طالب يدرس في إحدى الدول العربية ، وأهله مقيمون في مكة المكرمة ، وأثناء الإجازة الصيفية جاء إلى أهله لمدة شهرين ، ثم قرر أن يحج في ذلك العام ، وقد اعتمر في ذي القعدة ، فهل يعتبر متمتعا ؟ وهل يجب عليه هدي ؟ وهل تطبق عليه أحكام أهل مكة ؟
أهله في مكة ويدرس بالخارج ورجع لقضاء الإجازة ثم قرر أن يحج فمن أين يحرم ولو تمتع هل يلزمه دم
السؤال: 279548
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
من خرج من أهل مكة إلى خارج المواقيت –داخل المملكة أو خارجها- فإنه إن عاد إلى مكة بنية الحج أو العمرة لزمه أن يحرم من الميقات الذي يمر عليه.
قال النووي رحمه الله: “قال الشافعي والأصحاب: إذا انتهى الآفاقي إلى الميقات ، وهو يريد الحج أو العمرة أو القران : حرم عليه مجاوزته غير محرم بالإجماع، فإن جاوزه فهو مسيء .
سواء كان من أهل تلك الناحية ، أم من غيرها” انتهى من المجموع (7/ 206).
أما إن عاد لزيارة أهله أو قضاء الإجازة معهم، ولم ينو الحج أو العمرة في سفره هذا، فلا يلزمه الإحرام.
فإن نوى الحج بعد ذلك أحرم من مكانه في مكة؛ لما روى البخاري (1524) ومسلم (1181) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : (إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ ).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” الرجل الذي أهله في جدة وأنشأ السفر لأجل زيارة أهله ، سواء اعتمر أم لم يعتمر، لكن يقول: سأعتمر إذا بقيت أسبوعاً، أو شهراً، أو ما أشبه ذلك ؛ فهذا لا يجب عليه أن يحرم من الميقات .
كما أن الرجل من أهل مكة لو سافر من القصيم إلى مكة، يريد أهله، وهو يريد أن يحج هذا العام : فإننا لا نلزمه أن يحرم إذا مر بالميقات، لأن هذا الرجل ذاهب إلى أهله، وكذلك المسألة الأولى الذي ذهب إلى أهله في جدة” انتهى من فتاوى الشيخ ابن عثيمين (21/ 328).
ثانيا:
إذا اعتمر هذا الطالب في ذي القعدة ، ثم حج من عامه : فهو متمتع .
لكن لا دم عليه ؛ لأنه في حكم أهل مكة، وأهل مكة لو تمتعوا فلا دم عليهم عند الجمهور؛ لقوله تعالى: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) البقرة/196
قال النووي رحمه الله: “مذهبنا أن المكي لا يكره له التمتع والقران ، وإن تمتع : لم يلزمه دم . وبه قال مالك وأحمد وداود.
وقال أبو حنيفة: يكره له التمتع والقران ، وإن تمتع أو قرن : فعليه دم.
واحتُج له بقوله تعالى: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) ، فأباح التمتع لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام خاصة ، ولأن المتمتع شرع له أن لا يلم بأهله ، والمكي ملم بأهله فلم يكن له ذلك.
قالوا: ولأن الغريب إذا تمتع لزمه دم ، وقلتم إذا تمتع مكي فلا دم ، وهذا يدل على أن نسكه ناقص عن نسك الغريب ، فكره له فعله.
واحتج أصحابنا بأن ما كان من النسك قربة وطاعة في حق غير المكي ، كان قربة وطاعة في حق المكي ، كالإفراد .
والجواب عن الآية : أن معناها فمن تمتع فعليه الهدي ، إذا لم يكن من حاضري المسجد، فإن كان فلا دم، فهذا ظاهر الآية ، فلا يعدل عنه” انتهى من المجموع (7/ 169).
وينظر: جواب السؤال رقم (160092).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة