0 / 0

حكم رسم القصص التعليمية المشتملة على صور ذوات الأرواح للأطفال والبالغين

السؤال: 315944

ما حكم العمل في مجلة تحتوي قصصًا مرسومة لتعليم المراهقين واليافعة اللغة العربية ، وهي تحتوي علي رسومات كارتونية واضحة الملامح ، تشمل العين والرأس والجسم كاملاً ، لذوات الأرواح ، وقصصا مصورة ، ورسما لشخصيات شعراء العرب ونحو ذلك ، هي مجلة مطبوعة مشهورة جدًا في العالم العربي تسمى مجلة الضاد – تعلم النحو والشعر بصورة ماتعة ، نويستفيد منها الأطفال والبالغون، فما حكم العمل بها ؟ وما حكم المال المأخوذ منها ؟ وهل العمل بتنسيق القصص والرسوم يكون مختلفا في الحكم عن العمل بالكتابة في المجلة ؟ أي إن كانت المجلة محرمة فهل يمكنني كتابة مقالات بها فقط ؟ مع العلم أن المجلة تُنشر وتباع جملة واحدة شاملة للكتابة والرسوم سويا.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

لا يجوز رسم صور ذوات الأرواح؛ لما ثبت من لعن المصورين وذمهم، في نصوص كثيرة مشهورة، ومنها ما روى البخاري (2225) عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ” إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ ، إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي ، وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لاَ أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (مَنْ صَوَّرَ صُورَةً، فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا) فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً، وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ، فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ، كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ ” .

ورواه مسلم (2110) بلفظ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ، يَجْعَلُ لَهُ، بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا، نَفْسًا فَتُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ  وقَالَ: إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَاصْنَعِ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ “.

لكن يستثنى من ذلك:

1-أن ترسم هذه الصور للأطفال ، أو يرسمها الأطفال ، لأنه إذا رُخص لهم في الصور المجسمة كلعب البنات ، فالرسم من باب أولى.

وأما رسم ذلك للبالغين ، أو رسمهم هم لذلك ، أو رسم ما لا يحتاجه الأطفال كصور الشعراء ، فباق على أصل التحريم.

وقد روى أبو داود (4932) عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: ” قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن غَزْوَةِ تَبُوكَ أو خيبر، وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ، فَهَبَّت رِيحٌ ، فَكَشَفَت نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَن بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ، لُعَب ، فَقَالَ:  مَا هَذا يَا عَائِشَةُ؟  قَالَت: بَنَاتِي ، وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَه جَنَاحَانِ مِن رِقَاعٍ. فَقَال:  مَا هَذَا الذِي أَرَى وَسطَهن؟   قَالت: فَرَسٌ. قَالَ: وَمَا هَذا الذي عَليه؟   قَالَت: جَنَاحَانِ. قَالَ:  فَرَسٌ لَه جَناحانِ؟! قَالَت: أَمَا سَمِعتَ أَنَّ لِسُلَيمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ؟! قَالَت: فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيتُ نَوَاجِذَه” وصححه العراقي في ” تخريج الإحياء ” (2/344) والألباني  في “صحيح أبو داود”.

قالَ الحافظُ ابنُ حجر رحمه الله :

” استُدلَّ بهذا الحديثِ على جوازِ اتخاذِ صورِ البناتِ واللعب ، من أجلِ لَعِبِ البناتِ بهن ، وخُصَّ ذلك من عمومِ النهي عن اتخاذِ الصور ، وبه جزمَ عياضٌ ، ونقله عن الجمهورِ ، وأنهم أجازوا بيعَ اللعبِ للبناتِ لتدريبهن من صغرِهن على أمرِ بيوتهِن وأولادهن” .

انتهى من ” فتح الباري ” (10/527) .

2-أن تُرسم الصورة ناقصة ، كالصورة النصفية ، وقد أجاز جمهور الفقهاء رسم الصورة إذا أزيل منها ما لا تبقى معه الحياة.

قال ابن قدامة رحمه الله: ” فإن قطع رأس الصورة ، ذهبت الكراهة. قال ابن عباس: الصورة الرأس ، فإذا قطع الرأس فليس بصورة. وحكي ذلك عن عكرمة. وقد روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل، فقال: أتيتك البارحة، فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب ، فمر برأس التمثال الذي على الباب فيقطع، فيصير كهيئة الشجر، ومر بالستر فلتقطع منه وسادتان منبوذتان يوطآن ، ومر بالكلب فليخرج. ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإن قطع منه ما لا يبقي الحيوان بعد ذهابه ، كصدره أو بطنه ، أو جعل له رأس منفصل عن بدنه ، لم يدخل تحت النهي ، لأن الصورة لا تبقي بعد ذهابه ، فهو كقطع الرأس.

وإن كان الذاهب يبقي الحيوان بعده ، كالعين واليد والرجل ، فهو صورة داخلة تحت النهي.

وكذلك إذا كان في ابتداء التصوير صورة بدن بلا رأس ، أو رأس بلا بدن، أو جعل له رأس وسائر بدنه صورة غير حيوان، لم يدخل في النهي؛ لأن ذلك ليس بصورة حيوان “.

انتهى من ” المغني” (7/ 216).

ثانيا:

إذا لم تراع المجلة ذلك، ورسمت الصور المحرمة ، فالذي يظهر جواز أن تُكتب فيها المقالات النافعة، والإثم على من يرسم الصور وينشرها.

وينظر: جواب السؤال رقم : (153155) ورقم (260883) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android