من ضمن طرق دفع العميل طريقه تسميl.c، أو ما يسمي ب"letter of credit"، وفي هذه الطريقة يقوم العميل بتوكيل بنك، والشركة توكل بنكا لضمان الجدية في استلام المستندات والأموال، فإذا تأخر أحد الأطراف عن الآخر في تسليم الأموال، أو المستندات تفرض عليه غرامة، قد تقول لي: إن الإثم يقع عليه، ولكني أنا من يقوم بالتفاوض مع العميل، وتخييره بين 3 طرق للدفع، من بينها هذه الطريقة، فإذا اختارها وافقت عليها طبقا لسياسة الشركة، ويكون لي عمولة عند تحويل الأموال، وأنا في حيرة من أمري، ولا أعلم ماذا أفعل؟
أولا:
الاعتماد المستندي: " هو تعهد مكتوب من بنك (يسمى المصدِر) يسلم للبائع (المستفيد)، بناء على طلب المشتري (مقدم الطلب، أو الآمر) مطابقا لتعليماته، أو يصدره البنك بالأصالة عن نفسه يهدف إلى القيام بالوفاء (أي بوفاء نقدي أو قبول كمبيالة أو خصمها)، في حدود مبلغ محدد، في أثناء فترة معينة، شريطةَ تسليم مستندات البضاعة مطابقة للتعليمات.
وبعبارة موجزة هو تعهد مصرفي بالوفاء، مشروط بمطابقة المستندات للتعليمات" انتهى من "المعايير الشرعية" ص240
وجاء في "المعاملات المالية المعاصرة" لأبي عمر الدبيان (12/ 433) بيان ذلك كما يلي:
"عُرِّف الاعتماد المستندي بأنه تعهد من قبل المصرف للمستفيد (البائع)، بناء على طلب فاتح الاعتماد وهو المشتري، ويقرر المصرف للمستفيد في هذا التعهد بأنه قد اعتمد تحت تصرف المستفيد (البائع) مبلغًا من المال يُدفع له، مقابل مستندات محددة، تبين شحن سلعة معينة خلال مدة معينة.
وعلى هذا يكون الاعتماد المستندي عبارة عن ترتيب خاص بين الزبون وبنكه، يفوضه بموجبه أن يسدد قيمة بضائع واردة من الخارج، فيقوم البنك بإبلاغ مراسله أو فرعه في الخارج (حيث يقيم البائع)، أنه يلتزم بأداء مبلغ كذا وكذا، خلال مهلة محددة، لقاء بضاعة معينة، وبدون الرجوع للمشتري، بشرط أن يثبت البائع أن البضاعة المطلوبة قد شحنت إلى المشتري، ثم يقوم بدفع المطلوب.
وبناء على هذا؛ فالاعتماد المستندي أطرافه ثلاثة، وقد يكون أطرافه أربعة في حال كان الاعتماد معززًا:
(1) المستورد، ويسمى الآمر والعميل: وهو الذي فتح الاعتماد بناء على طلبه لصالح الطرف الآخر (البائع).
وسمي آمرًا لكونه يأمر البنك بفتح الاعتماد، وعميلاً لكونه يتعامل مع البنك، وسمي مستوردًا لكونه يستورد بضاعة من الخارج.
(2) المصرف: وهو الذي يصدر منه الاعتماد، ويلتزم بالوفاء بموجبه عند تحقق شرطه.
(3) المستفيد: ويسمى البائع، وهو الذي فتح الاعتماد لصالحه.
(4) المصرف الخارجي إذا كان الاعتماد معززًا، وذلك أن بنك العميل يطلب من بنك البائع (المستفيد) إبلاغه بخطاب الاعتماد، وهذا المصرف المبلَّغ لا يخلو من حالين:
إما أن تكون مهمته تبليغ المستفيد فقط دون أن يتحمل أدنى مسئولية مترتبة عليه باستثناء التأكد من أن الاعتماد صادر على الوجه الصحيح، وذلك من خلال مطابقة توقيعات المسئولين المدونة بكتيب توقيعات مصدر الاعتماد، ويسمى الاعتماد غير المعزز.
وإما أن يطلب منه مع التبليغ تعزيز وتأييد الاعتماد، فيتحمل تجاه المستفيد ما يتحمله البنك فاتح الاعتماد، ويسمى الاعتماد المعزز" انتهى.
ثانيا:
الاعتماد المستندي يكيّف شرعا على أنه وكالة في حال كون الاعتماد مغطى، فلا حرج فيما يأخذه البنك من عمولة لأنها أجرة على الوكالة.
وإذا كان الاعتماد غير مغطى، فهو ضمان أو قرض، ولا يجوز للبنك أن يأخذ عمولة عليه؛ لأن العمولة على الضمان لا تجوز، ولأن الضمان قد يؤول إلى القرض، وانظر: جواب السؤال رقم: (244108).
وأما العمولة على القرض فهي ربا صريح.
وعليه ؛ فإذا كان الاعتماد غير مغطى، لم يجز للبنك أخذ عمولة عليه؛ إلا قيمة التكلفة الفعلية للاعتماد، دون أن يتحايل ليأخذ أجرة على الضمان، أو فائدة على القرض.
جاء في المعايير الشرعية ص243 : " يجوز للمؤسسة أن تأخذ قيمة التكاليف الفعلية على الاعتمادات المستندية، ويجوز لها أن تأخذ أجرة على القيام بالخدمات المطلوبة، سواء أكانت مبلغا مقطوعا، أم نسبة من مبلغ الاعتماد. ويشمل ذلك الاعتمادات المستندية الصادرة والواردة، ويشمل تعديل الاعتمادات، ما عدا التعديل بزيادة مدة الاعتماد، فلا يجوز لها أن تأخذ عليه إلا المصروفات الفعلية فقط، وتكون حينئذ مبلغا مقطوعا، لا نسبة مئوية.
وعلى المؤسسة [أي المصرف] أن تراعي ما يأتي:
( أ ) ... ألا يؤخذ في الاعتبار جانب الضمان عند تقدير الأجرة في الاعتمادات المستندية.
وعليه؛ فلا يجوز للمؤسسة أن تأخذ زيادة على المصروفات الفعلية في حال تعزيزها لاعتماد صادر من مصرف أو بنك آخر؛ تعزيز الاعتماد الذي هو بحيث تكون الزيادة عن ضمان محض.
وفي حكم التعزيز المشاركة في الإصدار، والمشاركة في التعزيز، وإصدار الاعتماد المعد للاستخدام (اعتماد الضمان) ما لم يتطلب ذلك خدمات أو تكاليف.
( ب ) ... ألا يترتب على ذلك فائدة ربوية أو يكون ذريعة إليها.
( ج ) ... ألا يتخذ اجتماع العقود في الاعتماد المستندي ذريعة إلى ما هو محرم شرعا، كأخذ عائد على الضمان، أو القرض" انتهى.
وجاء فيها ص251: " مسنتد عدم جواز أخذ الأجر على ما يتصل بجانب الضمان في الاعتماد المستندي: هو أن الضمان استعداد للإقراض، فلا يؤخذ عنه مقابل، وقد اتفقت المذاهب الأربعة على منع العوض على الضمان، وصدر بشأن ذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي، وفتوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الاسلامي السوداني، وقرار الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار، وقرار هيئة الفتوى والرقابة الشرعية لبيت التمويل الكويتي .
مستند جواز أخذ الأجر على ما يتصل بجانب الوكالة في الاعتماد المستندي، سواء أكان مبلغا معلوما، أم نسبة من مبلغ معلوم: هو أن ذلك مقابل خدمات تقدمها المؤسسة بصفتها وكيلا لعميلها، وقد قرر جمهور الفقهاء جواز أخذ الأجر على الوكالة، وصدر بشأن جواز أخذ الأجر على ما يشتمل عليه الاعتماد المستندي من أعمال دون أن يلحظ جانب الضمان، كما صدر بذلك قرار الهيئة الشرعية لشركة الراجحى المصرفية للاستثمار" انتهى.
والبديل المشروع إذا لم يكن الاعتماد مغطى: أن يشتري البنك البضاعة لنفسه، ثم يبيعها بالمرابحة على العميل.
وانظر: جواب السؤال رقم: (96749).
وبهذا يتبين حكم عملك ، بناء على حكم فتح الاعتماد ، فإن كان الاعتماد مغطى كليا فلا حرج فيه، وإنما الحرج في الاعتماد غير المغطى.
وإذا كان الاعتماد من النوع المحرم لم يجز لك إعانة أحد أو دلالته عليه.
وانظر: جواب السؤال رقم: (202904).
والله أعلم.