تنزيل
0 / 0

قول عليّ رضي الله عنه: ” الصَّبْرُ مِنَ الْإِيمَانِ، بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ “.

السؤال: 288298

عن علي رضي الله عنه : ” الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ألم تسمع قوله : ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا ) ، قال: لما أخذوا برأس الأمر صاروا رؤوسا ” . السؤال: من أين جاء علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بهذا المعنى: ” الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد” ؟

ملخص الجواب

لما كان الصبر داخلا في كل مسألة من مسائل الدين، كان من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

روى ابن أبي شيبة في “المصنف” (6/ 172) ، والبيهقي في “الشعب” (1/ 146) ، والدينوري في “المجالسة” (2/ 187) من طريق عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ؛ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: ” الصَّبْرُ مِنَ الْإِيمَانِ، بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ ” .

ورواه ابن عبد البر في “جامع بيان العلم وفضله” (1/ 181) من طريق  معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن علي به .

ورواه سعيد بن منصور في “سننه” (6/ 77) عنِ القاسم بن الوليد الهمداني، عن داود بن أبي عمرة عن عليّ.

ورواه وكيع في “الزهد” (ص: 450) حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ عُمَرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عن علي .

ورواه ابن عساكر في “تاريخه” (42/ 511) من طريق إبراهيم بن عبد الله عن عليّ.

ورواه اللالكائي في “شرح أصول اعتقاد أهل السنة” (4/ 924) من طريق مُحَمَّد بْن زِيَادٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عَلِيٍّ به.

ولا يخلو إسناد من هذه الأسانيد من مقال ، وعامتها مراسيل ، لكن الظاهر أنه ينجبر الأثر بتعدد طرقه ، وقد ذكره غير واحد من أهل العلم، محتجا به ، منهم: سفيان بن عيينة ، كما في “تفسير ابن كثير (6/372)، وابن عبد البر ، كما في “بهجة المجالس” (ص 250)، وشيخ الإسلام ابن تيمية كما في “مجموع الفتاوى” (10/ 40)، وابن القيم ، كما في “عدة الصابرين” (ص: 95)، وغيرهم .

وقال الألباني في “ضعيف الجامع” (3535):

” ضعيف جدا مرفوعا، وضعيف موقوفا ” .

ثانيا :

على القول بثبوت هذا الأثر عن عليّ رضي الله عنه ، فتحريره من وجهين :

الوجه الأول:

أنه ربما يكون قد استمده من قول الله تعالى :   وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ  السجدة/24 .

قال ابن كثير رحمه الله :

” قَالَ ابْنُ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ: قَرَأَ أَبِي عَلَى عَمِّي -أَوْ: عَمِّي عَلَى أَبِي -سُئِلَ سُفْيَانُ عَنْ قَوْلِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ” الصَّبْرُ مِنَ الْإِيمَانِ، بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ ” ؟

قال: ” أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ: ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ) ، لَمَّا أَخَذُوا بِرَأْسِ الْأَمْرِ، صَارُوا رُؤُوسًا ” انتهى .

وهذا من دقيق الفهم لكتاب الله تعالى. 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

” قال تعالى: ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) ، فَمَنْ أُعْطِيَ الصَّبْرَ وَالْيَقِينَ: جَعَلَهُ اللَّهُ إمَامًا فِي الدِّينِ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (6/ 215) .

الوجه الثاني:

أن الصبر داخل في كل مسائل الدين، فكان من الدين بمنزلة الرأس من الجسد.

قال ابن بطال رحمه الله :

” قال الشعبى: قال على بن أبى طالب: ” الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ” .

قال الطبرى: ” وصدق عليّ، وذلك أن الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح، فمن لم يصبر على العمل بشرائع ، لم يستحق اسم الإيمان بالإطلاق، والصبر على العمل بالشرائع ، نظير الرأس من جسد الإنسان الذى لا تمام له إلا به ” .

انتهى من “شرح صحيح البخارى” (9/ 284) .

وقال ابن القيم رحمه الله:

” قالوا : الصبر يدخل في كل باب، بل في كل مسألة من مسائل الدين، ولهذا كان من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ” انتهى من “عدة الصابرين” (ص: 111) .

وقال الصنعاني رحمه الله :

” (بمنزلة الرأس من الجسد) : فكأن الإيمان جسم ورأس وجسد، وقد علم أن الرأس هو عمدة حياة الإنسان، وأنه إذا ذهب ، ذهب البدن، وإذا تغير ، تغير، وذلك لأن الصبر داخل في كل باب من أبواب الدين ” انتهى من “التنوير” (7/ 58) .

وأنواع الصبر ثلاثة : صبر على طاعة الله ، وصبر عن معصية الله ، وصبر على أقدار الله، ومن ثَمّ: كان الصبر داخلا في كل مسائل الدين، فصار من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فمن انتفى عنه الصبر كله ، انتفى عنه الإيمان ، كما تنتفي الحياة عن البدن، إذا فقد الرأس.

والله تعالى أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android