أريد أن أعرف الحكمة من فرض الله تعالى50 صلاة، مع أنه سبحانه وتعالى يعلم أن أمتنا لن تستطيع ذلك، فعاد النبي صلى الله عليه وسلم إليه، وسأله التخفيض؟ سؤالي ليس شكا في الإسلام، ولكن لأعرف الحكمة منها فقط.
ما الحكمة من فرض الصلاة خمسين ثم تخفيفها إلى خمسة؟
السؤال: 298993
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الصلوات فرضت خمسين صلاة في اليوم والليلة ، ثم خففها الله إلى خمس، كما روى البخاري (349)، ومسلم (163) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: “كَانَ أَبُو ذَرٍّ، يُحَدِّثُ، أَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ( فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ…).
وفيه: (فَفَرَضَ اللهُ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً»، قَالَ: فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى أَمُرَّ بِمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَاذَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ لِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَرَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، قَالَ: فَرَاجَعْتُ رَبِّي، فَوَضَعَ شَطْرَهَا، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، قَالَ: فَرَاجَعْتُ رَبِّي، فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ؛ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ. قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَقُلْتُ: قَدْ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي).
ولمسلم (162) من حديث أنس: (… قَالَ: ” فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَبَيْنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئًا، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً “، قَالَ: ” فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ “، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” فَقُلْتُ: قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ).
قال الحافظ ابن حجر :”والمراد: هنَّ خمس عدداً، باعتبار الفعل ، وخمسون اعتدادا، باعتبار الثواب” انتهى من ” فتح الباري” (1/463).
وفي ذلك حكم كثيرة:
منها: إظهار رحمة الله وفضله على هذه الأمة، أن خفف عنها وأعطاها ثواب الخمسين.
ومنها: إظهار كرامة رسول الله ومنزلته عنده ربه، وأن الله خفف الفريضة عن أمته بسؤاله وشفاعته.
ومنها: إكرامه بالكلام والمناجاة، فقد راجع ربع تسع مرات، يحط عنه في كل مرة خمسا.
ومنها: إظهار أهمية السؤال وتكراره، فالله يحب أن يُسأل.
ومنها: إظهار فضل موسى عليه السلام وشفقته على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه بيان وحدة أهل الإيمان وولاء بعضهم لبعض.
قال النبراوي في “حاشيته على الإقناع” (1/380) : ” وحكمة فرضها خمسين ثم نسخها إلى الخمس، مع علمه تعالى أزلا أنها خمس؛ إظهارا لشرف نبيه صلى الله عليه وسلم بقبول شفاعته في التخفيف” انتهى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب