ابني الكبير في كلّ مرّة يخبرني بأنّه يحبّني ، فأردّ عليه أحبّك الله الذي أحببتني له ، فما حكم الإكثار من هذه الكلمة ؟ ولو أنّ بنتي قالت لي هذه الكلمة لما أنزعجت كما أنزعج عندما يكثر منها ابني ، أرى بأنّ الصبي لابدّ أن يكون أكثر جديّة ، فما الحكم الشرعي في المسألة ؟ وكذلك نظرة الجانب الأخلاقي ؟
إخبار الابن محبته لأبيه ، هل تنافي الجدية ؟
السؤال: 304836
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إن محبة الولد لأبيه نعمة من الله تستحق الشكر ، ودليل على توفيق الله تعالى للوالد في تربية ولده ، وهي محبة طبيعية يختلف الناس في التعبير عنها .
وليس في الإخبار بالمحبة عيب ولا حرج ، فقد ندبنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك ، كما في الحديث : عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ ، وَقَدْ كَانَ أَدْرَكَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ رواه أبو داود (5124) وغيره ، وصححه الألباني.
وعن أبي إدريس الخولاني؛ أنه قال: ” دخلت في مسجد دمشق ، فإذا فتى شاب براق الثنايا وإذا الناس معه ، إذا اختلفوا في شيء، أسندوا إليه ، وصدروا عن قوله. فسألت عنه، فقيل: هذا معاذ بن جبل.
فلما كان الغد، هجرت ، فوجدته قد سبقني بالتهجير ، ووجدته يصلي ، قال : فانتظرته حتى قضى صلاته ، ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه ، ثم قلت : والله إني لأحبك لله .
فقال: آلله ؟
قال، فقلت: آلله ، فقال : آلله؟ فقلت : آلله.
قال: فأخذ بحبوة ردائي فجبذني إليه. وقال: أبشر. فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين في ، والمتجالسين في ، والمتزاورين في. والمتباذلين في رواه ” مالك في الموطأ ” (3507).
وفي ” مسند الإمام أحمد ” (12522) عن أنس : ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبله نساء وصبيان وخدم جائين من عرس من الأنصار، فسلم عليهم وقال: ( والله إني لأحبكم )” .
وفي سنن ” أبي داود : (1522) عن معاذ بن جبل : ” أن رسول صلى عليه وسلم أخذ بيده ، وقال: يا معاذ، والله إني لأحبك، والله إني لأحبك ، فقال: أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك .
وقال الشافعي للربيع بن سليمان : ( ما أحبك إلى ) ، انتهى من ” طبقات الشافعية للسبكي ” (2/ 134).
فالحاصل أن الإخبار بالمحبة لا حرج فيها ولا عيب .
والأصل أن تبادل هذا الولد محبته ، وأن تقترب منه ، لا أن تجفوه وتبتعد عنه ، وتربيته على الجدية تكون بإشراكه في القرارات ، وتحميله المسؤولية مع التوجيه والنصح .
فعن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ” قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ رواه ” البخاري ” (5997) .
وانظر جواب السؤال رقم : (10016).
وانظر هذا المقال ففيه فائدة لك : http://bit.ly/2YQ7t7u
ولا يظهر لنا في هذا القول، بمجرده ، ولا حتى في الإكثار منه : ما ينافي الجدية ، والصلابة في مواجهة الحياة ؛ فإن أمر الجدية، أو عدمها : ليس مقياسه ذلك ، بل تحتاج إلى أن تنظر إلى سلوكه العام في الحياة، وحسن تصرفه ، ومواجهته لمشكلات الحياة، وتحمله لصعابها، وكيف يتصرف في مواقف الشدة ، والأزمات ، والضيق.
وهذا كله يحتاج منك إلى أن تراعي ذلك في تربيته، وتدع له مساحة مناسبة لسنه وقدراته، في تحمل المسؤلية ، واتخاذ القرار، وتحمل عاقبة اختياره بنفسه ، ولا يكون شخصا اتكاليا ، اعتماديا على والده ، أو على غيره .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة