تنزيل
0 / 0

كيف يؤدي الأخرس تلبية الحج ؟

السؤال: 287201

أنوي القيام بعمرة في رمضان القادم إن شاء الله تعالى بصحبة أخي الذي لا يسمع ولا يتكلم ، مع العلم أنه لم يدرس لغة الإشارات ، ولا يستطيع أن يتلفظ بجملة : ” لبيك عمرة” ، فهل يجوز لي ان أنوب عنه في قولها بأن أتلفظ بها عن نفسي ثم أقول لبيك عمرة عن أخي ؟ وهل يجوز أن أدعو مكانه أيضا مع العلم أنه يستطيع الطواف والسعي والصلاة مع الجماعة ؟ وجزاكم الله خيرا

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :

الحج واجب على كل بالغ عاقل من المسلمين ، قال تعالى:  وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا  آل عمران: 97 .

والأصم والأبكم كغيره من المكلفين إذا كان بالغا عاقلا، ويجب عليه الحج كما يجب على غيره؛ لأنه ركن من أركان الإسلام .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  الإِسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَان ،َ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا  أخرجه مسلم (8) .

وينظر جواب السؤال : (213606) .

ثانيا :

من عجز عن شيء من الواجبات سقط عنه ، ولزمه الإتيان بما يقدر عليه ؛ لقول الله تعالى :  فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ  التغابن/16 .

وقول النبي صلى الله عليه وسلم  :   وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ   متفق عليه .

ومن المعلوم أن الإهلال والتلبية بالنسك : إنما هو جهر بما انعقد في القلب من نية الدخول في النسك ، وليس هو النية .

فإن كان هذا الأصم يحسن النية ، فإنه يجب عليه أن يأتي بها ، ويكفيه أن ينويها بقلبه .

ويشرع لمرافقه أن يلبي عنه ، إذا عجز هو عن التلبية ، أو تعلمها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في “العدة في شرح العمدة” (1/608) :

” قَالَ – فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ -:

وَالْأَعْجَمِيُّ وَالْأَعْجَمِيَّةُ ، إِذَا لَمْ يَفْقَهَا : يُعَلَّمَانِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهَا . ويؤديان الْمَنَاسِكَ، وَيَشْهَدَانِ مَعَ النَّاسِ الْمَنَاسِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالنِّيَّةِ، وَأَرْجُو أَنْ يُجْزِئَ ذَلِكَ عَنْهُمَا.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلَبِّيَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى التَّلْبِيَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ، أَوْ عَلَى تَعَلُّمِهَا ; لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ، فَلَمْ يَجُزْ إِلَّا بِالْعَرَبِيَّةِ ، كَالْأَذَانِ وَالتَّكْبِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ، لَا سِيَّمَا وَالتَّلْبِيَةُ ذِكْرٌ مُؤَقَّتٌ، فَهِيَ بِالْأَذَانِ أَشْبَهُ مِنْهَا بِالْخُطْبَةِ وَنَحْوِهَا …
فَإِنْ عَجَزَ عَنِ التَّلْبِيَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ: فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَجُوزُ أَنْ يُلَبِّيَ بِلِسَانِهِ .

وَيَتَوَجَّهُ : أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مُنِعَ عَنِ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ.

فَإِنْ عَجَزَ عَنِ التَّلْبِيَةِ ، بِأَنْ لَا يُحْسِنَهَا بِالْكُلِّيَّةِ ، أَوْ يَكُونَ أَخْرَسَ، أَوْ مَرِيضًا لَا يُطِيقُ الْكَلَامَ، أَوْ صَغِيرًا :

فَقَالَ أَحْمَدُ – فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ -: الْأَخْرَسُ وَالْمَرِيضُ وَالصَّبِيُّ: يُلَبَّى عَنْهُمْ .

وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْجَهْرِ : يُلَبَّى عَنْهُ .

وَذَلِكَ لِأَنَّ جَابِرًا ذَكَرَ أَنَّهُمْ: كَانُوا يُلَبُّونَ عَنِ الصِّبْيَانِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِعَجْزِهِمْ عَنِ التَّلْبِيَةِ ؛ فَفِي مَعْنَى الصِّبْيَانِ : كُلٌّ عَاجِزٌ .

وَلِأَنَّ أُمُورَ الْحَجِّ كُلَّهَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ إِذَا عَجَزَ عَنْهَا، كَالرَّمْيِ وَنَحْوِهِ .

فَإِذَا عَجَزَ عَنِ التَّلْبِيَةِ بِنَفْسِهِ: لَبَّى عَنْهُ غَيْرُهُ، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ لَبَّى عَنْ مَيِّتٍ ، أَوْ مَعْضُوبٍ إِنْ ذَكَرَهُ فِي التَّلْبِيَةِ فَحَسَنٌ، وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى النِّيَّةِ جَازَ.

قَالَ أَصْحَابُنَا، الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ: وَالتَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ لَا شَيْءَ فِي تَرْكِهَا ; لِأَنَّهَا ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ فِي الْحَجِّ، فَكَانَ سُنَّةً كَسَائِرِ أَذْكَارِهِ مِنَ الدُّعَاءِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَغَيْرِ ذَلِكَ.” انتهى من “شرح العمدة” (4/431) – ط عالم الفوائد -.

والأصل في مشروعية الحج عن الصبيان ونحوهم ، ممن يعجز عن النطق ، أو تعلم النية ، ونحو ذلك : حديث ابن عباس : ” عن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء، فقال: (من القوم؟) قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: (رسول الله)، فرفعت إليه امرأة صبيا، فقالت: ألهذا حج؟ قال: (نعم، ولك أجر) ” صحيح مسلم (1336).

وقد دلت السنة أيضا : على مشروعية النيابة عنه ، فيما عجز عنه .

جاء في “عون المعبود”(5/110):

“قال الخطابي : إنما كان له الحج من ناحية الفضيلة ، دون أن يكون محسوبا عن فرضه لو بقي حتى يبلغ ويدرك مدرك الرجال .

وهذا كالصلاة ؛ يؤمر بها إذا أطاقها ، وهي غير واجبة عليه وجوب فرض، ولكن يكتب له أجرها ، تفضلا من الله سبحانه وتعالى، ويكتب لمن يأمره بها ويرشده إليها أجر .

فإذا كان له حج : فقد علم أن من سننه أن يوقف به المواقف، ويطاف به حول البيت محمولا ، إن لم يطق المشي .

وكذلك السعي بين الصفا والمروة ، ونحوها من أعمال الحج .

وفي معناه : المجنون ، إذا كان ميئوسا من إفاقته” انتهى.

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android