هل يجوز القول بأننا خدام النبي صلي الله عليه وسلم ؟ أو أن نقول إننا نخدمه ؟ أم هذا من خصائص الله تعالى ؟
هل يجوز القول : إننا خدام النبي صلى الله عليه وسلم ؟
السؤال: 285410
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولًا :
الخادم هو الذي يطوف على سيده ، ويدور حوله ، ليخدمه برفق وعناية .
قال ابن فارس في “معجم مقاييس اللغة” (2/162، 163) :
” خدم : الخاء والدال والميم أصل واحد منقاس ، وهو إطافة الشيء بالشيء ..
ومن هذا الباب : الخدمة ، ومنه اشتقاق “الخادم” ؛ لأن الخام يُطيف بمخدومه” انتهى .
وفي “لسان العرب” (9/225) في قول الله عز وجل : (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ) النور/58 : “الطائف : هو الخادم الذي يخدمك برفق وعناية ..
والخادم الذي يطوف على مولاه ويدور حوله ” انتهى بتصرف يسير .
ولم يرد في القرآن الكريم ، ولا في السنة النبوية – فيما نعلم – أنه ورد إطلاق “الخدمة” على عبادة الله تعالى ، أو طاعته ، وطاعة رسوله ، ولا إطلاق “الخادم” على من أطاع الله ورسوله .
لكن .. كثر في كلام العلماء التعبير بـ “الخدمة” عن طاعة الله وتعالى وعبادته .
فقد ورد ذلك في كلام ابن القيم رحمه الله وحكاه عن بعض السلف ، كما نقله شيخ الإسلام ابن تيمية عن غير واحد . انظر : “درء التعارض” (4/196) ، (4/352) ، (4/358) .
ولم يستنكره شيخ الإسلام ، أو يعقب عليه بشيء .
وقال ابن القيم في “إغاثة اللهفان” (1/72) :
” وقال يحيى بن معاذ : من سر بخدمة الله ، سرت الأشياء كلها بخدمته ….
ومن علامات صحة القلب : أن لا يفتر عن ذكر ربه ، ولا يسأم من خدمته ، ولا يأنس بغيره إلا بمن يدله عليه ، ويذكره به ، ويذاكره بهذا الأمر …
ومن علامات صحته : أنه يشتاق إلى الخدمة كما يشتاق الجائع إلى الطعام والشراب” انتهى .
وقد كثر استعمال ذلك في كلام الغزالي في “إحياء علوم الدين” ، وغيره من المصنفين في هذا الباب .
وكأن سبب تساهلهم في إطلاق هذا اللفظ على عبادة الله وطاعته ، أن لفظ “الخدمة” يشعر بنوع من الاعتناء بالطاعة ، والحرص على عدم المخالفة ، كما يشعر بنوع من التذلل والخضوع .
وأما إطلاق هذا اللفظ على النبي صلى الله عليه وسلم فنقول : نحن خدام الرسول صلى الله عليه وسلم ، فله وجه صحيح من حيث المعنى ، إذ يكون معناه : أننا مطيعون للرسول صلى الله عليه وسلم ، متبعون لأمره ، مجتنبون لنهيه ، بعيدون عما يغضبه ، كما يفعل الخادم مع سيده .
ومع هذا .. فإننا نرى أن لا يطلق هذا اللفظ في حق الرسول صلى الله عليه وسلم ، وذلك لما يلي :
أنه لم يرد إطلاق هذا اللفظ بهذا المعنى في القرآن الكريم ولا في السنة لانبوية ، وكلما أمكن التعبير بالألفاظ الشرعية فهو أولى وأفضل ، فيقال : نحن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، ومطيعون لأمره ، ومتمسكون بهديه .. ونحو ذلك .
أننا لم نقف على كلام لأحد العلماء الذين يقتدى بهم أنه استعمل هذا اللفظ في حق النبي صلى الله عليه وسلم .
أنه يخشى فيه من باب الدعوى الكاذبة ، أو غير المطابقة ، فلا أحد منا يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد مماته ، والاتباع : قد قلنا ما فيه من المأخذ ، في إطلاق الخدمة عليه .
فإذا كان الأمر كذلك ، فالذي ينبغي هو التعبير عن المعاني الشرعية بما ورد في القرآن والسنة ، ولا معنى لاختراع ألفاظ تحتمل عدة معانٍ ، وهي في أحسن أحوالها لن تكون أفضل من الألفاظ الشرعية .
وأما العالم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، المشتغل بحديثه ، وعلوم النبوة : فإطلاق لقب “خادم السنة” ، ونحو ذلك عليه : شائع ، مشتهر ، لا نكير فيه ، ولا محذور .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب