0 / 0

حكم السفر إلى “تاج محل ” لأجل الفرجة ومشاهدة آثاره

السؤال: 296067

أنا من الهند ، فهل يمكنني زيارة تاج محل لغرض السياحة؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

السفر للتنزه والفرجة : هو من أمور العادات التي الأصل فيها الإباحة، ولا يعلم دليل على تحريمها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

” والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه، وإلا دخلنا في معنى قوله: ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا ) .

ولهذا ذم الله المشركين الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، وحرموا ما لم يحرمه … وهذه قاعدة عظيمة نافعة ” انتهى، من ” مجموع الفتاوى ” (29 / 16 – 18) .

وقد نص على هذا كثير من أهل العلم؛ جاء في “الموسوعة الفقهية الكويتية” (25 / 28):

” وقد صرح الشافعية والحنابلة بأن السفر لرؤية البلاد والتنزه فيها مباح ” انتهى.

و “تاج محل” : السفر إليه لأجل الفرجة: حكمه من حيث الأصل لا يخرج عن الإباحة .

وما يوجد فيه من قبر، فإن السائح لا يشد الرحال إليه بنية الطاعة ؛ فليس هو قبر نبي ، ولا ولي ، ولا أحد ممن يعظمه الناس تعظيما دينيا ، ويقصدون قبره قصدا محرما ، لأجل ذلك .

بل المعروف أن السائح لا يقصد من ذلك المكان إلا الفرجة على القصر، والقبر مجرد تابع له ، هذا إن تمكن من رؤية نفس القبر ، أو زيارته هناك .

وإذا قدر أنه زار المكان للفرجة والسياحة ، ثم تمكن من رؤية القبر هناك ، أو زيارته وهو في المكان ، أو الدعاء والاستغفار لمن دفن فيه من المسلمين : لم يكن ذلك ممنوعا .

وإنما الممنوع في حق الذاهب إلى هناك: شد الرحل ، والسفر بقصد زيارة القبر ، ثم شهود ما يقع عند القبور من الأمور البدعية المحرمة .

ثانيا:

ما سبق تقريره من إباحة السفر للسياحة والنزهة ، في هذا المكان ، أو نحوه ؛ هذه الإباحة مقيدة بشرط ألا يكون في المكان اختلاط على وجه محرم ، أو منكرات ، لا يتمكن الزائر من النهي عنها ، أو تغييرها ، أو الخلوص بنفسه من حضورها ، وشهودها ، أو الوقوع فيها .

قال الله تعالى ، في صفات عباد الرحمن:  وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا  الفرقان/72 .

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ أي: لا يحضرون الزور أي: القول والفعل المحرم، فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على الأقوال المحرمة أو الأفعال المحرمة، كالخوض في آيات الله والجدال الباطل ، والغيبة والنميمة والسب والقذف والاستهزاء ، والغناء المحرم وشرب الخمر وفرش الحرير، والصور ونحو ذلك .

وإذا كانوا لا يشهدون الزور فمن باب أولى وأحرى أن لا يقولوه ويفعلوه .

وشهادة الزور داخلة في قول الزور تدخل في هذه الآية بالأولوية .

وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ : وهو الكلام الذي لا خير فيه ، ولا فيه فائدة دينية ولا دنيوية ، ككلام السفهاء ونحوهم .

مَرُّوا كِرَامًا أي: نزهوا أنفسهم وأكرموها عن الخوض فيه ، ورأوا أن الخوض فيه ، وإن كان لا إثم فيه : فإنه سفه ونقص للإنسانية والمروءة ، فربأوا بأنفسهم عنه.

وفي قوله: وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ إشارة إلى أنهم لا يقصدون حضوره ولا سماعه، ولكن عند المصادفة التي من غير قصد يكرمون أنفسهم عنه. ” انتهى من “تفسير السعدي” (587) .

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

“عن رجل غدا إلى ” التكروري ” ؛ يتفرج ، فغرق. هل هو عاص أم شهيد؟”

فأجاب:

” إن قصد الذهاب إلى هذا القبر ، للصلاة عنده ، والدعاء به ، والتمسح بالقبر وتقبيله ، ونحو ذلك مما نهي عنه ؛

أو أن يعمل بشيء نهى الله عنه ؛ من الفواحش ، والخمر ، والزمر ؛

أو التفرج على هؤلاء ، ورؤية أهل المعاصي من غير إنكار = فهم عصاة لله في هذا السفر .

وأمرهم إلى الله تعالى، ويرجى لهم بالغرق: رحمة الله ” انتهى، من “مجموع الفتاوى” (27/496).

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android