في مدرستي يوجد سكن محدود جدًا داخل الحرم الجامعي، لذلك في بداية كل فصل دراسي، عادةً ما تكون هناك مسابقة لحجز الغرف، حيث يتم ذلك على الإنترنت، ولا تستغرق الكثير من الوقت حتى تصبح جميع الغرف مشغولة، ويوجد أيضًا بعض الطلاب الذين يفضلون البقاء خارج الحرم الجامعي بدلاً من الإقامة داخله، وهؤلاء الطلاب لا يحتاجون إلى السكن الجامعي، فهم لا يريدون العيش داخل الجامعة، إلا أن الكثير من هؤلاء الطلاب ينضمون إلى هذه المسابقة للحصول على هذا السكن؛ حتى يتمكنوا من بيعه بسعر أكبر للطلاب الذين لم يُوفّقُوا في الحصول عليه في الوقت المناسب؛ إذ إن هؤلاء الطلاب في الواقع يكونون في حاجةٍ ماسة إلى هذا السكن، فيشترونه من الزميل الذي تمكن من الحجز فقط لرغبته في إعادة بيع السكن، حتى ولو كان السعر عاليًا جدًا لأنهم إذا لم يشتروه، فسوف يشتريه طالب آخر في حاجةٍ إليه، فما حكم هذا النوع من المعاملات؟
ما حكم تأجير السكن الطلابي لغيره؟
السؤال: 286848
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا حرج في إجراء المسابقة المذكورة وبيع السكن الطلابي (أي تأجيره) بشرطين:
الأول: أن يكون الدخول في المسابقة مجانا. فإن كان بمقابل يضيع على الخاسر، فهذا قمار محرم.
الثاني: أن تسمح الجامعة ببيع السكن، فإن لم تسمح بذلك لم يجز؛ لأن الطالب- غالبا- إنما يملك حق الانتفاع، ولا يملك العين ولا المنفعة، وحق الانتفاع يقتصر على صاحبه، فليس له أن يسكن غيره مكانه لا مجانا ولا بأجرة.
قال القرافي رحمه الله: "الفرق الثلاثون بين قاعدة تمليك الانتفاع وبين قاعدة تمليك المنفعة:
فتمليك الانتفاع نريد به أن يباشر هو بنفسه فقط، وتمليك المنفعة هو أعم وأشمل فيباشر بنفسه ويمكّن غيره من الانتفاع: بعوض كالإجارة، وبغير عوض كالعارية.
مثال الأول: سكنى المدارس والرباط والمجالس في الجوامع والمساجد والأسواق، ومواضع النسك كالمطاف والمسعى ونحو ذلك: فله أن ينتفع بنفسه فقط، ولو حاول أن يؤاجر بيت المدرسة، أو يسكن غيره، أو يعاوض عليه بطريق من طرق المعاوضات امتنع ذلك، وكذلك بقية النظائر المذكورة معه.
وأما مالك المنفعة: فكمَنِ استأجر دارا ، أو استعارها: فله أن يؤاجرها من غيره ، أو يُسكنه بغير عوض، ويتصرف في هذه المنفعة تصرف الملاك في أملاكهم، على جري العادة ، على الوجه الذي ملكه. فهو تمليك مطلق ، في زمن خاص" انتهى من "الفروق" (1/ 330).
وعند الشافعية: أن "الاستعارة" من باب "ملك الانتفاع" الذي لا ينقل إلى الغير، كالوقف ونحوه.
قال السيوطي رحمه الله: "وقد يملك الانتفاع دون المنفعة، كالمستعير … فإن ذلك إباحة له لا تمليك.
وكذا الموقوف على غير معين ، كالرُّبُط [نوع من المدارس القديمة]، والطعام المقدم للضيف.
وكل من ملك المنفعة فله الإجارة والإعارة.
ومن ملك الانتفاع: فليس له الإجارة قطعا، ولا الإعارة في الأصح" انتهى من "الأشباه والنظائر"، ص 326.
وعلى فرض أن الطالب يحصل على هذا السكن بمال يدفعه للجامعة، فليس له أن يُسْكِن فيه غيره إذا منعت الجامعة من ذلك.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : معظم الشركات تقوم بمنح الموظف ميزات، ومن تلك
الميزات تقوم الشركة بتخيير الموظف بين أخذ سكن يسكن فيه هو وأسرته ، أو ما يقابل ذلك من مال ، وهو ما يسمى عند الشركات بـ "بدل سكن"، ومن أنظمة الشركات : أنها تمنع استخدام السكن إلا من قبل الموظف نفسه ، وقد انتشر بين الموظفين الحاصلين على المساكن ظاهرة تأجير المساكن على أناس لا يعملون في الشركة. ما حكم هذه الأموال في هذه الحالة ، هل هي أموال حرام أم حلال ؟ نرجو من فضيلتكم توضيح الأمر لعموم البلوى به، والله يرعاكم ويسدد خطاكم. مع العلم أن هذا العمل مخالف لأنظمة الشركة ، ويترتب عليه عقوبة .
فأجابوا :
"إذا كان نظام الشركة ينص على سكنى الموظف نفسه ، ولا يحق له تأجيره على غيره ، وقد اتفق معهم على ذلك – فلا يحل لمن أخذ سكنا من الشركة أن يؤجره على غيره ؛ لأن هذا يخالف الشرط الذي بين الموظف والشركة . وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد الله بن غديان ، صالح الفوزان ، عبد العزيز آل الشيخ ، بكر أبو زيد " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/468) .
والواقع: أن المنع من ذلك في السكن الجامعي أشد؛ لأن العادة أن ما يدفعه الطالب للجامعة، أقل من أجرة السكن المعتاد، وتتكلف الجامعة بالباقي رعاية للطالب المستحق له، ولهذا لا تطلق يده في التصرف فيه. وربما أضيف إلى السكن: الطعام، أو الحراسة، أو نحو ذلك، مما له كلفة، ولا تتقاضاها الجامعة.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب