هل يصح للإنسان أن يرقي قلبه بأن يضع يده على صدره موضع القلب ، ويتلو من آيات الله ودعاء الرسول وما ورد عن السلف بنية رقية القلب وتحصينه من الفتن والتقلبات وكل أمراض القلوب؟
هل تصح رقية القلب من الشهوات والشبهات؟
السؤال: 302793
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
صلاح القلب يترتب عليه صلاح البدن كله ، وفساده يترتب عليه فساد البدن كله .
فعَنْ النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ) رواه البخاري (52) ، ومسلم (1599).
وصلاح القلب يكون بالعلم النافع وهو العلم بكتاب الله تعالى ، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة رضي الله عنهم ، وأئمة أهل السنة من بعدهم ، والعمل الصالح، والتضرع إلى الله تعالى طلبا للهداية والثبات عليها.
فإن وضع المسلم يده على صدره، كما يضع يده على موضع الألم ثم يدعو الله تعالى بأن يطهره من الشهوات والشبهات ويقيه القسوة والغفلة، ويقرأ ما يناسب ذلك من الآيات والأدعية الثابتة.
فلم نقف على كلام لأهل العلم ينهى عنه، ولم نقف أيضا على كلام صريح في إباحة هذه الرقية بصفتها الخاصة المعروفة ، من أمراض القلب، كالشهوات، والحسد ، والغل ، ونحو ذلك:
وقد روى الإمام أحمد في “المسند” (36 / 545)، والطبراني في “المعجم الكبير” (8 / 190) من حديث حَرِيز بْن عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ:
” إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا!
فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ ، فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ! مَهْ!
فَقَالَ: (ادْنُهْ!) فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا “. قَالَ: فَجَلَسَ.
قَالَ: ( أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟ ) قَالَ: لَا. وَاللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ ، قَالَ: (وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ…)
قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: ( اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ) قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ ) واللفظ للإمام أحمد، وفي لفظ الطبراني: ( فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ، وَقَالَ: (اللهُمَّ كَفِّرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ ).
والحديث صححه محققو المسند، والشيخ الألباني في “السلسلة الصحيحة” (1 / 712).
فقد يقال: إن هذا من باب الرقية المذكورة، وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم على صدره ، وهو يدعو له ، كما يضع الراقي يده على موضع الألم، أو على رأس المريض، وهو يرقيه .
فعلى ذلك ، لا بأس من فعل ما يشبهه ، من رقية القلب بذلك .
وقد يقال، وهو الأقرب: إن ذلك لم يكن على وجه الرقية ، ووضع اليد على موضع الألم ، على ما هو معروف في الرقية ، وإنما دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، ووضع يده ، ليسكن صدره ، وتهدأ نفسه ، ببركة يد النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعائه .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ، يدعو بزكاة النفس، وطهارة القلب، ويعلم الناس ذلك ، ولم يؤثر عنه أنه علم أحدا أن يفعل ذلك ، أو يضع يده على موضع قلبه ، عند الدعاء، كما شرع لهم ذلك في رقية البدن .
وفي ملازمة الدعاء بطهارة القلب، والأخذ بأسباب ذلك، من التوبة والاستغفار، والإكثار من تلاوة القرآن وتدبره ، وذكر الله جل جلاله ، آناء الليل، وأطراف النهار ، وتطهيره من مواد الغل، والفساد فيه = ما هو خير وبركة، وأنفع للعبد من ذلك، إن شاء الله .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب