ما صحة هذه الأحاديث ؟ ومن رواها ؟
روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : ( لعن الله الخمر وشاربها ومشتريها) ؟
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( كل مسكر حرام فمن شرب الخمر في الدنيا حرم عليه خمر الآخرة في الجنه )؟
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (ثلاثة لا يجدون ريح الجنه وأن ريحها يشم من مسيرة خمسمائة عام مدمن خمر ، وعاق والديه ، والزاني إن لم يتب) ؟
وروي عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلي الله عليه وسلم : (من طعم شارب الخمر لقمه سلط الله عليه جسده حيات وعقارب ، ومن قضي له حاجه فقد أعانه علي هدم الإسلام ، ومن أقرضه فقد أعانه علي قتل مسلم ، ومن جالسه حشره الله أعمي لا حجه له ، وشارب الخمر تربحوه ، وإن مرض فلا تعودوه أبداً ، فوالذي نفسي بيده أنه من شرب الخمر إلا من كفر ، وفي التوراه والإنجيل والزبور والفرقان بجميع ما أنزله الله سبحانه وتعالي أقسم بعزته وجلاله أن من شرب الخمر في الدنيا عطشه يوم القيامة عطشاً شديداً يحرق فؤاده ، ويخرج لسانه علي صدره ، ومن يتركه لأجلي سقيته يوم القيامة من خمر الدنيا يوم القدس تحت عرشه) ؟
وروي عنه صلي الله عليه وسلم : (أن العبد إذا شرب الخمر اسود قلبه ، وإذا شرب ثانية تبرأ منه الحفظة ، وإذا شرب ثالثاً تبرأ منه رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وإذا شرب رابعاً تبرأ منه ملك الموت ، وإذا شرب خامساً تبرأ منه جبريل عليه السلام ، وإذا شرب منه سادساً تبرأ منه إسرافيل عليه السلام ، وإذا شرب منه سابعاً تبرأ منه ميكائيل )؟
تخريج أحاديث واردة في عقوبة شارب الخمر.
السؤال: 279146
ملخص الجواب
ورد في الوعيد على شرب الخمر أحاديث كثيرة صحيحة، وفيها الغنية والكفاية عن الأحاديث المكذوبة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
روى الإمام أحمد (5716)، وأبو داود (3674) عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَعَنَ اللهُ الْخَمْرَ، وَلَعَنَ شَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَآكِلَ ثَمَنِهَا )
وصححه الألباني في “صحيح أبي داود”.
وروى الترمذي (1295) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ” لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالمُشْتَرِي لَهَا، وَالمُشْتَرَاةُ لَهُ ” وقال الترمذي عقبه :
” هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” ،وصححه الألباني .
ثانيا :
روى الواحدي في “تفسيره” (2/ 226) من طريق عَلِيّ بْن الْحَسَنِ الشَّامِيّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تُجَالِسُوا شَرَبَةَ الْخَمْرِ، وَلا تُشَيِّعُوا جَنَائِزَهُمْ، وَلا تُزَوِّجُوهُمْ وَلا تَتَزَوَّجُوا إِلَيْهِمْ، فَإِنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُسْوَدًّا وَجْهُهُ مُزْرَقَّةً عَيْنَاهُ، يُدْلِعُ لِسَانَهُ عَلَى صَدْرِهِ ، يَسِيلُ لُعَابُهُ عَلَى بَطْنِهِ، يَقْذُرُهُ مَنْ يَرَاهُ)
وعلي بن الحسن الشامي متهم ، قال الدارقطني: مصري يكذب يروي عن الثقات بواطيل . وقال الحاكم وأبو سعيد النقاش: روى أحاديث موضوعة. وقال أبو نعيم: روى أحاديث منكرة لا شيء.
“لسان الميزان” (4/ 213) .
وأورده ابن الجوزي في “الموضوعات” (3/42) من طريق أخرى وقال: ” هَذَا حَدِيث مَوْضُوع عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم “.
ثالثا :
روى البخاري (5575) ، ومسلم (2003) – واللفظ له – عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ) .
رابعا :
روى الطبري في “تهذيب الآثار” (مسند علي) (313) والخلال في “السنة” (1521) عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَبِي الْحَجَّاجِ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( ثَلَاثَةٌ لَا يَجِدُونَ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَتُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ، وَالْبَخِيلُ الْمَنَّانُ ).
وهذا ضعيف لإرساله، مجاهد أبو الحجاج هو مجاهد بن جبر المكي صاحب ابن عباس ، وهو من التابعين ، فحديثه مرسل.
خامسا :
أما قوله: ( من أطعم شارب الخمر لقمة سلط الله على جسده حيات وعقارب … ) إلخ.
فلا نعلم له أصلا ، وهو ظاهر البطلان فلا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
سادسا:
أما قوله : ( إنَّ الْعَبْدِ إِذَا شَرِبَ شَرْبَةً مِنَ الْخَمْرِ اسْوَدَّ قَلْبُهُ … ) إلخ ، فلا نعلم له أصلا ، ولا رأينا أحدا من أهل العلم ذكره ، وإنما ذكره أبو الليث السمرقندي في “تنبيه الغافلين” (ص151) بغير إسناد عن الحس البصري بصيغة التمريض، فقال: ” ورُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ الْعَبْدِ إِذَا شَرِبَ شَرْبَةً مِنَ الْخَمْرِ اسْوَدَّ قَلْبُهُ … ” فذكره مطولا .
ولوائح الوضع عليه ظاهرة .
وفي النصوص الشرعية من الكتاب والسنة الصحيحة الغنية عن هذه الأحاديث الباطلة .
وينظر السؤال رقم : (20037)، (38145).
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة