شاب غير متزوج ، سقط من الإلتزام إلى أكبر جرم ، إذ أقدم على الفاحشة بامرأة متزوجة ، واتفقا على إجهاض حملها في أسبوعه الثامن ، واكتشفا بعدها أنه يدخل في قتل النفس ، فتابا إلى الله تعالى ويسألان . هل تجب الدية والكفارة ؟ وعلى من تجبان ؟ وهل تجب الدية على كل واحد بعينه كاملة أم تجب قيمتها مرة واحدة على الكل ؟ وهل يمكن التعاون عليها حتى ممن لم تجب عليه ؟ أم تجب من مال المعني فقط؟ وماذا إن علم أن الطبيب مثلا ـ إن ألزم بها أو بجزء منهاـ لن يدفعها ؟ وهل تخرج دفعة واحدة أم يمكن تجزئتها بحسب ما توفر؟ وما هي المدة المسموح بها إن طال الزمن ؟ وما العمل في حالة عدم القدرة على السداد ؟ وهل يحسب قيمة 212.5غ ذهب بقيمته المستعملة في حساب الزكاة من وزارة الشؤون الدينية في بلده مثلا أي 6500 دج لغرام 18 قيراط فتكون النتيجة 1381250دج ؟ أو بقيمته على الإنترنيت أي 4500دج/غ أو السوق الموازية 8000دج/غ ؟ ولمن تقدم ، أي من هم ورثة الجنين هنا ، فقراء الأمة مثلا ؟ وكيف توزع علما أن للمرأة زوجا ، وولدين ، وبنتا ، وأما ، وإخوة ، وأخوات ، لها ولزوجها ؟ وهل يمكن تحويل المبلغ على حساب المعني دون علمه وعلى دفعات ، خاصة إن كان الزوج ، بغرض الستر بعد التوبة والمحافظة على الأسرة ؟ ومن هم المباشرون بالضبط (الشاب، المرأة، الطبيب) ، علما أنه كان بإتفاق الطرفين ، ونفذه الطبيب بدواء موضعي، ووصف للمرأة أدوية أخرى مسكنة للألم تشربها ؟ وهل هم قتلة ؟ وكيف تصام 60 يوما متتابعة مع وجود عذر شرعي كمرض أو حيض ؟ وكيف إذا لم يقدر على الصوم بسبب مرض قلب أو ضغط مثلا ؟ وهل يجزئ الإطعام هنا ؟ وهل تقبل التوبة ، بالتفكير في معاقبة النفس ، وإيذائها حتى بالانتحار ، أرجو الإجابة باستفاضة عن كل ما ذكر، فكل نقطة مهمة ، والحالة خاصة لم يجب عنها من قبل حسب ما بحثت ، فهل من مغيث ؟
زنى بامرأة متزوجة وحملت وأجهضت ويرد التوبة
السؤال: 297804
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
الزنا كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، وفاعلها معرض للعقاب والوعيد في الدنيا والآخرة، إلا أن يتوب.
فالواجب على من ابتلي بذلك أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يكثر من الأعمال الصالحة، وأن يبتعد عن الأسباب التي تقود لهذا المنكر، كالنظر للنساء والخلوة بهن.
قال الله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى طه/82 .
وقال: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ* وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً الفرقان/68 – 70.
ثانيا:
يحرم إجهاض الجنين الناشئ عن الزنا في جميع مراحله، وفيما يترتب على الإجهاض تفصيل:
1-فإن كان بعد نفخ الروح فيه وذلك ببلوغه مائة وعشرين يوما، فإنه تجب فيه الغرة والكفارة. والغرة: نصف عشر الدية.
2-وإن كان بعد تخلق الجنين وظهور صورة الآدمي وقبل نفخ الروح، وجبت الغرة فقط.
والتخلق لا يكون قبل ثمانين يوما، لأن الجنين يكون أربعين يوما نطفة، ثم أربعين يوما علقة، ثم يكون مضغة، مخلقة وغير مخلقة، والغالب أن التخلق يكون إذا بلغ تسعين يوما، وقد يكون قبل ذلك، أي فيما بين الثمانين والتسعين.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “وأقل مدة يتبين فيها خلق الإنسان واحد وثمانون يوما ؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه وفيه : ” أربعون يوما نطفة ، ثم علقة مثل ذلك “.
فهذه ثمانون يوما ، قال : ” ثم مضغة ” ، وهي أربعون يوما ، وتبتدئ من واحد وثمانين” انتهى من “الشرح الممتع” (1/443).
3-وإن كان قبل تخلق الجنين ، فلا تجب الغرة ولا الكفارة ، لكن يحرم الإجهاض، وتلزم التوبة منه والاستغفار.
وينظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم : (272257) .
وعليه فإذا كان الإجهاض قد تم والحمل في أسبوعه الثامن، فهو داخل في الحالة الثالثة، وعلى من قام به، أو أعان عليه أن يتوب إلى الله تعالى، ولا تجب الغرة ولا الكفارة.
ثالثا:
الانتحار كبيرة أخرى من كبائر الذنوب، ولا يقدم عليها إلا جاهل بحلم الله ورحمته، فإن الله تعالى وعد عباده بقبول التوبة، وتبديل السيئات إلى حسنات، ولم يأمرهم بقتل أنفسهم.
قال الله تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ التوبة/104 .
وقال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ الشورى/25 .
وقال تعالى في الحديث القدسي: يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ رواه مسلم (2577) .
وينظر في تحريم الانتحار: جواب السؤال رقم : (70363) .
والحاصل:
أن الواجب التوبة، والندم، والبعد عن أسباب المعصية، والحذر من غضب الله وعقابه، فإن الله تعالى قادر على فضحهما، وهتك سترهما، وقبض أرواحهما على حالهما.
ومن علامة صحة التوبة: أن يقطع الشاب علاقته بهذه المرأة، وأن يمحو كل وسيلة للتواصل معها، وأن يفزع إلى الاستغفار كلما خطرت على باله.
ونسأل الله أن يتقبل توبتهما ويعفو عنهما.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب