تنزيل
0 / 0

حكم الاستنابة عمن نذر حجا أو اعتكافا أو صلاة؟

السؤال: 287824

هل يجب على الولد أن يحج حج النذر عن أبيه ، أم أن ذلك مستحب ؟ ومثله لو نذر اعتكاف أو صلاة ، فهل يجب أن الوفاء بهذا النذر ؟ آمل ذكر المسألة بشيء من التفصيل ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

لا يجب على الولد أن يحج أو يصوم النذر عن أبيه ، وإنما ذلك مستحب .

قال ابن قدامة رحمه الله :

” وقال أهل الظاهر: يجب القضاء على وليه، بظاهر الأخبار الواردة فيه.

وجمهور أهل العلم على أن ذلك ليس بواجب على الولي، إلا أن يكون حقا في المال، ويكون للميت تركة .

وأمر النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذا : محمول على الندب والاستحباب، بدليل قرائن في الخبر :

منها : أن النبي – صلى الله عليه وسلم – شبهه بالدين، وقضاء الدين على الميت لا يجب على الوارث ما لم يخلف تركة يقضى بها .

ومنها : أن السائل سأل النبي – صلى الله عليه وسلم -: هل يفعل ذلك أم لا؟ .

وجوابه يختلف باختلاف مقتضى سؤاله، فإن كان مقتضاه السؤال عن الإباحة، فالأمر في جوابه يقتضي الإباحة، وإن كان السؤال عن الإجزاء، فأمره يقتضي الإجزاء، كقولهم: أنصلي في مرابض الغنم؟ قال: صلوا في مرابض الغنم . وإن كان سؤالهم عن الوجوب فأمره يقتضي الوجوب، كقولهم: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: توضئوا من لحوم الإبل .

وسؤال السائل في مسألتنا كان عن الإجزاء، فأمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بالفعل يقتضيه لا غير.” انتهى من “المغني” (10/29) .

وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في قوله صلى الله عليه وسلم : (من مات وعليه صوم صام عنه وليه) رواه البخاري (1952) ، ومسلم (1147) .

قال : “فلو قال قائل : إن قوله صلى الله عليه وسلم : (صام عنه وليه) أمر ، فما الذي صرفه عن الوجوب؟

فالجواب: صرفه عن الوجوب قوله تعالى : وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام: 164] ؛ ولو قلنا: بوجوب قضاء الصوم عن الميت لزم من عدم قضائه أن تحمل وازرة وزر أخرى، وهذا خلاف ما جاء به القرآن” انتهى من “الشرح الممتع” (6/450) .

لكن لو توفي الأب وعليه حج نذر، فيستحب لوليه قضاؤه عنه .

فإن لم يحج عنه ، وكان الميت قد خلّف تركة : وجب أن يُخرج من تركته مالٌ ليُحَج به عنه ، وهو مذهب الشافعي وأحمد ، وهو الصواب . لورود الأحاديث الصحيحة بذلك .

فعن ابن عباس رضي الله عنهما :  أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها ؟ قال : نعم حجي عنها ، أرأيتِ لو كان على أمك ديْن أكنتِ قاضيته ، اقضوا الله فالله أحق بالوفاء  رواه البخاري (1754) .

قال في “حاشية الروض المربع” :

“استحب لوليه حج النذر عنه، وهو مذهب الشافعي، لصريح خبر ابن عباس…

قال في الفروع: ومن اعتذر عن ترك القول بذلك هنا، أو في الصوم، باضطراب الأخبار، فهو عذر باطل، لصحة ذلك عن أئمة الحديث” انتهى .

وقال ابن حجر رحمه الله في ” فتح الباري” (4/ 66): “وفيه أن من مات وعليه حج : وجب على وليه أن يُجهز من يحج عنه من رأس ماله ، كما أن عليه قضاء ديونه .

فقد أجمعوا على أن دين الآدمي من رأس المال ، فكذلك ما شُبه به في القضاء .

ويلتحق بالحج : كلُّ حق ثبت في ذمته ، من كفارة ، أو نذر ، أو زكاة ، أو غير ذلك” انتهى.

ثانيا :

وأما قضاء نذر الصوم عن الميت ، فقد جاء ذلك صريحا في بعض الأحاديث الصحيحة .عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : 

جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ ، وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا ؟

قَالَ : أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِكِ عَنْهَا ؟

قَالَتْ : نَعَمْ .

قَالَ : فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ

  رواه البخاري (1953) ، ومسلم (1148) .

قال ابن قدامة رحمه الله :

” فصل: فأما صوم النذر : فيفعله الولي عنه .

وهذا قول ابن عباس، والليث، وأبي عبيد، وأبي ثور.

وقال سائر من ذكرنا من الفقهاء: يطعم عنه؛ لما ذكرنا في صوم رمضان.

ولنا الأحاديث الصحيحة التي رويناها قبل هذا، وسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أحق بالاتباع، وفيها غنية عن كل قول .

والفرق بين النذر وغيره : أن النيابة تدخل العبادة ، بحسب خفتها، والنذر أخف حكما؛ لكونه لم يجب بأصل الشرع، وإنما أوجبه الناذر على نفسه.

إذا ثبت هذا، فإن الصوم ليس بواجب على الولي؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – شبهه بالدين، ولا يجب على الولي قضاء دين الميت، وإنما يتعلق بتركته إن كانت له تركة، فإن لم يكن له تركة، فلا شيء على وارثه .

لكن يستحب أن يقضى عنه، لتفريغ ذمته، وفك رهانه، كذلك هاهنا، ولا يختص ذلك بالولي .

بل كل من صام عنه : قضى ذلك عنه، وأجزأ؛ لأنه تبرع، فأشبه قضاء الدين عنه” انتهى من “المغني” (3/153) .

وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

“يستحب لوليه أن يقضيه ، فإن لم يفعل ، قلنا : أطعم عن كل يوم مسكينا ، قياسا على صوم الفريضة” انتهى من “الشرح الممتع” (6/450) .

ثالثا :

وأما نذر الاعتكاف والصلاة : فالخلاف في ذلك قوي بين أهل العلم ، والجمهور على أنه لا يقضى شيء من ذلك عن الميت ، خلافا للحنابلة في ذلك .

ينظر : “المغني” لابن قدامة (10/28-29) ، “الموسوعة الفقهية الكويتية” (2/334) .

قال الشيخ ابن عثيمين :

“الميت إذا مات فإنه لا يقضى عنه شيء من العبادات،  إلا ما جاء به النص ، والنص جاء بقضاء الحج عنه ، وقضاء الصوم…

وأما الصلاة : فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بقضائها ، فإذا مات الإنسان وعليه صلوات لم يصلها ، فإنها لا تقضى عنه ، ولا يُطعم عنه بدلا عن الصلاة ، لأن ذلك لم يرد ، والعبادات توقيفية ، إذا لم ترد عن الشرع ، فليس لنا أن نشرع منها شيئا” انتهى من “فتاوى نور على الدرب” (17/476) بترقيم الشاملة.

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android