سمعت من شخص أن الأذان الثاني من صلاة الجمعة يكون أسرع من الوتيرة الطبيعية للأذان الأول ، فهل هناك أيّ أساس لهذا في المذهب الحنفي أو في المذاهب الثلاثة الأخرى ؟
هل الأذان الثاني للجمعة يكون بالحدر؟ أو بالترسل؟
السؤال: 315644
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الذي عليه عمل المسلمين هو الترسل والتمهل في الأذان، والحدر والإسراع في الإقامة.
قال النووي رحمه الله في “شرح المهذب” (3/108) :
” (والمستحب أن يترسل في الأذان ويدرج الإقامة… ولأن الأذان للغائبين فكان الترسل فيه أبلغ، والإقامة للحاضرين ، فكان الإدراج فيها أشبه…).
الشرح:
هذا الحكم الذي ذكره متفق عليه، وهكذا نص عليه الشافعي في “الأم” ، قال: وكيفما أتى بالأذان والإقامة: أجزأ ؛ غير أن الاختيار ما وصفت. هذا نصه، واتفق أصحابنا على أنه يجزيه كيف أتى به ” انتهى من “المجموع” (3 / 108).
وقال شمس الدين السرخسي رحمه الله تعالى:
” قال: “ويترسل في الأذان ويحدر في الإقامة”… ولأن المقصود من الأذان الإعلام ، فالترسل فيه أبلغ في الإعلام، والمقصود من الإقامة : إقامة الصلاة ، فالحدر فيها أبلغ في هذا المقصود.
قال: (فإن ترسل فيهما ، أو حدر فيهما ، أو ترسل في الإقامة وحدر في الأذان : أجزأه) ، لأنه أقام الكلام بصفة التمام ، وحصل المقصود وهو الإعلام ؛ فترْكُ ما هو زينة فيه: لا يضره ” انتهى من “المبسوط” (1 / 131).
وأذان الجمعة الثاني لا يخرج عن هذا الحكم، فهو الأذان الوحيد الذي كان للجمعة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولم يرد أنه صلى الله عليه وسلم أمر المؤذن أن يسرع فيه ، ولا يتمهل.
وهكذا، لما أمر عثمان رضي الله عنه بالأذان على الزوراء، مكان بالسوق، لم يرد أنه أمر بالإسراع في الأذان الثاني للجمعة، ولا في الأذان الذي أمر به .
عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: ” كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الإِمَامُ عَلَى المِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَثُرَ النَّاسُ، زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ ” رواه البخاري (912)، وقَالَ: ” الزَّوْرَاءُ: مَوْضِعٌ بِالسُّوقِ بِالْمَدِينَةِ “.
قال الشيخ ابن قاسم رحمه الله تعالى:
” فإنه صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر جلس، وأخذ بلال في الأذان، فإذا كمله أخذ صلى الله عليه وسلم في الخطبة من غير فصل، وهذا مستفيض ثابت من غير وجه، واستمر عمل المسلمين عليه، وفي الصحيح وغيره: وكان التأذين يوم الجمعة، حين يجلس الإمام…
ولا نزاع في مشروعية الأذان عقب صعود الإمام المنبر، ولا يجوز تركه، قال في الإنصاف: بغير خلاف. وهو الذي يمنع البيع، ويلزم السعي، لأنه الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حين نزول آية ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ ) ؛ فتعلقت الأحكام به ” انتهى من “حاشية الروض المربع” (2 / 453 – 454).
” انتهى.
فمادام هذا الأذان تتعلق به أحكام صلاة الجمعة ، فهو كأذان الصلوات الخمس في الصفة، ولم نقف لأهل العلم على كلام يخالف هذا.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب