جئت إلى المسجد لصلاة الظهر في يوم ممطر، لكن جماعة المسجد انتهوا من الصلاة، وقد جمعوا بين صلاة الظهر وصلاة العصر، وقد فاتني جمع الصلاتين، ماذا علي أن أفعل؟ هل ينبغي عليّ أن أصلي الظهر والعصر جمعا بمفردي أم مع الآخرين في المسجد ؟ يرجى تقديم الأدلة الوثيقة الصلة بالموضوع؟
هل يشرع الجمع للمسبوق إذا وجد أهل المسجد قد جمعوا الظهر مع العصر لأجل المطر؟
السؤال: 294963
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
من شعائر الإسلام أن تقام الصلوات الخمس جماعة في المساجد وتعمر بذلك ولا تعطل.
راجع للأهمية جواب السؤال رقم :(120)، ورقم : (8918) .
لكن قد توجد أعذار كالأمطار يشق معها تكرار السعي إلى المساجد؛ فمن تيسير الله تعالى أن شرع الجمع بين الصلوات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
” ترك الجمع، مع الصلاة في البيوت: بدعة مخالفة للسنة، إذ السنة أن تصلى الصلوات الخمس في المساجد جماعة، وذلك أولى من الصلاة في البيوت باتفاق المسلمين.
والصلاة جمعا في المساجد: أولى من الصلاة في البيوت مفرقة، باتفاق الأئمة الذين يُجوزون الجمع، كمالك والشافعي وأحمد ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (24 / 30).
فعلة الجمع هي الحفاظ على صلاة الجماعة عند ورود المشقة الطارئة، ورفع الحرج عن المصلين، كما نص على ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنه.
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ” جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: كَيْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ ” رواه مسلم ( 705).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
” لم يقل: إنه جمع بدون سبب، وإنّما قال: ( جمع بدون خوف، ولا مطر ) ..
فنفى هذين السببين؛ لأن هذين السببين يبيحان الجمع، فهو قد جمع بدون خوف ولا مطر، ولكن لسبب آخر، ما هو السبب؟ سئل ابن عباس رضي الله عنه لماذا جمع؟ فقال: ( أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ )، معنى “ألا يحرجها”: أي: لا يوقعها في حرج.
فدل هذا على أنه إذا وجد الحرج في إفراد كل صلاة في وقتها، فإنه يجمع، وإن لم يوجد الحرج فإنه لا يجوز الجمع؛ لأن الله يقول: ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا )، والنبي عليه الصلاة والسلام بيّن المواقيت.
إذن نرجع إلى أن القول الثالث الوسط، وهو أن الجمع يجوز إذا كان فيه حرج ومشقة ” انتهى من “شرح بلوغ المرام” (2 / 310).
وجاء في “فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى” (8 / 135):
” المشروع أن يجمع أهل المسجد إذا وجد مسوغ للجمع، كالمطر، كسبا لثواب الجماعة، ورفقا بالناس، وبهذا جاءت الأحاديث الصحيحة.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز ” انتهى.
فالعلة إذن للجمع هي تحقيق الجماعة مع رفع الحرج والمشقة؛ والقاعدة الثابتة عند أهل العلم أن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
” إذا علق الشارع حكما بسبب أو علة زال ذلك الحكم بزوالها… والشريعة مبنية على هذه القاعدة ” انتهى من “إعلام الموقعين” (5 / 528 – 529).
وبناء على هذا؛ فإن المسبوق إذا دخل المسجد، فوجدهم قد انصرفوا من صلاتي الظهر والعصر جمعًا لأجل المطر:
– فإن كانت هناك جماعة أخرى في المسجد أو في مسجد آخر: فإنه يجمع معها؛ لأن علة الجمع متوفرة فيها.
وينظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (87847) .
– وأما إن كان سيصلي منفردا؛ فلا يشرع له في هذه الحال الجمع لأجل المطر؛ لأن علة الجمع غير متوفرة فيه، فلا يشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها؛ فليس له عذر في الجمع، فيصلي صلاة الظهر، ثم ينصرف إلى أشغاله فإذا دخل وقت صلاة العصر صلاها في وقتها مع الجماعة، إن وجد جماعة يصليها معهم، أو منفردا، إن لم يجد جماعة.
سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
” إذا جئت وقد فرغ الإمام من الجمع بين العشاءين فهل لي أن أجمع منفرداً؟
فأجاب: إن كنت تظن أنك تجد مسجداً قريباً منك، ولم يجمع: فلا تجمع.
وإن كنت لا تظن ذلك، فإن حضر جماعة وصليتم جميعاً: فلا بأس بالجمع.
وإن لم يحضر جماعة: فالأظهر عدم جواز ذلك؛ لأن الجمع حينئذ لا فائدة منه، فإنك سوف ترجع إلى بيتك ولا تخرج منه، والجمع إنما أبيح للحاجة، وفي مثل هذه الصورة لا حاجة.
بخلاف ما لو حضر جماعة، فإن في الجمع فائدة وهو حصول الجماعة، والله أعلم.” انتهى من “مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين” (15 / 409).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة