هل استعاذ ابن عباس رضي الله عنهما من العشق ؟
هل استعاذ ابن عباس رضي الله عنهما من العشق ؟
السؤال: 300049
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه استعاذ بالله تعالى من العشق ، وذلك فيما أخرجه الخرائطي في “اعتلال القلوب” (2/ 373)، وابن عساكر في “تاريخ دمشق” (37/ 22) ، وابن الجوزي في “ذم الهوى” (ص494) عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : ” إِنَّا لَمَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، عَشِّيَةَ عَرَفَةَ ، إِذْ أَقْبَلَ فِتْيَةٌ أُدْمَانُ ، يَحْمِلُونَ فَتًى أَدْمَنَ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ ، قَدْ بَلِيَ بَدَنُهُ وَكَانَتْ لَهُ حَلَاوَةٌ وَجَمَالٌ ، حَتَّى وَقَفُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ قَالُوا : اسْتَشْفِ لِهَذَا يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ : ” وَمَا بِهِ ؟ ”
قَالَ : فَتَرَنَّمَ الْفَتَى بِصَوْتٍ ضَعِيفٍ حَتَّى لَا يُبِينَ وَهُوَ يَقُولُ:
بِنَا مِنْ جَوَى الْأَحْزَانِ وَالْحُبِّ لَوْعَةٌ … تَكَادُ لَهَا نَفْسُ الشَّفِيقِ تَذُوبُ
وَلَكِنَّمَا أَبْقَى حُشَاشَةَ مُعْوِلٍ … عَلَى مَا بِهِ عُودٌ هُنَاكَ صَلِيبُ
وَمَا عَجَبٌ مَوْتُ الْمُحِبِّينَ فِي الْهَوَى … وَلَكِنْ بَقَاءُ الْعَاشِقِينَ عَجِيبُ
ثُمَّ شَهَقَ شَهْقَةً فَمَاتَ !
قَالَ عِكْرِمَةُ : فَمَا زَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ يَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنَ الْحُبِّ ” انتهى .
وهذا الأثر رجاله ثقات ؛ إلا محمَّد بن عيسى بن بكار ؛ لم نقف له على ترجمة .
وذكر ابن القيم هذا الأثر في “الجواب الكافي” (497) بصيغة أخرى فقال : ” وقد رُفع إلى ابن عباس – وهو بعرفة – شابٌّ قد انتحل حتى عاد عظما بلا لحم ، فقال : ما شأن هذا ؟ قالوا : به العشق . فجعل ابن عباس يستعيذ بالله من العشق عامّةَ يومه” انتهى.
قال الشيخ زائد النشيري وفقه الله ، في تعليقه على الأثر: ” وسنده ضعيف، محمد بن عيسى بن بكار: لم أقف عليه . وفليح [يعني: ابن إسماعيل، شيخ محمد بن عيسى فيه]: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يعتبر حديثه من غير رواية شاذان عنه” انتهى من حاشية “الداء والدواء” (497)، ط عالم الفوائد .
ثانيا :
العشق هو : ” الإفراط في المحبة ، بحيث يستولي المعشوق على قلب العاشق ، حتى لا يخلو من تخيّله وذكره والفكر فيه ، بحيث لا يغيب عن خاطره وذهنه .
فعند ذلك : تشتغل النفس عن استخدام القوى الحيوانية والنفسانية ، فتتعطل تلك القوى ، فيحدث بتعطّلها من الآفات ، على البدن والروح : ما يعِزّ دواؤه ، أو يتعذّر، فتتغيّر أفعاله وصفاته ومقاصده ، ويختل جميع ذلك ، فيعجز البشر عن صلاحه ” انتهى من “الجواب الكافي” (498).
وسواء صح أثر ابن عباس رضي الله عنهما ، أم لم يصح ؛ فمن المشروع : أن يستعيذ العبد بالله من العشق ، لا سيما إذا خاف أسبابه على نفسه ، أو خاف أن يتعرض له ؛ لأنه مرض من أمراض القلوب ، إذا قوي أثر في البدن ، وفيه من الفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في “مجموع الفتاوى ” (10/132) : ” عشق الأجنبية : فيه من الفساد : ما لا يحصيه إلا رب العباد ، وهو من الأمراض التي تفسد دين صاحبها ، ثم قد تفسد عقله ، ثم جسمه ” انتهى .
وقال ابن القيم رحمه الله : ” هذا مرض من أمراض القلب ، مخالف لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه وعلاجه ، وإذا تمكن واستحكم : عز على الأطباء دواؤه وأعيى العليل داؤه …” انتهى من “زاد المعاد” (4 /265) .
وقال السفاريني رحمه الله : ” وآفات العشق : تكاد تقارب الشرك ، فإن العشق يتعبد القلب ، الذي هو بيت الرب ، للمعشوق ” انتهى من “غذاء الألباب” (1/ 90).
وقد سبق التحذير من العشق وذكر مفاسده في عدة أجوبة منها : (82941)، (83724).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة