مات خالي ، وليس له أولاد ، ووالداه متوفيان ، وله زوجة ، وثلاثة أخوات نساء ، وليس له إخوة من الذكور ، وليس له أبناء عمومة ، وقد أوصي بثلث تركته للأعمال الخيرية ، وبألا تُظلم زوجتة ، وادعى كذبا في الوصية أنه أعطي لأخواته الثلاث حقوقهم في حياته ، رغم أن ذلك لم يحدث ، ويجب ألا يُوَرَّثوا من التركة ، وزوجته متمسكة بذلك ، فكيف توزع التركة؟
مات وترك زوجة وأخوات وأوصى ألا يعطى لأخواته شيئاً؛ لأنهن أخذن حقهن في حياته
السؤال: 299786
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
إذا مات الرجل ولم يخلف والدا ولا ولدا، فإنه يورث كلالة، فإن كان له زوجة وأخوات (شقيقات أو لأب) فإن تركته تقسم كما يلي:
للزوجة الربع؛ لعدم وجود الفرع الوارث. قال تعالى:
وللأخوات: الباقي فرضا وردّا.
فلهن الثلثان فرضا؛ لقوله تعالى: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ النساء/176 .
ويردّ عليهن الباقي، لعدم وجود العصبة. فيرد الباقي على أصحاب الفروض غير الزوجين.
والقول بالرد هو مذهب الحنفية والحنابلة، وبه قال الشافعية والمالكية إذا لم ينتظم بيت المال، وانتظامه أن يكون الحاكم عدلا، يأخذ المال من حقه ، ويضعه في مستحقه.
وذهب المالكية والشافعية-عند انتظام بيت المال- إلى أن الباقي يذهب إلى بيت المال.
قال ابن قدامة رحمه الله : ” وجملة ذلك: أن الميت إذا لم يخلف وارثا إلا ذوي فروض، ولا يستوعب المال ، كالبنات والأخوات والجدات : فإن الفاضل عن ذوي الفروض يردّ عليهم ، على قدر فروضهم ، إلا الزوج والزوجة .
روي ذلك عن عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، وابن عباس رضي الله عنهم .
وحكي ذلك عن الحسن ، وابن سيرين ، وشريح ، وعطاء ، ومجاهد ، والثوري ، وأبي حنيفة ، وأصحابه . قال ابن سراقة : وعليه العمل اليوم في الأمصار …
وذهب زيد بن ثابت: إلى أن الفاضل عن ذوي الفروض لبيت المال ، ولا يرد على أحد فوق فرضه .
وبه قال مالك ، والأوزاعي ، والشافعي رضي الله عنهم “.
وقال: ” فأما الزوجان ، فلا يردّ عليهما باتفاق من أهل العلم ” انتهى من “المغني” (6/186).
وإن كان الأخوات المذكورات: أخوات لأم، فإنهن يأخذ الباقي أيضا فرضا وردا، لكن فرضهن: الثلث؛ لقوله تعالى: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ النساء/12 .
فهذه الآية في حق الإخوة لأم، إجماعا.
فيأخذن الثلث فرضا، والباقي ردا.
ثانيا:
لا عبرة بوصية الرجل أن أخواته لا يأخذن من ميراثه، حتى لو فرض أنه أعطاهن في حياته ما أعطاهن؛ لأن الإرث يثبت بموته، فلا يمكنه إسقاطه قبل موته.
فسواء كان قد أعطاهن ، أو لم يعطهن، فحقهن في الإرث ثابت.
ثالثا:
إذا كان الرجل قد أوصى بثلث تركته للأعمال الخيرية، فتنفذ وصيته، ثم يقسم الباقي كما سبق، فيؤخذ ثلث التركة للأعمال الخيرية ، ثم يقسم باقي التركة ، للزوجة الربع ، وللأخوات الباقي ، يقسم عليهن بالتساوي .
والحذر الحذر من ظلم الوارث؛ فإن الله تعالى قسم الميراث بنفسه، ثم توعد من يتجاوز ما حدّه الله فقال: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ النساء/13، 14 .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب