فلانة؟ هل تزوجت؟ فإذا سألوا عن الرجل قد مات قبله قال لهم: إنه قد هلك، فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب به إلى أمه الهاوية، فبئست الأم وبئست المربية. قال: فيعرض عليهم أعمالهم، فإذا رأوا حسنا فرحوا واستبشروا وقالوا: هذه

نعمتك على عبدك فأتمها، وإن رأوا سوءا قالوا: اللهم راجع بعبدك  ) .

وهذا الأثر روي موقوفا على أبي أيوب الأنصاري ومرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم

قال العلامة الألباني في الصحيحة ( 6/605 ) : ” إسناد الموقوف صحيح، وكونه موقوفا لا يضر، فإنه يتحدث عن أمور غيبية لا يمكن أن تقال بالرأي، فهو في حكم المرفوع يقينا ، لا سيما وقد روي مرفوعا” .  

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه : عن الأحياء ، إذا زاروا الأموات، هل يعلمون بزيارتهم؟ وهل يعلمون بالميت إذا مات من قرابتهم أو غيره؟ .

فأجاب:

” الحمد لله، نعم قد جاءت الآثار بتلاقيهم ، وتساؤلهم ، وعرض أعمال الأحياء على الأموات، كما روى ابن المبارك عن أبي أيوب الأنصاري … ” – فذكر الأثر السابق – ثم قال :

” وأما علم الميت بالحي إذا زاره ، وسلم عليه ، ففي حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا ، فيسلم عليه ، إلا عرفه ورد عليه السلام .

قال ابن المبارك: ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وصححه عبد الحق صاحب الأحكام.” . انتهى ، من “مجموع الفتاوى” ( 24/331 ) .

وننبه هنا إلى بطلان ما يسير على ألسنة بعض الناس ، من عود أرواح الأموات إلى بيوتهم ، وسراحهم فيها أربعين يوما . وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (13183).

وأخيرا ..

فيما يتعلق بمصابكَ في أمك وحزنك الشديد على فراقها ، فقد قال الله تعالى :

(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) البقرة/155-157

فما أطيب هذه الكلمة ، وما أطيب وقعها في النفوس : إنا لله ، وإنا إليه راجعون !

إنا لله – جميعا – : خلقه ، ومُلكه ، وعبيده ؛ يدبرهم بأمره وحكمته ، كيف يشاء ، فعال لما يريد ، لا معقب لحكمه ، ولا راد لقضائه ، سبحانه .

وإنا إليه – جميعا ، أيضا – : راجعون ، نلقاه ، ونلقى الأحبة عنده .

وإنما افتقارنا أن يتوفانا ، ويتوفى أحبابنا على عمل صالح ، نلقاه به ، ونلتقي بالأحبة في جنة الرضوان .

وقد قال تعالى :

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) الطور/21 .

فما هو إلا فراق مؤقت ، وما عليك بعده إلا أن تجتهد في العمل بطاعة الله ، ليُقبل دعاؤك لها في الدنيا أولا ، ولتجتمع بها في جنات النعيم إن شاء الله ثانيا .

وللتأمل في الصبر على المصائب وفضله انظر جواب السؤال رقم (35869) .

نسأل الله أن يرحم والدتك وأن يجمعك بها في الفردوس الأعلى بمنه وكرمه سبحانه.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android