ما هو الحكم على الرجال والنساء الذين يعطون ملابسهم الداخلية وحمالات الصدر وغيرها لغسلها من قبل الخادمات/ الخدم، ثم يعلقونها مع جميع الملابس الأخرى في الخارج حيث يمكن للجميع رؤيتها؟
ما حكم نشر الملابس الداخلية المغسولة أمام الناس؟
السؤال: 315730
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
من أهم الأخلاق التي جاء الإسلام بتثبيتها في نفوس الناس؛ خلق الحياء، لما له من عظيم الأثر على إيمان المسلم وصلاحه.
فعَنْ يَعْلَى بن أمية: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ) رواه أبو داود (4012)، وصححه الألباني في “إرواء الغليل” (7/367).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ) رواه البخاري(24)، ومسلم(36).
قال ابن بطال رحمه الله تعالى:
” معناه أن الحياء من أسباب الإيمان وأخلاق أهله.
وذلك أنه لما كان الحياء يمنع من الفواحش، ويحمل على البر والخير، كما يمنع الإيمان صاحبه من الفجور، ويقيده عن المعاصى ويحمله على الطاعة؛ صار كالإيمان، لمساواته له فى ذلك ” انتهى من “شرح صحيح البخاري” (9/298).
وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ، إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ) رواه البخاري (3484).
قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
” وقوله: (إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ): في معناه قولان: أحدهما: أنه ليس بمعنى الأمر أن يصنع ما شاء، ولكنه على معنى الذم والنهي عنه، وأهل هذه المقالة لهم طريقان …
والطريق الثاني: أنه أمر، ومعناه الخبر، والمعنى: أن من لم يَسْتَحِ ، صنع ما شاء، فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء، فمن لم يكن له حياء، انهمك في كل فحشاء ومنكر، وما يمتنع من مثله من له حياء، على حد قوله صلى الله عليه وسلم: ( من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار )، فإن لفظه لفظ الأمر، ومعناه الخبر، وأن من كذب عليه تبوأ مقعده من النار. وهذا اختيار أبي عبيد القاسم بن سلام رحمه الله، وابن قتيبة، ومحمد بن نصر المروزي، وغيرهم، وروى أبو داود عن الإمام أحمد ما يدل على مثل هذا القول” انتهى من “جامع العلوم والحكم” (1/ 497- 498).
ويتولد عن هذا الخلق، خلق عظيم وهو خلق الغيرة.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
” أصل الدين الغيرة، ومن لا غيرة له، لا دين له.
فالغيرة: تُحمي القلب، فتَحْمَى له الجوارحُ، فتدفع السوء والفواحش.
وعدمُ الغيرة يميت القلب، فتموت الجوارح، فلا يبقى عندها دفع البتة.
ومَثلُ الغيرة في القلب، كمثل القوة التي تدفع المرض وتقاومه، فإذا ذهبت القوة وجد الداءُ المحل قابلا، ولم يجد دافعا، فتمكّن، فكان الهلاك. ومَثلُها مثل صياصي الجاموس التي يدفع بها عن نفسه وولده، فإذا كُسِرَت طمع فيه عدوّه ” انتهى من “الجواب الشافي” (ص 168).
ولا شك أن عرض المسلم لملابسه وملابس نسائه الداخلية، أمام أعين الناس من خدم ومارّة وجيران؛ يخدش خلق الحياء والغيرة؛ كما أنه يجرّئ على عرضه مرضى القلوب الذين يرون هذه الملابس فيقعون في عرضه بالغيبة والسخرية وربما التحرّش.
فينبغي للمسلم أن يبتعد عن هذا الصرف، وليحرص على التخلق بالحياء الكامل، والغيرة الكاملة المحمودة .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب