في مجتمعنا غالبًا نطلق كلمة "حريم" على النساء وهذا المنتشر، ولكني سمعت أحدهم يقول : بأنه لا يصح قول هذه الكلمة للنساء؛ لأنها لم ترد في الكتاب ولا في السنة، وأصلها من تركيا، أو شيء من هذا القبيل، وهي تعني العار قديمًا، وهي كلمة عنصرية ضد النساء، فهل يجوز أن نسمي النساء بـ( حريم)؟
هل يصح إطلاق لفظ “الحريم” إشارة إلى النساء ؟
السؤال: 295079
ملخص الجواب
استعمال لفظ “الحريم” إشارة إلى النساء، هو أمر جائز، وذو معنى جليل، يستحسنه أصحاب النفوس الكريمة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أقوال الناس على قسمين:
القسم الأول: ما يقصد به التعبد، كالأذكار الشرعية، فهذه لا يصح أن نحكم على قول منها بأنه مشروع إلا بوجود دليل على هذه المشروعية، لأن تشريع الدين هو مما اختص به الله تعالى.
قال الله تعالى : أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ الشورى/21.
وعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ ، فَهُوَ رَدٌّ رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718).
قال النووي رحمه الله تعالى:
" ( فهو رد ) قال أهل العربية: ( الرد ) هنا بمعنى: المردود. ومعناه: فهو باطل غير معتد به.
وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم ، فإنه صريح في رد كل البدع " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (12 / 16).
القسم الثاني: الأقوال التي لا يراد بها التعبد، كغالب مخطابات الناس بعضهم بعضا، فمثل هذه الأقوال الأصل فيها الإباحة، إلا إذا ورد دليل ينهى عن استعمالها، كالألفاظ الكفرية أو الفاحشة ونحو هذا.
وهذه القاعدة تشمل جميع أقوال الناس وأفعالهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" " تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان:
عبادات يصلح بها دينهم.
وعادات يحتاجون إليها في دنياهم.
فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله، أو أحبها، لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع.
وأما العادات: فهي ما اعتاد الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى …
والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه، وإلا دخلنا في معنى قوله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا ، ولهذا ذم الله المشركين الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، وحرموا ما لم يحرمه … وهذه قاعدة عظيمة نافعة " انتهى من " مجموع الفتاوى " (29 / 16 – 18).
وبناء على ما سبق فتسمية النساء بلفظ " الحريم "، ليست من الأمور التعبدية التي لا يجوز أن تقال إلا بدليل شرعي ، بل هي أمر من عادات الناس، ولا يوجد دليل ينهى عن استعمال هذا اللفظ، فهو مصطلح يجوز استعماله.
وهي كلمة عربية فصيحة مازال العرب يستعملونها منذ القدم، وليس فيها ما يسيء إلى المرأة؛ لأن المقصود بالحريم ما يحميه الرجل، ويمنع الناس ويحرمهم منه إلا بحقه، فإذا منع الرجل الأجانب وحرمهم من الاقتراب من نساء عائلته إلا بنكاح مشروع، فهؤلاء النسوة هنَّ حريمه.
ورد في معجم "تاج العروس" (31 / 455 – 457):
" الحَرِيمُ: ماحُرِّمَ فَلَمْ يُمَسَّ، كَذَا فِي كتاب "المُحْكم"، وَفِي كتاب "التَّهذيب": الحَرِيمُ: الَّذِي حَرُمَ مَسُّه فَلَا يُدْنَى مِنْهُ…
و الحَرِيمُ مِنْكَ: مَا تَحْمِيهِ وتُقاتِلُ عَنْهُ، كالحَرَمِ " انتهى بتصرف.
ومن أقوال العرب المأثورة: من كرم الكريم، الدفع عن الحريم.
فالحاصل؛ أن استعمال لفظ "الحريم" إشارة إلى النساء، هو أمر جائز، وذو معنى جليل، يستحسنه أصحاب النفوس الكريمة.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب