0 / 0

حول الألفاظ الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم :” رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا “

السؤال: 298258

ما هو الصواب في لفظ حديث الرسول صل الله عليه وسلم ( رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا ) هل الصواب أن أقول رضيت بمحمد نبيا ، أو رضيت بمحمد رسولا ، أو رضيت بمحمد نبيا ورسولا ، وما هو الوارد في الحديث ؟

ملخص الجواب

الأدعية والأذكار التي يرد فيها لفظ ( وبمحمد رسولا ) أو ( وبمحمد نبيا ) : إن أمكن ضبط صيغة الذكر الواردة في الحديث ، والالتزام بها في مقام الذكر والدعاء : فهو أفضل . وإن وردت الرواية على وجهين، وكان لكل منهما موضع : أتى باللفظ في موضعه. وإن لم ينضبط موضع لكل من اللفظين: أتى بهذا مرة ، وبهذا مرة. وإن لم يمكن ضبط الألفاظ ومواضعها، فوضع أحد اللفظين مكان الآخر: فالأمر فيه واسع ، إن شاء الله ، ومدار النظر في الأفضل والأولى ، فقط .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

هذه الجملة العظيمة وردت من كلام النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما موضع ، منها ما يكون من قبيل التقرير للمعنى ، ومنها ما يأتي على سبيل الأذكار والأوراد .

أما القسم الأول ، فقد جاء فيه حديثان عظيمان :

الأول :

ما أخرجه مسلم في “صحيحه” (34) ، من حديث الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا  .

الثاني :

ما أخرجه مسلم في “صحيحه” (1884) ، من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  يَا أَبَا سَعِيدٍ ، مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ .

ولعل السائل يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم عبّر في الحديث الأول فقال :( وبمحمد رسولا ) ، وعبّر في الحديث الثاني فقال :( وبمحمد نبيا ).

ولذا إذا أراد أحد ما أن يقرر هذه الجملة : فلا مانع من قول :” وبمحمد رسولا ” ، أو ” وبمحمد نبيا ” ، فالمعنى واحد على كلا اللفظين، وقد ورت بكل منهما الرواية، كما يظهر مما سبق .

وأما القسم الثاني :

فهو قسم الأذكار المأثورة، التي ورد فيها هذا اللفظ ، فالمشروع ، حينئذ: أن يتقيد الذاكر بالصيغة المروية في الذكر، بلفظها .

وقد ورد هذا الذكر في عدة مواطن ، صح منها ثلاثة مواضع :

الموضع الأول :

أن يقولها المسلم دون قيد بموضع أو زمن .

والحديث فيه أخرجه أبو داود في “سننه” (1529) ، من حديث أبي سعيدِ الخدريَّ ، أن رسولَ الله – صلَّى الله عليه وسلم – قال: مَنْ قال: رَضيتُ بالله رَبّاً ، وبالإسلامِ ديناً ، وبمحمَدِ رَسولاً ، وَجَبَتْ له الجنَّةُ  .

والحديث صححه الشيخ الألباني في “صحيح أبي داود” (1368) .

وهنا جاء اللفظ :” وبمحمد رسولا ” .

الموضع الثاني :

 عند سماع المؤذن .

والحديث فيه أخرجه مسلم في “صحيحه” (386) ، من حديث سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:  مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا ، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ .

وقد جاء اللفظ هنا أيضا: ” وبمحمد رسولا ” .

الموضع الثالث :

أن يقول ذلك إذا أصبح .

والحديث فيه أخرجه الطبراني في “المعجم الكبير” (20/355) ، من طريق الْمُنَيْذِرِ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَكَانَ يَكُونُ بِإِفْرِيقِيَّةَ – قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ: رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا ، فَأَنَا الزَّعِيمُ لِآخُذَ بِيَدِهِ حَتَّى أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ  .

والحديث حسنه بهذا اللفظ الشيخ الألباني في “السلسلة الصحيحة” (2686) .

وهنا جاء اللفظ :” وبمحمد نبيا ” .

وجاء من عدة طرق بأنه يقال في الصباح والمساء ، إلا أنه لا يخلو إسنادها من مقال ، ولذا ضعفها الشيخ الألباني في “السلسلة الضعيفة” (5020) .

ولم يرد في حديث قط لا في باب التقرير ، ولا في باب الأذكار والأوراد الجمع بينهما ، أي أن يقول :” وبمحمد نبيا ورسولا “.

وإنما الذي قال بالجمع بينهما هو الإمام النووي في “الأذكار” (214) عند إيراده للحديث في أذكار الصباح والمساء ، وأقره على ذلك المنذري في “الترغيب والترهيب” (971) .

قال النووي في “الأذكار” (214) :” وروينا في كتاب الترمذي ، عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من قال حين يمسي : رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ، كان حقا على الله تعالى أن يرضيه “.

في إسناده سعيد بن المرزبان أبو سعد البقال بالباء ، الكوفي مولى حذيفة بن اليمان ، وهو ضعيف باتفاق الحفاظ  ، وقد قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه ، فلعله صح عنده من طريق آخر.

وقد رواه أبو داود والنسائي بأسانيد جيدة عن رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظه ، فثبت أصل الحديث ، ولله الحمد .

وقد رواه الحافظ أبو عبد الله في ” المستدرك على الصحيحين ” ، وقال : حديث صحيح الإسناد.

ووقع في رواية أبي داود وغيره : ” وبمحمد رسولا “.

وفي رواية الترمذي : ” نبيا ” ، فيستحب أن يجمع الإنسان بينهما فيقول ” نبيا ورسولا ” ، ولو اقتصر على أحدهما كان عاملا بالحديث “انتهى.

ولعل الأقرب أن يقول المسلم أحد اللفظين ، وهو الموافق للرواية ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع بينهما قط ، والأذكار ينبغي التقيد فيها باللفظ النبوي، إذا جاءت به الرواية على وجه واحد، مضبوط .

ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما علّم البراء بن عازب رضي الله عنه شيئا يقوله عند نومه ، كان منه جملة :” آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت ” ، فلما أعاد البراء الحديث على النبي صلى الله عليه وسلم قال :” آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبرسولك الذي أرسلت ” ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم :” لا ؛ (ونبيك الذي أرسلت) “.

والحديث أخرجه البخاري في “صحيحه” (247) ، ومسلم في “صحيحه” (2710) ، من حديث البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ ، فَأَنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ ،  قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا بَلَغْتُ: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، قُلْتُ: وَرَسُولِكَ ، قَالَ: لاَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ  .

قال المازري رحمه الله : ” يحتمل أن يكون أراد – صلى الله عليه وسلم – أن يقول كماَ عَلّمه من غير تَغيير وإن كان المعنى لا يختلف في المقصود ولَعَلَّه – صلى الله عليه وسلم – أوحِيَ إليه بهذا اللفظ ، فاتَّبع ما أوحيَ إلَيه به ، لأنَّه لا يغير ما أوحي إليه به ، لا سيما والموعود به على هذه الدعوات : أمر لا يوجبه العقل ، وإنَّما يعرف بالسَّمع ؛ فينبغي أن يتبع السَّمع فيه ، على ما وقع .

على أن قوله: “ورسولِك الذي أرسلتَ” لا يفيد من جهة نطقه إلاَّ معني واحدًا وهو الرِّسالة. وقوله “وَنَبِيِّك الذي أرسلتَ” يفيد من جهة نطقه النبوة والرسالة وقد يكون نبيّ ليس برسول والمعتمد على ما قلناه من اتباع اللفظ المسموع من الشرع.” انتهى من”المعلم بفوائد مسلم” (3/330).

والحاصل:

أن الأدعية والأذكار التي يرد فيها لفظ ( وبمحمد رسولا ) أو ( وبمحمد نبيا ) : إن أمكن ضبط صيغة الذكر الواردة في الحديث ، والالتزام بها في مقام الذكر والدعاء : فهو أفضل .

وإن وردت الرواية على وجهين، وكان لكل منهما موضع : أتى باللفظ في موضعه.

وإن لم ينضبط موضع لكل من اللفظين: أتى بهذا مرة ، وبهذا مرة.

وإن لم يمكن ضبط الألفاظ ومواضعها، فوضع أحد اللفظين مكان الآخر: فالأمر فيه واسع ، إن شاء الله ، ومدار النظر في الأفضل والأولى ، فقط .

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (140759) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android