لقد سمعت أو قرأت عندما تقوم بالغسل ، فإن من السنة أن تأتي بالوضوء أثناء الغسل ، باستثناء القدمين حيث يتم تركها حتى النهاية ، لكن على موقع الويب الخاص بكم وجدته يقول : إن من السنة الإتيان بالوضوء الكامل أولا ، فما هو الصحيح؟ ثانياً ، إذا كنت أقوم بالغسل المستحب ، على سبيل المثال يوم الجمعة ، وأقوم بغسل كل أعضاء الوضوء ، باستثناء القدمين فأقوم بتأخيرها حتى النهاية بعد غسل بقية الجسم ، فهل يعتبر هذا بمثابة الوضوء ، أم أن هذا يقطع الوضوء؟
هل يتوضأ قبل الغسل وضوءا كاملا، أم يؤخر غسل رجليه إلى ما بعد فراغه من الغسل؟
السؤال: 290622
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
يستحب البداءة بالوضوء عند الغسل ، وله أن يغسل قدميه مع الوضوء ، أو يؤخرهما حتى يفرغ من غسله ، فقد ثبت كلا الأمرين عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
والأفضل أن يغسل رجليه مع الوضوء إلا من عذر كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها .
فإذا كان هناك سبب يقتضي تأخير غسلها، كأن يكون المغتسل طينا أو نحوه؛ فإنه يؤخرهما كما هو ظاهر حديث ميمونة رضي الله عنها.
ففي حديث عائشة رضي الله عنها قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ ، وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ، ثُمَّ اغْتَسَلَ ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدِهِ شَعَرَهُ ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ رواه البخاري (273) ، ومسلم (316).
قال ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (1/ 361): "واستدل بهذا الحديث : على استحباب إكمال الوضوء قبل الغسل ولا يؤخر غسل الرجلين إلى فراغه وهو ظاهر من قولها كما يتوضأ للصلاة وهذا هو المحفوظ في حديث عائشة" انتهى
لكن جاء في حديث ميمونة رضي الله عنها قالت : أَدْنَيْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلَهُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ أَفْرَغَ بِهِ عَلَى فَرْجِهِ وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ ، ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ الْأَرْضَ فَدَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِلْءَ كَفِّهِ ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ ، ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ رواه البخاري (265) ، ومسلم (317) واللفظ له .
وفي لفظ البخاري (249) : تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُضُوءهُ لِلصَّلاَةِ، غَيْرَ رِجْلَيْهِ، وَغَسَلَ فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ مِنَ الأَذَى ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَيْهِ المَاءَ ، ثُمَّ نَحَّى رِجْلَيْهِ ، فَغَسَلَهُمَا، هَذِهِ غُسْلُهُ مِنَ الجَنَابَةِ .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
"وفيه: التصريح بأنه لم يغسل رجليه في أول وضوئه، بل أخر غسل رجليه حتى فرغ من غسله.
وخرجه فيما سيأتي – إن شاء الله تعالى – من حديث ابن عيينة، عن الأعمش، وقال في حديثه: ( فتوضأ وضوءه للصلاة، فلما فرغ من غسله غسل رجليه ) .
وهذه الرواية تحتمل أن يكون أعاد غسل رجليه لما أصابهما من التراب، حيث كانَ يغتسل على الأرض في مكان غير مبلط ولا مقير .
لكن رواية سفيان : صريحة باستثناء غسل رجليه في أول الوضوء " .
انتهى من "فتح الباري" (1/242) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (31/ 214):
"وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَحَل غُسْل الرِّجْلَيْنِ، هَل يَغْسِلُهُمَا فِي وُضُوئِهِ أَوْ فِي آخِرِ غُسْلِهِ؟
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ. وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُؤَخِّرُ غَسْل قَدَمَيْهِ إِلَى آخِرِ الْغُسْل، بَل يُكْمِل الْوُضُوءَ بِغَسْل الرِّجْلَيْنِ…
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ إِلَى نَدْبِ تَأْخِيرِ غُسْل الرِّجْلَيْنِ بَعْدَ فَرَاغِ الْغُسْل؛ لأَِنَّهُ قَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِتَأْخِيرِ غُسْلِهِمَا فِي الأَْحَادِيثِ كَحَدِيثِ مَيْمُونَةَ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الأَْحَادِيثِ الإِْطْلاَقُ، وَالْمُطْلَقُ يُحْمَل عَلَى الْمُقَيَّدِ" انتهى
وينظر جواب السؤال : (85065) .
ثانيا :
من توضأ وأخر القدمين إلى آخر الغسل : فوضوؤه صحيح، ولا يعدّ هذا قطعا للوضوء.
قال النووي رحمه الله :
"وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ إنَّمَا هُمَا فِي الْأَفْضَلِ ؛ وَإِلَّا ، فَكَيْفَ فَعَلَ : حَصَلَ الْوُضُوءُ .
وَقَدْ ثَبَتَ الْأَمْرَانِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" .
انتهى من "المجموع" (2/182).
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة