هل يجوز لي تأسيس شركة سياحة ربحية متخصصة في أخذ الزبائن لصيد الحيوانات المباح أكلها ، مثل : الغزلان ، والطيور ، وتقوم بأخذ الزبائن للصيد في جميع دول العالم ، والتي منها الكافرة ، مع العلم إن من أهداف الشركة هو : السياحة في المناطق الطبيعية ، والتدريب على الصيد مع أكل ما تم اصطياده ، أو شحنه والرجوع به ، أو التصدق به لأهل البلد ، وبخصوص هذا فهل يجوز التصدق به على أهل البلد الغير مسلمين وإن وجد مسلمون فيه ، وهل يجوز أيضا عمل برنامج تلفزيوني لنشر هذه الرحلات بما فيها من نشاطات وجزاكم الله خيرا ووفقكم إلى ما يحبه ويرضاه ؟
حكم السفر للسياحة والصيد في بلاد الكفار
السؤال: 298117
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
السياحة في بلاد الكفار فيها خطر عظيم على دين المسلم ؛ لما يتعرض له في هذه البلاد من رؤية المنكرات التي تعصف بالقلب ، وتنقص الإيمان ، وتذهب بالغيرة ، ولهذا كان أهل العلم على التشديد فيها والمنع منها.
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: “السفر إلى بلاد الكفر: لا يجوز؛ لأن فيه مخاطر على العقيدة والأخلاق ، ومخالطة للكفار ، وإقامة بين أظهرهم .
لكن إذا دعت حاجة ضرورية ، وغرض صحيح ، للسفر لبلادهم ، كالسفر لعلاج مرض لا يتوفر إلا ببلادهم ، أو السفر لدراسة لا يمكن الحصول عليها في بلاد المسلمين ، أو السفر لتجارة ؛ فهذه أغراض صحيحة ، يجوز السفر من أجلها لبلاد الكفار ، بشرط المحافظة على شعائر الإسلام، والتمكن من إقامة الدين في بلادهم، وأن يكون ذلك بقدر الحاجة فقط ثم يعود إلى بلاد المسلمين .
أما السفر للسياحة فإنه لا يجوز؛ لأن المسلم ليس بحاجة إلى ذلك، ولا يعود عليه منه مصلحة تعادل أو ترجح على ما فيه من مضرة وخطر على الدين والعقيدة ” انتهى من “المنتقى من فتاوى الفوزان” سؤال رقم 221 .
وينظر جواب السؤال رقم : (82187) .
ثانيا:
يباح صيد الحيوانات المأكولة كالغزلان والطيور ونحوها، بشرط الانتفاع بالمصيد، إما بالأكل، أو البيع ، أو التصدق به على المحتاجين ، أو إهدائه للأصدقاء والأقارب، أو غير ذلك من وجوه الانتفاع.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” فهذا لا شك في جوازه، وهو مما أحله الله عزّ وجل في كتابه، وثبتت به السنة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأجمع عليه المسلمون” انتهى من ” الشرح الممتع ” (15/ 98).
وأما الصيد على سبيل اللهو والعبث والتسلية فقط ، وإذا صاد شيئا تركه دون أن ينتفع به بشيء ، فهذا النوع من الصيد مكروه عند بعض العلماء، ومنهم من مال إلى تحريمه .
ومن الأدلة على كراهته ما جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا بِغَيْرِ حَقِّهِ ، سَأَلَهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
قِيلَ : وَمَا حَقُّهُ ؟
قَالَ : أَنْ تَذْبَحَهَا فَتَأْكُلَهَا ، وَلَا تَقْطَعْ رَأْسَهَا فَيُرْمَى بِهَا رواه النسائي (4349)، والدارمي (1978)، وقال الذهبي في “المهذب” (7/3614) : ” إسناده جيد”، وصححه ابن الملقن في ” البدر المنير” (9/376)، وحسنه ابن كثير في “إرشاد الفقيه” (1/368) ، وحسنه الألباني في “صحيح الترغيب”(1092).
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: ” فَلَوْ لَمْ يَقْصِدِ الِانْتِفَاعَ بِهِ : حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، بِإِتْلَافِ نَفْسٍ عَبَثًا ” انتهى من ” فتح الباري ” (9/602).
فإذا كان الصيد في بلاد المسلمين، أو كان في بلاد الكفار ، واقتصر الأمر على الذهاب إلى الصيد دون اختلاط بأهل المنكر ، ولا الذهاب لأماكن معاصيهم ، أو حضورها : فلا حرج.
ولا حرج في التصدق على الكافر غير المحارب بالصيد، ولو مع وجود المسلم، لكن المسلم أولى.
قال ابن قدامة رحمه الله: ” وكل من حُرم صدقة الفرض ، من الأغنياء ، وقرابة المتصدق والكافر وغيرهم : يجوز دفع صدقة التطوع إليهم ، ولهم أخذها ، قال الله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) ؛ ولم يكن الأسير يومئذ إلا كافرا.
وعن أسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنهما ، قالت: قدمت على أمي وهي مشركة , فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمي قدمت علي وهي راغبة ، أفأصلها؟ قال: نعم ، صلي أمك.
وكسا عمر أخا له حلة كان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه إياها. [وكان أخوه في ذلك الوقت مشركا]” انتهى من “المغني” (2/ 276).
ثالثا:
إذا كانت السياحة مباحة، فلا حرج في عمل برنامج تلفزيوني لنشر أخبارها والترويج لها؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، ووسيلة المباح مباحة.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة