تنزيل
0 / 0
49,99021/02/2019

هل يجوز صلاة الثنتي عشرة ركعة دفعة واحدة من ليل أو نهار لتحصيل بيت في الجنة ؟

السؤال: 295760

يوجد حديث ما معناه : ( من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بيت في الجنة ) ، وأذكر أني بحثت فوجدت أنه يجوز صلاتها دفعة واحدة غير السنن الرواتب ، وتنال الأجر . سؤالي : أصبحت أصليها تقريبا يوميا كقيام ليل أجعلها اثنتي عشر ، ثم الشفع ، والوتر ، وأحيانا أزيد ، المهم أني ألزمت نفسي بصلاة اثنتي عشرة ركعة قيام كل ليلة ، ووجدت مكتوبا في فتوى في هذا الموقع أن صلاة النبي عليه الصلاة والسلام إحدى عشر ركعة ، أو ثلاثة عشر ، وتجوز الزيادة ، ولكن يكون خلاف السنة ، فأنا مرتابة أن يكون ما أقوم به بدعة ، من ناحية تخصيص العدد بنية بناء بيت في الجنة في صلاة القيام ، آمل الجواب بالتفصيل ، وأيضا من ناحية الزيادة أحيانا أزيد كثيرا ، وأحيانا مثلا كل ما أتوضأ أصلي ركعتين بالليل ، وأتوقع أنه يحتسب قيام حتى لو ما نويت ، وغالبا أسهر الليل فأصلي كثيرا من فضل الله علي له الحمد والمنة ، فأرشدوني هل أستمر في هذا ؟ أم الافضل الالتزام بإحدى عشرة ركعة ؟ أم يجوز لكن لا تكون يوميا ؟ وما الصحيح فيها ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

جاء في صحيح مسلم (728) من طريق دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ ، فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِحَدِيثٍ يَتَسَارُّ إِلَيْهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أُمَّ حَبِيبَةَ ، تَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ :   مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ،  بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ  .

قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ : فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ عَنْبَسَةُ :  فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ أُمِّ حَبِيبَةَ ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ : مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَنْبَسَةَ ، وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ : مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ .

وفي رواية شُعْبَة ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهَا قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ :  مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنتي عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا ، غَيْرَ فَرِيضَةٍ ، إِلَّا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ، أَوْ إِلَّا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ   .

قَالَتْ أَمُّ حَبِيبَةَ : " فَمَا بَرِحْتُ أُصَلِّيهِنَّ بَعْدُ " وقَالَ عَمْرٌو:" مَا بَرِحْتُ أُصَلِّيهِنَّ بَعْدُ " ، وقَالَ النُّعْمَانُ مِثْلَ ذَلِكَ.

وقد جاء بيان هذه الركعات مفصلاً في روايات أخر ، منها :

ما جاء عند الترمذي (415) عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :   مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً ، بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ ، أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ   ، قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح سنن الترمذي ".

وما جاء عند الترمذي (414)، والنسائي (1794) ، وابن ماجه (1140)، من حديث عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :   مَنْ ثَابَرَ عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ، أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ   وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (6183).

وهذه الأحاديث تدل على أن المراد بالثنتي عشرة ركعة : السنن الرواتب ، وهي : ركعتان قبل الفجر ، وأربع ركعات قبل الظهر وركعتان بعده ، وركعتان بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء .

وأكثر الروايات عن أم حبيبة جاءت بلفظ :   فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ   ، أي في مجموعهما ، إلا ما جاء في سنن النسائي (1799) عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ ، قَالَ : " قَدِمْتُ الطَّائِفَ فَدَخَلْتُ عَلَى عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ بِالْمَوْتِ فَرَأَيْتُ مِنْهُ جَزَعًا ، فَقُلْتُ : إِنَّكَ عَلَى خَيْرٍ ، فَقَالَ: أَخْبَرَتْنِي أُخْتِي أُمُّ حَبِيبَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :   مَنْ صَلَّى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِالنَّهَارِ، أَوْ بِاللَّيْلِ بَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ   ، وصحح إسناده الألباني في "صحيح سنن النسائي".

فجاءت هذه الرواية بالتخيير ، أي من صلاها في النهار أو في الليل حصل على هذا الأجر .

ولذلك كان عطاء بن أبي رباح ، وهو ممن روى هذه الرواية يصلي هذه الركعات دفعة واحدة ، كما جاء في "سنن النسائي" (1797) ، عن ابْنُ جُرَيْجٍ قال : قُلْتُ لِعَطَاءٍ : بَلَغَنِي أَنَّكَ تَرْكَعُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً ، مَا بَلَغَكَ فِي ذَلِكَ ؟

قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ ، حَدَّثَتْ عَنْبَسَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :  مَنْ رَكَعَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ، سِوَى الْمَكْتُوبَةِ: بَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ   ، قال الألباني : صحيح لغيره .

فعطاء وهو أحد رواة الحديث ، فَهِمَ أنه يجوز صلاة الثنتي عشرة ركعة دفعة واحدة في النهار أو في الليل ؛ ولذلك كان يصليها قبل الجمعة دفعة واحدة .

ولكن الصحيح في المراد بها : أنها السنن الرواتب ؛ لما ثبت من الأحاديث المرفوعة الصحيحة ما يدل على ذلك . 

ومن أخذ برواية النسائي السابقة ، واقتدى بعطاء في فعله ، فصلى ثنتي عشرة ركعة دفعة واحدة في الليل أو النهار بنية تحصيل هذا الأجر ؛ فهو محل تردد ، واحتمال .

والأقرب : أن الركعات المجملة في الحديث ، والتي رتب عليها الأجر المذكور : قد بينتها الأحاديث الأخرى المفصلة ، وذكرت أنها هي السنن الراتبة مع الصلوات الخمس .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وفي الصحيح ، عن أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة بنى الله له بيتا في الجنة ".

وجاء مفسرا في السنن: أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر .

فهذه هي السنن الراتبة التي ثبتت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله. مدارها على هذه الأحاديث الثلاثة: حديث ابن عمر وعائشة وأم حبيبة.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بالليل: إما إحدى عشرة ركعة وإما ثلاث عشرة ركعة فكان مجموع صلاته بالليل والنهار فرضه ونفله نحوا من أربعين ركعة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (24/200) .
 

ولا شك أن الأفضل ، على كل حال ، لمن جعل له وردا يحافظ عليه : أن يكون ورده موافقا لما ثبت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم .

وعلى ذلك : فاجعلي صلاتك من الليل ، مثنى مثنى ، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وصلي من الليل ما كتب الله لك أن تصلي ، فإذا خشيت طلوع الصبح ، أو خشيت أن يغلبك النوم : فأوتري ما صليت بركعة ، أو بثلاث ركعات .

وإن أحببت أن تجعلي لنفسك وردا ثابتا ، من صلاة الليل ، فاجعلي ذلك حسبما تطيقين .

وإن أطقت أن يكون وردك : إحدى عشرة ركعة ، فهو أفضل ، ليكون موافقا لغالب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من الليل .

واجعلي الثنتي عشرة ركعة ، هي رواتب الصلاة ، كما ثتب ذلك في الروايات الأخرى ، فهذا أكمل ، وأحرى أن يصيب الأجر ، ويوافق السنة .

وإن شئت أن تجعلي لك وردا من الضحى ، فهو خير وبركة ، إن شاء الله .

ثانيًا:

صلاة الليل غير محصورة بعدد معين ، فمن شاء قامها بإحدى عشرة ركعة وهو الأفضل ، ومن شاء زاد أو نقص ، ولا شيء في ذلك ، بل في كل خير – إن شاء الله – .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في "مجموع الفتاوى" (23/113) : " وقال طائفة : قد ثبت فى الصحيح عن عائشة " أن النبى لم يكن يزيد فى رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة ". 

واضطرب قوم فى هذا الأصل ؛ لما ظنوه من معارضة الحديث الصحيح لما ثبت من سنة الخلفاء الراشدين ، وعمل المسلمين .

والصواب : أن ذلك جميعه حسن ، كما قد نص على ذلك الإمام أحمد رضى الله عنه ، وأنه لا يتوقت [أي : لا يحدد] فى قيام رمضان عدد ، فإن النبى لم يوقت فيها عددا " انتهى .

وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- في "مجموع الفتاوى" (11/322) : " وثبت عن عمر رضي الله عنه أنه أمر مَنْ عَيَّنَ من الصحابة : أن يصلي إحدى عشرة ، وثبت عنهم أنهم صلوا بأمره ثلاثا وعشرين ، وهذا يدل على التوسعة في ذلك ، وأن الأمر عند الصحابة واسع ، كما دل عليه قوله عليه الصلاة والسلام : ( صلاة الليل مثنى مثنى ) " انتهى .

وينظر جواب السؤال رقم:(9036) (38021).

فلا حرج في الزيادة في قيام الليل على إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة ركعة. على ما سبق بيانه .

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android