هل ورد في الحديث الصحيح أن النبي استخدم 1.5 ليتر فقط من الماء للوضوء و 5 ليتر للإغتسال. إذا كان صحيحا ، هل من السنّة أن نقتصر على الأعداد المذكورة من اللترات أم أنها إلزامية بالنسبة لنا. أو بطريقة أخرى هل يمكننا استخدام المياه حسب حاجتنا ومستوى الطهارة أثناء الاستحمام أو الوضوء؟
مقدار المُدّ الذي يتوضأ به وهل تجوز الزيادة عليه؟
السؤال: 300117
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
روى البخاري (201) ومسلم (325) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ.
والمد ربع الصاع، ويساوي 0.7575 لترا.
وهذا يعني أنه يتوضأ بنحو من نصف المقدار المذكور في السؤال [ 1.5 لتر]؛ فإن تقدير المد : نحو ثلاثة أرباع اللتر، كما ذكرنا، أو أقل، بحسب اختلاف التقدير فيه.
ويُقَرَّب ذلك بملء الكف من الماء. قال الفيروزآبادي، رحمه الله: ” والمُدُّ، بالضم: مِكْيالٌ، وهو رِطْلانِ، أو رِطْلٌ وثُلُثٌ، أو مِلْءُ كَفَّيِ الإِنسانِ المُعْتَدِلِ إذا مَلأَهُما وَمَدَّ يَدَهُ بهما، وبه سُمِّيَ مُدًّا، وقد جَرَّبْتُ ذلك فَوَجَدْتُهُ صحيحاً” . انتهى، من “القاموس المحيط” (318).
وأما الصاع : فأربعة أمداد، وهو ما يساوي 3.030 لترا، تقريبا.
وينظر: الجدول الميسر في المقادير، ص6، للشيخ عبد العزيز بن عبد الرازق الغديان، القاضي بالمحكمة العامة بالخبر.
وينظر جواب السؤال رقم (154588)
وهذا يدل على اقتصاد النبي صلى الله عليه وسلم في استعمال الماء.
ثانيا:
يجب في الوضوء والغسل إسالة الماء على الأعضاء، ولا يجزئ الاقتصار على المسح.
قال النووي رحمه الله : ” يشترط في غسل الأعضاء جريان الماء عليها، فإن أمسه الماء ولم يجر: لم تصح طهارته اتفق عليه الأصحاب …..” انتهى من “المجموع” (1/491).
وقال رحمه الله : ” أجمع المسلمون على أن الماء الذي يجزئ في الوضوء والغسل غير مقدر، بل يكفي فيه القليل والكثير؛ إذا وجد شرط الغَسل، وهو جريان الماء على الأعضاء ” انتهى من “شرح صحيح مسلم” (2/20)
ثالثا:
ينبغي للمتوضأ أن يقتصد في الماء ولا يسرف، لكن لا يلزمه التقيد بالمدّ، بل يغسل أعضاءه ثلاثا، ويسبغ الوضوء، بأن يعمم الأعضاء بالماء، ولا يضره لو استعمل أكثر من المد، لا سيما إذا كان يتوضأ من الصنبور، فإنه لا يمكنه غالبا الاقتصار على المد، لكن لا يتجاوز غسل العضو ثلاث مرات، فإن فعل فقد أساء وظلم، كما روى أبو داود (135) ، والنسائي (140) ، وأحمد (6684) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عَنِ الْوُضُوءِ، فَأَرَاهُ الْوُضُوءَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: ( هَكَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ).
قال النووي رحمه الله :”أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ ، وَالْمُرَادُ بِالثَّلَاثِ الْمُسْتَوْعِبَةِ لِلْعُضْوِ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ تَسْتَوْعِبِ الْعُضْوَ إِلَّا بِغَرْفَتَيْنِ ، فَهِيَ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ” انتهى من “شرح النووي على مسلم” (3/ 109).
وقال الشيخ أبو عمر الدبيان حفظه الله: “أما بالنسبة للعدد، فالزيادة على الثلاث: إن لم تكن محرمة، فهي مكروهة كراهة شديدة؛ لأنه قد ورد النهي عن الزيادة على الثلاث، وهو أكثر ما فعله رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
وأما بالنسبة لمقدار الماء المستعمل في الوضوء، فلم يأت له حد من الشرع، بحيث لا يتجاوزه الإنسان، والناس يختلفون في هذا بدانة ونحافة، والمياه في عصرنا تأتي عن طريق الصنابير التي تدفع الماء دفعاً، لا يمكن معه التقيد بالمقدار الوارد؛ إلا أن يأخذ الإنسان الماء في إناء، ويغلق الصنبور، وقد لا يتوفر الإناء في كل مكان.
والأحاديث الواردة في مقدار وضوء النبي – صلى الله عليه وسلم – كلها تدل على أن كمية الماء ليس فيها حد بمقدار معين، وإنما الأمر تقريبي” انتهى من موسوعة الطهارة (9/ 368).
والحاصل: أن الإنسان يستخدم الماء في الوضوء في الغسل بحسب حاجته، فيسبغ الوضوء، ويعم بدنه في الغسل دون إسراف.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة