0 / 0

حكم استعمال ما مسته النار ؛ كالإسمنت والآجر في بناء القبور

السؤال: 302502

اللبن التي نستعملها في تونس تتكون من الإسمنت أو الآجر المصنع ، وسمعت قول من أحد الناس ، ولم يذكر لي دليلا أن الإسمنت والآجر ، وكل شيء لامسته النار في صنعه أو في طبيعته يحرم استعماله في القبر فما صحة هذا القول ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الأفضل أن يكونَ القبر لحدًا ، وذلك بأن يُحفر القبر ، ثم يُحفر في أسفله من جانبه الذي يلي القِبلة ، وذلك إنما يكون في الأرض المتماسكة الصُّلبة ، التي لا يَنهار تُرابها .

واللحد هو الذي اختارَه الله لنبيِّه صلى الله عليه وسلم ؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ” لَمَّا تُوفِّي النبي صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة رجلٌ يَلْحَد ، وآخر يَضْرَح ، فقالوا : نَستخير ربَّنا ، ونَبعث إليهما ، فأيُّهما سُبِق ، ترَكناه ، فأرسَلنا إليهما ، فسبَق صاحب اللحد ، فلَحَدوا للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم”.

أخرجه ابن ماجه (1557)، وقال الألباني: حسن صحيح.

وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : ” الْحَدُوا لِي لَحْدًا ، وانْصِبوا عليَّ اللَّبِن نَصْبًا ، كما صُنِع برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم” أخرجه مسلم (966).

ويجوز أن يكون القبر شقًّا ، وهو أن يُحفر القبر ، ثم يُوضع الميِّت في أسفل الحفرة ، ويُعرَّش فوقه باللَّبِن أو الخشب ونحوه ، ثم يُوضع فوقه التراب .

وعليه : فيفضل أن يُبنى جانبا القبر من اللبن ، أما وضع ما مسته النار في القبر ؛ كالإسمنت والحديد والآجر ونحو ذلك ؛ فقد كرهه طائفة من أهل العلم :

ففي “بدائع الصنائع” للكاساني (1/ 318) : ” ويكره الآجر ودفوف الخشب ، لما روي عن إبراهيم النخعي أنه قال : كانوا يستحبون اللبن والقصب على القبور ، وكانوا يكرهون الآجر ” انتهى.

وفي “المغني” لابن قدامة (3/ 435) : ” ولا يدخل القبر آجرًا ، ولا خشبًا ، ولا شيئًا مسته النار…

ويكره الآجر ؛ لأنه من بناء المترفين ، وسائر ما مسته النار ، تفاؤلا بأن لا تمسه النار ” انتهى.

وهنا بيَّن ابن قدامة رحمه الله سبب الكراهة ، وهي :  ” التفاؤل بأن لا تمسه النار ” .

وفي “تحفة المحتاج” (3/ 168) قال الهيتمي في تعريف الشق : ” وهو أن يحفر قعر القبر كالنهر ، ويبنى جانباه بلبن أو غيره ، مما لم تمسه النار ” انتهى.

والذي يظهر أنه لا كراهة في استعمال ما مسته النار في القبر إذا كان هناك حاجة إليه ؛ فإن الكراهة تزول مع الحاجة ، خاصة ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في النهي عن ذلك .

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : أشكل على بعض المسلمين إدخال اللبن الإسمنتي المتضمن للحديد والإسمنت في القبر مع الميت ، وقالوا بكراهيته ؛ لأنه متضمن لما مسته النار ، ولقد بحثت في مظان الكتب عن دليل تلك الكراهة ولم أقف عليه حتى الآن ، فآمل من سماحتكم -جزاكم الله خيرا- إفادتنا عن حكم إدخالها في القبر مع الميت والاستمرار على ذلك ؛ لأنه أسهل على الناس أو تغييرها إلى اللبن الطيني ؟ علما بأن عملها موكل إلى متعهد .

فأجابت : ” إذا كان يوجد لبن من الطين القوي ، فإنه أولى بالاستعمال في سد اللحد من اللبن الإسمنتي .

وإذا لم يوجد اللبن من الطين أو لم يتيسر إلا بكلفة ، فلا بأس باستعمال اللبن الإسمنتي في القبر ؛ لأنه لا دليل على المنع ” انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة – 2” (7/ 310) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :  ما حكم وضع البلك في القبر بدلاً من اللبن الطين ؟

فأجاب : ” وضع اللبن أفضل من وضع البلك ؛ لأن البلك قد مسته النار ، وقد كره بعض العلماء أن يكون في القبر شيء مما مسته النار .

لكن إن كان هناك حاجة إلى البلك ، مثل أن يكون اللبن يتفتت ، ولا يصمد للتراب الذي يهال عليه : جاز وضع البلك موضعه ” انتهى من “مجموع فتاوى ورسائل العثيمين” (17/ 399).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android