توفى جدي، وله وصية مكتوب فيها: " أوصيت بثلث مالي في أضحية، ووكيل عنها ابني فلان"، وبعد بيع التركة تم أخذ ثلث ماله، ووضعه في وقف، وتأجير الوقف، وأخذ الإيراد السنوي، ويتم إخراج الأضحية منه، والباقي يوزع على الورثة للذكر مثل حظ الانثيين، فهل هذا الفعل صحيح لتنفيذ الوصية؟ وهل في توزيع الباقي يوزع على زوجته بنصيبها، أم ليس لها من الوقف كما نفعل؟ وإذا كان تنفيذها غير ذلك، فما الحل؛ لأننا سرنا على ذلك أكثر من ١٥ سنة؟
هل يجوز جعل المال الموصى به وقفا، وصرف ريعه في الوصية؟
السؤال: 285454
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
يجب تنفيذ الوصية كما هي، ويحرم تغييرها إلا لمصلحة؛ لقول الله تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ البقرة/181.
لكن إن كان تغييرها لأفضل مما أوصى به الموصي، كجعلها في وقف، وتنميتها، والأخذ من ريعه ما تنفذ به الوصية، فهذا جائز على الراجح.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "تغيير الوصية لما هو أفضل فيه خلاف بين أهل العلم : فمنهم من قال : إنه لا يجوز ؛ لعموم قوله تعالى : ( فمن بدله بعد ما سمعه ) البقرة/ 181 ، ولم يستثن إلا ما وقع في إثم فيبقى الأمر على ما هو عليه لا يغير .
ومنهم من قال : بل يجوز تغييرها إلى ما هو أفضل ؛ لأن الغرض من الوصية التقرب إلى الله عز وجل ، ونفع الموصى له ، فكل ما كان أقرب إلى الله ، وأنفع للموصى له ، كان أولى أيضاً ، والموصي بشر قد يخفى عليه ما هو الأفضل ، وقد يكون الأفضل في وقت ما غير الأفضل في وقت آخر ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز تحويل النذر إلى ما هو أفضل مع وجوب الوفاء به …
والذي أرى في هذه المسألة : أنه إذا كانت الوصية لمعين ، فإنه لا يجوز تغييرها ، كما لو كانت الوصية لزيد فقط ، أو وقف وقفاً على زيد ، فإنه لا يجوز أن تُغير ، لتعلق حق الغير المعين بها.
أما إذا كانت لغير معين – كما لو كانت لمساجد ، أو لفقراء – فلا حرج أن يصرفها لما هو أفضل " انتهى من "تفسير القرآن للعثيمين" (4 / 256) .
ثانيا:
ما يفضل من ريع هذا الوقف، فإنه يكون وصية كأصله، فيصرف فيما كانت فيه الوصية وهو الأضاحي.
فما تقومون به من توزيع الزائد على الورثة أو بعضهم لا يجوز، وعليكم مراجعة المحكمة الشرعية بشأن هذه الوصية لا سيما لو حصل خلاف حولها.
جاء في "فتاوى اللجنة": (16/ 337): " إن جده لأبيه ناصر بن محمد الباتلي له وصية بثلث ماله، وكذلك لوالد جده لأبيه محمد بن عبد الله الباتلي وصية بثلث ماله، وهما في ملك زراعي، وقد نزع ملكية بعض الثلث وتبقى جزء منه، يسأل هل يجعل العوض النقدي للجزء المنزوع ملكيته في مسجد لهما، حيث إن المتبقي من الثلث له ريع يقوم بوصية الاثنين، أم يرد العوض في مثل الوصية فيشترى ملكا زراعيا مماثلا؟ وتجدون برفقه صورة الوصيتين المذكورتين. آمل من سماحتكم بيان ذلك، حفظكم الله ذخرا للإسلام والمسلمين، ونفع بكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج: المال المتحصل عليه من نزع ملكية بعض الثلث الموصى به: لا يجوز أن يبنى به مسجد، والواجب أن يشترى به ملك زراعي مماثل للموصى به.
ويرجع في ذلك إلى المحكمة الشرعية، والريع المتحصل منه تبع لأصل الوصية يصرف في مصرفه، ويجب تنفيذ الوصية حسب ما نص عليه الموصي في الأضاحي ونحوها، مما يوجد له مصرف شرعي يصرف فيه.
أما ما انعدم مصرفه كالوصية على السراج والدلو ونحو ذلك، وما زاد على تنفيذ الوصية: فالمرجع في ذلك إلى المحكمة الشرعية، فهي جهة الاختصاص في ذلك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … عضو … نائب الرئيس … الرئيس
صالح بن فوزان الفوزان … عبد الله بن غديان … عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ … عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب