0 / 0

حكم من طاف وقد انكشف شيء من عورته نسيانا وهل له تقليد الحنفية في هذه المسألة ؟

السؤال: 316028

ما حكم الطواف المرأة ، إذا انكشف ذراعاها من العباءة في الطواف ، وقد كانت ناسية أن أصل صحة الطواف شرط ستر العورة ، وإذا رجعت لمدينتها فماذا يلزمها ؟ وما حكم الأخذ بأقوال الأحناف حيث إنهم لا يشترط عندهم ستر العورة ، وبعض العلماء من قالوا : بأن العمل بالقول المرجوح بعد وقوع الأمر وصعوبة التدارك مما سوغه كثير من أهل العلم ، لأني أنا إنسانة موسوسة ، ولكن أنا متأكدة أني لم أستر عورتي ، ولكن جاءني ضمير أني لازم أذهب للعمرة ، ولكن لا أستطيع ؛ لأنه ليس لدي محرم ، وإذا ذهبت يأتيني وساوس أكثر وأتعب أكثر ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن ستر العورة شرط لصحة الطواف، خلاف لأبي حنيفة رحمه الله.

قال النووي رحمه الله: “ستر العورة شرط لصحة الطواف عندنا، وعند مالك وأحمد والجمهور. وقال أبو حنيفة: ليس بشرط.

دليلنا الحديث الذي ذكره المصنف (لا يطوف بالبيت عريان)، وهو في الصحيحين كما سبق.

وعن ابن عباس قال: (كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة، وتقول: اليوم يبدو كله أو بعضه فما بدا منه فلا أحله) فنزلت (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) رواه مسلم” انتهى من “المجموع” (8/ 19).

وذهب الحنفية أن هذا الستر واجب، وليس شرطا.

قال في “بدائع الصنائع” (2/ 129) : ” وأما ستر العورة، فهو مثل الطهارة عن الحدث، والجنابة؛ أي إنه ليس بشرط الجواز، وليس بفرض ، لكنه واجب عندنا ، حتى لو طاف عريا فعليه الإعادة ما دام بمكة ، فإن رجع إلى أهله فعليه الدم” انتهى.

واستدلوا بقوله تعالى: (وليطوفوا بالبيت العتيق)الحج/29 ، قالوا: أمر بالطواف مطلقا عن شرط الستر؛ فيجرى على إطلاقه.

وأجابوا عن قول ابن عباس: “الطواف بالبيت صلاة”؛ بأنه “يحمل على التشبيه ، كما في قوله تعالى: وأزواجه أمهاتهم [الأحزاب: 6] ؛ أي: كأمهاتهم . ومعناه: الطواف كالصلاة ، إما في الثواب ، أو في أصل الفرضية في طواف الزيارة؛ لأن كلام التشبيه لا عموم له ، فيحمل على المشابهة في بعض الوجوه ، عملا بالكتاب والسنة. أو نقول: الطواف يشبه الصلاة، وليس بصلاة حقيقة، فمن حيث إنه ليس بصلاة حقيقة لا تفترض له الطهارة، ومن حيث إنه يشبه الصلاة: تجب له الطهارة، عملا بالدليلين بالقدر الممكن” انتهى.

ثانيا:

من انكشفت عورته في الطواف ، فبادر إلى سترها دون تفريط، صح طوافه، وبنى على ما سبق.

قال النووي رحمه الله: ” فمتى انكشف جزء من عورة أحدهما بتفريطه : بطل ما يأتي بعد ذلك من الطواف.

وأما ما سبق منه: فحكمه في البناء ، حكم من أحدث في أثناء طوافه . وسنوضحه في آخر أحكام الطواف حيث ذكره المصنف إن اشاء الله تعالى. والمذهب أنه يبني.

وإن انكشف بلا تفريط ، وستر في الحال : لم يبطل طوافه ، كما لا تبطل صلاته” انتهى من “المجموع” (8/ 16).

ثالثا:

إذا حصل الكشف منك غلطا، أو نسيانا، واستدركت حينما تذكرت، وسترت ما انكشف ، فلا شيء عليك، كما سبق بيانه؛ فليس في النسيان تفريط .

لكن إن انتبهت، وفرطت في الستر: فقد أسأت ، ويلزمك إعادة الطواف، في حالة التفريط.

فإن شق عليك الرجوع إلى مكة لإعادة الطواف، فلك الأخذ بمذهب الحنفية، فإنه يجوز الأخذ بالقول المرجوح بعد الوقوع ، وتعذر التدارك ، دفعا للحرج عن المكلف .

قال السبكي رحمه الله: ” يجوز التقليد للجاهل ، والأخذ بالرخصة من أقوال العلماء بعض الأوقات ، عند مسيس الحاجة ، من غير تتبع الرخص .

ومن هذا الوجه يصح أن يقال : الاختلاف رحمة ، إذ الرخص رحمة” انتهى من “الإبهاج في شرح المنهاج “(3/ 19).

وفي “حواشي الشرواني على تحفة المحتاج” (4/ 142): ” قال الشيخ منصور الطبلاوي: سئل شيخنا سم [وهو ابن قاسم العبادي] عن امرأة شافعية المذهب ، طافت للإفاضة بغير سترة معتبرة، جاهلة بذلك ، أو ناسية، ثم توجهت إلى بلاد اليمن ، فنكحت شخصا ، ثم تبين لها فساد طوافها ، فأرادت أن تقلد أبا حنيفة لتصير به حلالا ، وتتبين صحة النكاح ، وحينئذ: فهل يصح ذلك ، ويتضمن صحة التقليد بعد العمل؟

فأفتى بالصحة ، وأنه لا محذور في ذلك .

ولما سمعت عنه ذلك اجتمعت به، فإني كنت أحفظ عنه خلافه في العام الذي قبله ، فقال: هذا هو الذي اعتقده، وأفتى به بعض الأفاضل أيضا تبعا له، وهي مسألة مهمة كثيرة الوقوع، وأشباهها.

ومراده بأشباهها: كل ما كان مخالفا لمذهب الشافعي مثلا، وهو الصحيح على بعض المذاهب المعتبرة، فإذا فعله على وجه فاسد عند الشافعي، وصحيح عند غيره، ثم علم بالحال؛ جاز له أن يقلد القائل بصحته فيما مضى، وفيما يأتي، فتترتب عليه أحكامه؛ فتنبه له، فإنه مهم جدا، وينبغي: أن إثم الإقدام باق، حيث فعله عالما ع ش [أي علي الشبراملسي]” انتهى.

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في “الفتاوى” (2/ 21): ” المسأَلة الخلافية، إِذا وقعت فيها الضرورة، ما هي بشهوة، جاز للمفتي أَن يأْخذ بالقول الآخر من أَقوال أَهل العلم الذي فيه الرخصة” انتهى.

ويتأكد جانب الرخصة في مثل ذلك ، في حق من ابتلي بالوسواس ، كما ذكرت من حالك، فإنها يخشى أن يكون أصل ذلك وسوسة ، لا أنه انكشف منها شيء حقيقة، أو يعاودها الوسواس فيما تعيده من الطواف ، ويتسلسل الأمر، فكان في الأخذ بمثل هذه الرخصة ملاءمة لحالها، وتخفيفها عليها من آصار الوسواس، ومشقته عليها.

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (229193)  .

رابعا:

يجب على المرأة ستر ذراعيها عن الرجال الأجانب، فلا يجوز لك التفريط في هذا، لا في الطواف ولا خارجه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android