0 / 0

حكم شراء عملات يغلب على الظن أنها مسروقة

السؤال: 296168

ما حكم شراء عملة محجوز عليها ، أو مسروقة ، لا أدري ، ولكن عرض علي أن أشتري مبلغا من المال ، وهو دولار ، وغير مزور ، على الأغلب هو من مصرف أحد البلاد العربية أخذ أيام الفوضى ، وأنا على ديون كثيرة ، ووضعي سئ حاليا ، فأنا لاجئ مقيم في دولة أخرى، فهل أشتري هذه الدولارات ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا يجوز شراء الأموال التي يغلب على الظن أنها منهوبة أو مسروقة ، سواء كانت من المال العام أو الخاص؛ لأنها مال غير مملوك لبائعه، فلا يصح البيع؛ ولأنه يجب على من قدر عليه أن يرده على صاحبه ، وإلا كان شريكا في الإثم والظلم.

فلا يجوز شراء المسروق إلا لاستنقاذه ، ورده إلى أهله ، أو التصدق به عنهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “الأموال المغصوبة، والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض، إن عرفه المسلم : اجتنبه .

فمن علمتُ أنه سرق مالاً ، أو خانه في أمانته ، أو غصبه فأخذه من المغصوب قهراً بغير حق : لم يجز لي أن آخذه منه ، لا بطريق الهبة ، ولا بطريق المعاوضة ، ولا وفاء عن أجرة ، ولا ثمن مبيع ، ولا وفاء عن قرض ، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم ” انتهى من  “مجموع الفتاوى” ( 29 / 323).

وقال رحمه الله: “وإن كان الذي معهم – أي : التتار – أو مع غيرهم ، أموال يعرف أنهم غصبوها من معصوم : فتلك لا يجوز اشتراؤها لمن يتملكها .

لكن إذا اشتُريت على طريق الاستنقاذ ، لتصرف في مصارفها الشرعية ، فتعاد إلى أصحابها إن أمكن ، وإلا صرفت في مصالح المسلمين : جاز هذا” انتهى من “مجموع الفتاوى” ( 29 / 276).

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :”إذا تيقن الإنسان من كون السلعة المعروضة للبيع ، أنها مسروقة ، أو مغصوبة ، أو أن مَن يعرضها لا يملكها ملكاً شرعيّاً ، وليس وكيلاً في بيعها : فإنه يحرم عليه أن يشتريها ؛ لما في شرائها من التعاون على الإثم والعدوان ، وتفويت السلعة على صاحبها الحقيقي .

ولما في ذلك من ظلم الناس ، وإقرار المنكر ، ومشاركة صاحبها في الإثم ، قال الله تعالى :   وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ   المائدة/2 .

وعلى ذلك :

ينبغي لمن يعلم أن هذه السلعة مسروقة أو مغصوبة ، أن يقوم بمناصحة من سرقها برفق ولين وحكمة ، ليرجع عن سرقته ، فإن لم يرجع وأصر على جرمه : فعليه أن يبلغ الجهات المختصة بذلك ، ليأخذ الفاعل الجزاء المناسب لجرمه ، ولرد الحق إلى صاحبه ، وذلك من باب التعاون على البر والتقوى ؛ ولأن في ذلك ردعا للظالم عن ظلمه ، ونصرة له وللمظلوم .

ولذلك ثبت في الحديث الذي رواه أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما ) قالوا : يا رسول الله : هذا ننصره مظلوماً ، فكيف ننصره ظالماً ؟ قال : ( تأخذ فوق يديه ) أخرجه البخاري في صحيحه . وأخرج الإمام أحمد في ” المسند ” نحوه ، وفي رواية أخرى : فقال رجل : يا رسول الله : أنصره إذا كان مظلوماً ، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره ؟ قال : ( تحجزه عن الظلم ، فإن ذلك نصره) ” انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 13 / 82 ).

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :”عُرض عليَّ سلعة اتضح لي أنها مسروقة ، غير أن الذي عرضها عليَّ لم يكن هو السارق ، وإنما اشتراها من شخص آخر اشتراها من السارق ، إذا اشتريتها مع علمي بذلك : فهل أكون آثماً ، مع أني لا أعلم صاحبها الذي سرقت منه ؟

فأجاب :الذي يظهر من الأدلة الشرعية : أنه لا يجوز لك شراؤها ، إذا اتضح لك أو غلب على ظنك أنها مسروقة ؛ لقول الله سبحانه : ( وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) .
ولأنك تعلم ، أو يغلب على ظنك : أن البائع ليس مالكاً لها شرعاً ، ولا مأذوناً له شرعاً في بيعها ، فكيف تعينه على ظلمه ، فتأخذ مال غيرك بغير حق .

نعم ، إذا أمكن شراؤها للاستنقاذ ، وردها إلى مالكها : فلا بأس .

إذا لم يتيسر أخذها بالقوة ، وعقوبة الظالم .

أما إذا أمكن أخذها بالقوة ، وعقوبة الظالم بعقوبته الشرعية : فهذا هو الواجب للأدلة المعلومة من الحديث ( انصر أخاك ظالما أو مظلوماً … ) الحديث” انتهى من ” فتاوى الشيخ ابن باز ” ( 19 / 91).

فلا يحملنك ما أنت فيه من الحاجة ، على شراء ما لا يحل، ونسأله الله أن يغنيك من فضله، ويكفيك بالحلال عن الحرام.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android