ذهبت إلي الطبيب ؛ بسبب نزول قطرات بول بعد الاستنجاء ، فقال لي : عندك احتقان أو التهاب البروستاتا ، وأنا كنت أضع مناديل علي العضو ، وأربطه بالمادة اللاصقة ـ البلاسترـ ؛ لكي لا أنجس الملابس ، ثم بعد ساعة تقريبا أستنجي ، وأغير المناديل ، فقال لي الدكتور : إن البلاستر ضار علي الجلد ، وأيضا وضع المناديل ، ولفه علي العضو سيسبب لي مشاكل كرجل ، مثل : ضعف الانتصاب تقريبا ، وطلب مني التبول ، وعدم وضع المناديل ، وترك العضو بدون أي شي عليه، ولكني خائف من هذا ؛ لأني لست مريضا بسلس البول ، فماذا افعل ؟
يخرج منه قطرات بول بعد الاستنجاء وقال الطبيب إن وضع لاصق أو خرقة على الذكر يضره
السؤال: 296501
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا لم تتيقن خروج هذه القطرات، فينبغي أن لا تلتفت إليها، وأن تلهو عنها، ويستحب أن ترش ملابسك الداخلية بالماء بعد الاستنجاء ليذهب عنك الشك.
جاء في “الموسوعة الفقهية” (4/ 125): ” ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّهُ إذَا فَرَغَ مِنْ الاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَنْضَحَ فَرْجَهُ أَوْ سَرَاوِيلَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَاءِ قَطْعًا لِلْوَسْوَاسِ ، حَتَّى إذَا شَكَّ حَمَلَ الْبَلَلَ عَلَى ذَلِكَ النَّضْحِ ، مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ خِلافَهُ ” انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في “مجموع الفتاوى” (21/ 106): ” وتفتيش الذكر بإسالته وغير ذلك: كل ذلك بدعة ليس بواجب ولا مستحب عند أئمة المسلمين، بل وكذلك نتر الذكر بدعة على الصحيح لم يَشرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك سلت البول بدعة لم يشرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحديث المروي في ذلك ضعيف لا أصل له، والبول يخرج بطبعه، وإذا فرغ انقطع بطبعه وهو كما قيل: كالضرع إن تركته قر، وإن حلبته در.
وكلما فتح الإنسان ذكره فقد يخرج منه، ولو تركه لم يخرج منه. وقد يخيل إليه أنه خرج منه وهو وسواس، وقد يحس من يجده برداً لملاقاة رأس الذكر، فيظن أنه خرج منه شيء ولم يخرج.
والبول يكون واقفا محبوسا في رأس الإحليل لا يقطر، فإذا عصر الذكر أو الفرج أو الثقب بحجر أو أصبع، أو غير ذلك، خرجت الرطوبة، فهذا أيضا بدعة، وذلك البول الواقف لا يحتاج إلى إخراج باتفاق العلماء لا بحجر ولا أصبع ولا غير ذلك، بل كلما أخرجه جاء غيره فإنه يرشح دائما، والاستجمار بالحجر كافٍ لا يحتاج إلى غسل الذكر بالماء، ويستحب لمن استنجى أن ينضح على فرجه ماء، فإذا أحس برطوبة قال: هذا من ذلك الماء ” انتهى.
ثانيا:
إذا تيقنت نزول هذه القطرات، فاعلم أنها نجسة ، وناقضة للوضوء.
ولا يجب وضع شيء على الذكر، إلا من جهة منع وصول النجاسة إلى البدن أو الثياب.
وإذا كان هذا يضرك، فلا شيء عليك في تركه، لكن يلزمك قبل الصلاة غسل ما أصابه البول من بدنك أو ثيابك أو لبس ثياب طاهرة.
وإذا كان غسل موضع النجاسة من البدن أو تبديل الثياب فيه مشقة عليك فإنه يعفى عنه .
وانظر فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في ذلك في جواب السؤال رقم : (87851) .
وإذا كانت النقاط تنقطع بعد مدة من قضاء الحاجة، وكان هذا معلوما لك، فلست صاحب سلس، فلا يجري عليك ما ذكره الفقهاء من وجوب العصب والشد أو عدم وجوبه؛ فإن كلامهم في صاحب السلس الذي سيصلي بنجاسته، ويلزمه العصب منها لانتشارها.
كما لا يجري عليك مسألة الوضوء لوقت كل صلاة.
ثالثا:
أما صاحب السلس فالجمهور على أنه يجب عليه العصب، أو وضع شيء على الذكر يمنع انتشار البول.
قال النووي رحمه الله: “قال أصحابنا: حكم سلس البول ، وسلس المذي : حكم المستحاضة ؛ في وجوب غسل النجاسة ، وحشو رأس الذكر ، والشد بخرقة ، والوضوء لكل فريضة ، والمبادرة بالفريضة بعد الوضوء ، وحكم الانقطاع ، وغير ذلك مما سبق” انتهى من “المجموع” (2/ 541).
وقال ابن قدامة رحمه الله: “وجملته: أن المستحاضة، ومن به سلس البول أو المذي، أو الجريح الذي لا يَرْقَأُ دمه، وأشباههم ممن يستمر منه الحدث ، ولا يمكنه حفظ طهارته: عليه الوضوء لكل صلاة ، بعد غسل محل الحدث، وشدّه، والتحرز من خروج الحدث بما يمكنه. فالمستحاضة تغسل المحل، ثم تحشوه بقطن أو ما أشبهه، ليرد الدم؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – لحمنة، حين شكت إليه كثرة الدم: (أنعت لك الكرسف، فإنه يذهب الدم). فإن لم يرتد الدم بالقطن، استثفرت بخرقة مشقوقة الطرفين، تشدها على جنبيها ووسطها على الفرج ، وهو المذكور في حديث أم سلمة (لتستثفر بثوب).
وقال لحمنة (تلجمي) لما قالت: إنه أكثر من ذلك.
فإذا فعلت ذلك، ثم خرج الدم، فإن كان لرخاوة الشد، فعليها إعادة الشد والطهارة، وإن كان لغلبة الخارج وقوته، وكونه لا يمكن شده أكثر من ذلك: لم تبطل الطهارة؛ لأنه لا يمكن التحرز منه، فتصلي، ولو قطر الدم، قالت عائشة: اعتكفت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – امرأة من أزواجه، فكانت ترى الدم والصفرة ، والطست تحتها ، وهي تصلي . رواه البخاري، وفي حديث: صلي، وإن قطر الدم على الحصير .
وكذلك من به سلس البول، أو كثرة المذي، يعصب رأس ذكره بخرقة، ويحترس حسب ما يمكنه، ويفعل ما ذكر.
وكذلك من به جرح يفور منه الدم، أو به ريح، أو نحو ذلك من الأحداث، ممن لا يمكنه قطعه عن نفسه، فإن كان مما لا يمكن عصبه، مثل من به جرح لا يمكن شده، أو به باسور، أو ناصور لا يتمكن من عصبه، صلى على حسب حاله، كما روي عن عمر رضي الله عنه أنه حين طعن، صلى وجرحه يَثْعُب دما” انتهى من “المغني” (1/ 247).
وذهب المالكية إلى عدم وجوب العصب والشد على موضع الخارج.
قال الحطاب المالكي رحمه الله : ” واستحب في المدونة أن يدرأ ذلك بخرقة .
قال سند : ولا يجب ; لأنه يصلي بالخرقة وفيها النجاسة، كما يصلي بثوبه.
قال سند : هل يستحب تبديل الخرقة ؟ قال الإبياني : يستحب له ذلك عند الصلاة، ويغسلها. وعلى قول سحنون : لا يستحب ، وغسل الفرج أهون عليه من ذلك ” انتهى من “مواهب الجليل” (1/143).
وقد سبق أنه إذا شق عليك غسل الثياب، أو تبديلها، لأجل ما نزل من القطرات، فإنه يعفى عنه.
وينبغي أن تبادر إلى علاج ذلك، ونسأل الله لك تمام الشفاء والعافية.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة