هل يرتد الإنسان إذا وصف أحدا من الصحابة الذين توارت النصوص بفضلهم بأنه ظلم شخصا ، فأنا قلت : إن عمر رضي الله عنه ظلم تلك المرأة التي لم يكن لديها طعام هي وأولادها ؛ لأنه هو المسؤول عنهم بما أنه أمير المؤمنين ؟
وسؤال آخر : اشتريت كتبا دينية ، وكان معي أغراض كثيرة ، وربما وضعت كافة الأغراض مع الكتب على الأرض لكي أشتري من عند بائع الخضار ، فما حكم وضعها على الأرض ، علما أنها كانت موضوعة بكيس ؟
هل يكفر من وصف صحابياً مشهود له بالجنة، بأنه ظالم ؟
السؤال: 282320
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
من نسب إلى صحابي مشهود له بالجنة أنه أخطأ أو ظلم، فإنه لا يكفر بذلك؛ إذ الصحابي ليس معصوما ، وقد يقع الظلم منه، لكن الله يوفقه للتوبة غالبا، أو يتجاوز عنه لحسناته. بخلاف ما لو سب صحابيا لأجل صحبته، أو سبه فيما برأه الله منه، أو سب عموم الصحابة، فإنه يكفر.
قال تقي الدين السبكي رحمه الله: ” وينبني على هذا البحث سب بعض الصحابة فإن سب الجميع لا شك أنه كفر ، وهكذا إذا سب واحدا من الصحابة ، [من] حيث هو صحابي ; لأن ذلك استخفاف بحق الصحبة ، ففيه تعرض إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلا شك في كفر الساب .
وعلى هذا ينبغي أن يحمل قول الطحاوي ” وبغضهم كفر ” فإن بغض الصحابة بجملتهم لا شك أنه كفر .
وأما إذا سب صحابيا لا من حيث كونه صحابيا ، بل لأمر خاص به ، وكان ذلك الصحابي مثلا ممن أسلم من قبل الفتح ، ونحن نتحقق فضيلته كالروافض الذين يسبون الشيخين ، فقد ذكر القاضي حسين في كفر من سب الشيخين وجهين .
ووجه التردد ما قدمناه ؛ فإن سب الشخص المعين قد يكون لأمر خاص به ، وقد يبغض الشخصُ الشخصَ لأمر دنيوي ، وما أشبه ذلك ؛ فهذا لا يقتضي تكفيرا .
ولا شك أنه لو أبغض واحدا منهما لأجل صحبته : فهو كفر ؛ بل من دونهما في الصحبة إذا أبغضه لصحبته : كان كافرا قطعا” انتهى من ” فتاوى السبكي ” ( 2 / 575 ) .
وعمر رضي الله عنه لم يظلم المرأة، بل بادر إلى الإحسان إليها فور علمه بحالها .
ولعلك تقصد أنه ظلمها لكونها من رعيته ولم تجد طعاما، وهذا يجاب عنه بأن عمر رضي الله عنه كان مجتهدا في التعرف على حال رعيته، والتطواف في المدينة لأجل ذلك، لكن الفقير المتعفف الذي لا يسأل الناس، قد يخفى أمره على عمر وغيره.
وقد اجتهد رضي الله عنه فيما يعطيه من مال المسلمين للفقراء، وهو في اجتهاده دائر بين الأجر والأجرين، فلم يتعمد ظلما، ولم يُبق على ظلم.
واعلم أن سلامة الصدر ، وتمام المحبة لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وسادات الأولياء : تأبى على المسلم أن يدخل نفسه في مثل هذه المضايق ، ويوقع نفسه في الحرج ، ويجعل أمره دائرا بين الغلط ، والخطأ ، أو ما يخشى عليه مما هو فوق ذلك .
وبحسب المؤمن أن يلزم أدب الله للمسلمين ، وعرفانهم بحق السابقين وفضلهم عليهم ؛ قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) الحشر/10
ثانياً:
لا حرج في وضع الكتب على الأرض ، إذا لم يتضمن ذلك امتهانا كإلقائها، وتعريضها لوطء المارة. وأما وضعها للغرض الذي ذكرت، فلا حرج فيه، لا سيما وقد كانت مصونة في كيس.
وينبغي أن تحذر الوسوسة في باب الكفر وغيره، فإن الوسوسة داء كبير، وشر عظيم، وعلاجه بالإعراض والإهمال، مع كثرة الذكر والاستغفار.
فإذا علمت استحكامها فيك ، وأنك مبتلى بذلك الداء ، فبادر بعلاجها ، واعرض نفسك على طبيب مختص ، فإن الوسواس داء وبيل ، وله دواؤه عند أهل الطب ، كسائر الأدواء .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب