عندنا في قريتنا لا يوجد صرف صحي لتصريف المياه في المنازل مما يؤدي إلى مشاكل كثيرة ، منها مثلا : في بيتي عندما يمتلئ خزان الماء يطفو الماء ، ويخرج إلى الشارع ، وقد سمعت من طفلين من الجيران أن الماء يدخل بيتهم ، ولست متأكدا هل يدخل أم لا ، وقد قال أحد الكبار من أهل بيتي : إنه لا يدخل ، وعندما أريد أن أقضي حاجتي أو أتوضأ مثلا للصلاة أذهب إلى المسجد المجاور ، وإن قمت في جوف الليل ، وأريد أن أقوم الليل قد لا أقضي حاجتي وأتوضأ إلا عندما يفتح المسجد قبل الفجر ، ولكن استخدم الحمام لرفع الجنابة فقط ؛ ﻷنه يشق علي أن أغتسل في المسجد ، فما حكم الشرع في استعمال الماء حال امتلاء خزان المنزل في هذه الحالات ومثلها ، علما بأن عدم دخول الصرف الصحي لا طاقة لي به ؟
قد عظمت الشريعة حق الجار، ومنعت من إيذائه، في نصوص كثيرة مشتهرة، منها ما روى البخاري (6016) عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ .
وروى مسلم (46) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ .
وهذا يقتضي أن إيذاء الجار من الكبائر.
قال ابن حجر الهيتمي في “الزواجر عن اقتراف الكبائر” (1/ 422): “الكبيرة العاشرة بعد المائتين) : إيذاء الجار ولو ذميا” انتهى.
وروى البخاري (6105) ، ومسلم (2624) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ .
وما ذكرت من ترك خزان الصرف يمتلئ، ثم يذهب إلى الشارع : أذى عظيم لجيرانك، ولعامة المسلمين الذين يمرون فيه، وفيه مضرة عليهم بما يسببه من تلوث ومرض، وغير ذلك من الأذى كتنجيس نعالهم وثيابهم.
وهذا التصرف المذموم : في حكم البراز في الطريق، وهو من أسباب اللعن، كما روى أحمد (2715) ، وأبو داود (26) ، وابن ماجه (328) أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَةَ: الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَالظِّلِّ وحسنه الألباني في “صحيح أبي داود”.
وروى مسلم (269) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ ، قَالُوا : وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ ، قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ ، أَوْ فِي ظِلِّهِمْ .
قال النووي رحمه الله:” فمعناها واللّه أعلم اتّقوا فعل اللّعّانين أي صاحبي اللّعن وهما اللّذان يلعنهما النّاس في العادة واللّه أعلم … وما نهى عنه في الظّل والطّريق لما فيه من إيذاء المسلمين بتنجيس من يمرّ به ونتنه واستقذاره والله أعلم ” انتهى من ” شرح صحيح مسلم ” ( 3 / 162 ) .
فالواجب أن تبادر إلى تنظيف الخزان ، كلما أوشك على الامتلاء، ويحرم أن تتركه ليفيض إلى الشارع أو إلى بيوت جيرانك.
وعلى أهل القرية أن يبادروا إلى علاج هذه المشكلة ، وإدخال الصرف الصحي.
والله أعلم.