0 / 0

أكل تمرات من بائع دون إذنه، فما المخرج؟

السؤال: 295019

ذهبت لشراء بعض الأشياء من ماركت كبير، وأثناء تبضعى مددت يدى على ٣ تمرات وأكلتهم، واشتريت أشيائي، وحاسبت عليها، وذهبت، وشعرت بالندم بعد ذلك، وأحسست بأننى ارتكبت جرما شديدا ومازلت ، فماذا أفعل لقاء ذلك؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولًا :

إذا كنت تريد شراء تمر ، وأخذت هذه التمرات لتذوقها لتنظر هل تشتري منه أم لا ؛ فالظاهر أنه لا بأس بتصرفك هذا ، ومثل هذا التصرف لا يمنع منه البائع في العادة، لا سيما إذا كان الطعام ليس من الأطعمة مرتفعة الثمن ، ما دمت تتذوقه لتشتري منه إن أعجبك ، وكثير من الباعة يعطي الطعام للمشتري ليتذوقه قبل الشراء .

قال البهوتي رحمه الله في “الروض المربع” (4/331) :

“ولا بأس بتذوق المبيع حال الشراء” انتهى .

قال ابن قاسم في شرحه :

“ظاهره ، ولو لم يستأذنه ، لجريان العادة به” انتهى .

وذكر المرداوي في الإنصاف (11/16) : أن هذا القول مروي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، وأن الإمام أحمد قد نص على جوازه .

وذكر أن الإمام أحمد توقف فيه مرة أخرى وقال : “لا أدري ؛ إلا أن يستأذنه” انتهى .

أما إذا كنت لا تريد شراء تمر ، أو تعلم أن البائع يمنع أن يأكل منه أحد إلا بإذنه، كما يفعل بعض الباعة ، بكتابة ورقة يمنع فيها المشترين من تذوق الطعام ، لاسيما في الأشياء مرتفعة الثمن .. فإن ما فعلته يكون محرما ، وأكلا لمال أخيك بغير حق .

وقد دلت النصوص الشرعية على حرمة مال المسلم ، وهي بعمومها تشمل الكثير والقليل.

قول الله تعالى:   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا   النساء /29 .

وعَنْ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، أَذُودُ عَنْهُ النَّاسَ، فَقَالَ: … فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَهُ.

ثُمَّ قَالَ: اسْمَعُوا مِنِّي تَعِيشُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، إِنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ …   رواه أحمد في “المسند” (34 / 299) وقال محققو المسند: صحيح لغيره.

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  لاَ يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُه، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُه، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ؟ فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَاتِهِمْ، فَلاَ يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ   رواه البخاري (2435) ومسلم (1726) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :

” قال ابن عبد البر: في الحديث النهي عن أن يأخذ المسلم للمسلم شيئا إلا بإذنه، وإنما خص اللبن بالذكر لتساهل الناس فيه، فنبه به على ما هو أولى منه ” انتهى . “فتح الباري” (5 / 89).

فعلى المسلم إذا ارتكب شيئا من ذلك أن يتوب ويستغفر وأن يرد ما أخذه ، أو يستسمح صاحبه.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ  رواه البخاري (2449).

ويمكنك للتحلل من ذلك :

إذا ذهبت للتسوق عندهم مرة أخرى أن تخبرهم أنك أكلت ثلاث تمرات ، والغالب أنهم يسامحون في هذا .

فإن لم ترد ذلك، فإنك تشتري تمرا، وبعد الميزان ترد ثلاث تمرات ، أو تشتري شيئا يسيرا بقيمة هذه التمرات وترده ، فإنه لا يشترط للتوبة من مثل هذا أن تخبر صاحب المال بما فعلته .

سُئلت “اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء”:
” إذا سرق إنسان مالا، ثم أراد أن يتوب فأرجع المال إلى صاحبه بدون علم من صاحبه، فما حكم توبته؟

فأجابت: إذا كان الواقع كما ذكرت وكان صادقا في توبته وندم على ما حصل منه، وعزم على ألا يعود، فتوبته صحيحة، ولا يضره في توبته عدم علم المسروق منه بما رد إليه من ماله.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز ” انتهى. “اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء” (24 / 355).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android